الأخبارالشرق الأوسط

عبر مشاريع تربوية وإعلامية.. الكويت تخوض حرباً على المخدرات تستدعي “منظومة القيم”

مازن الخلف

عبر مشاريع تربوية وإعلامية.. الكويت تخوض حرباً على المخدرات تستدعي “منظومة القيم”

تخوض الكويت الآونة الأخيرة حرباً شعواء ضد مهربي المخدرات، فلا تكاد تمضي أيام حتى تعلن الجهات المختصة عن ضبط كميات كبيرة من هذه الممنوعات في منافذ البلاد البرية والبحرية والجوية.

وتكثف الحكومة جهودها -بالتنسيق مع الجهات المعنية محلياً ودولياً- للكشف عن هذه الجرائم وتعقب مرتكبيها وضبطهم، وجمع كل ما يتعلق بها من معلومات وأدلة إثبات، فضلا عن التعاون مع الجهات المختصة في دراسة هذه المشكلة، للحد من انتشارها والآثار المترتبة عليها وذلك من خلال برامج الوقاية المتنوعة.

end of list

وخلال سبتمبر/أيلول 2022، أثمر التعاون والتنسيق المشترك بين وزارتي الداخلية الكويتية واللبنانية عن ضبط مليون حبة كبتاغون قبل تهريبها إلى الكويت.

هجمة شرسة

الخبير الأمني اللواء المتقاعد حمد السريّع، اعتبر أن البلاد تتعرض لهجمة واضحة الآونة الأخيرة من قبل عصابات تهريب المخدرات، وذلك من خلال محاولة إدخال 3 أنواع: الكيميكال والشبو والهيروين.

ضبط كميات من المواد المخدرة المتنوعة
ضبط كميات كبيرة من المواد المخدرة في أشكال مختلفة (الصحافة الكويتية)

وأوضح الخبير أن مخدر “الكيميكال” مثلا بات يصل إلى الكويت من بلدان شرق آسيا، مشددا على أن هذا يمثّل مشكلة كبيرة، إذ إن القوانين الكويتية لا تدرج سوى ألف و500 مادة يعاقب عليها القانون فقط، بينما يبلغ عدد المواد الفعالة في “الكيميكال” نحو 3 آلاف و500 مادة، منادياً بضرورة الإسراع في إدراج جميع مكونات “الكيميكال” ضمن المواد التي يعاقب عليها القانون.

ولفت اللواء المتقاعد إلى أنه “الشبو” باتت تنتج في مناطق قريبة من الكويت جغرافياً، وتصل كميات منها عبر العراق وإيران. أما الهيروين، فتأتي بوتيرة متسارعة من بعض دول شرق آسيا، في هجمات منظمة وخطرة على الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي.

وأضاف الخبير السريّع في حديثه للجزيرة نت أن الأجهزة المعنية بالكويت مثل جهاز مكافحة المخدرات وخفر السواحل والإدارة العامة للجمارك، والعديد من الأجهزة الأخرى، بدأت تبذل جهوداً مضاعفة بإشراف مباشر من وزير الداخلية الشيخ طلال الخالد الذي يتابع باهتمام كبير ويركز على هذه القضية لخطورتها.

 

وأوضح أن هناك حاجة لقوانين وتشريعات وقرارات حكومية أكثر لمواجهة هذه الآفة، منها تزويد المنافذ والأجهزة والموانئ بأحدث الأجهزة للكشف عن المخدرات وزيادة المنظومة الرادارية لتغطي جميع المياه الإقليمية والاقتصادية للكويت لمنع المهربين والمتسللين، كما أن هناك حاجة إلى إنشاء العديد من المراكز الصحية والمستشفيات لعلاج المدمنين، مشددا على أن هذه الإجراءات السريعة ستؤدي إلى تخفيض مشكلة المخدرات سواء بالتهريب أو التعاطي.

حماية المجتمع

ومن أجل العمل على حماية المجتمع الكويتي والتصدي لهذه المخاطر، يلعب مشروع “غراس” -الذي تأسس عام 1999- دوراً كبيراً للتوعية من مخاطر المخدرات.

ويعد “غراس” مشروعا إعلاميا توعويا يهدف لتعزيز منظومة القيم المرتبطة بمكافحة المخدرات، والتي تم إعدادها بواسطة أطباء وأساتذة بجامعة الكويت، عبر حملات إعلامية وإعلانية مصممة بشكل علمي مدروس، كما يعد المشروع نتاجاً للتحالف والشراكة بين المؤسسات الحكومية والأهلية والقطاع الخاص التي التقت إرادتها جميعاً على ضرورة تنسيق جهودها لمواجهة آفة المخدرات.

وفى هذا الإطار، يوضح الرئيس التنفيذي لمشروع “غراس” الدكتور أحمد الشطي أن الدور التوعوي للمشروع يهدف إلى بناء سور قيمي يحمي المجتمع من آفة المخدرات، وتكوين مصدر توعوي طويل الأمد يحقق مفهوم الاستمرارية في التأثير الوجداني، وصياغة خطاب إعلامي جديد يحاكي طبيعة الشرائح المستهدفة وعوامل التأثير فيها.

د. أحمد الشطي -الصحافة الكويتية
دكتور أحمد الشطي: مشروع غراس التربوي يختص بطلبة المدارس في المراحل التعليمية الثلاث (الصحافة الكويتية)

وتابع الشطي “المشروع يركز أيضا على توفير إدارة علمية للمجتمع تمكنه من قياس قدرته على حل مشكلة المخدرات، وإيجاد مرجعية معرفية لأفراد الأسرة تمكنهم من التعامل مع المشكلة والتصدي لها مبكراً، وتحقيق البعد التكاملي بين الجهد الرسمي والأهلي في مواجهة المخدرات، وأيضاً إبراز دور الجهات الأهلية المتصدية لمشكلة المخدرات”.

وأوضح للجزيرة نت أن وسائل المشروع في توصيل رسائله، إلى مختلف الشرائح المجتمعية، تتضمن عدة مشاريع إستراتيجية مثل مشروع “غراس التربوي” ويختص بطلبة المدارس في المراحل التعليمية الثلاث، ومشاريع تختص بطلبة الجامعات والمعاهد التطبيقية، والعاملين في الصحف والإعلام، وبمواضيع التكنولوجيا والإنترنت ومواقع التواصل، وكذلك ما يختص بالمرأة والأنشطة الشبابية والمعسكرات والمخيمات والأندية.

ولفت الدكتور الشطي إلى أن “غراس” أطلق العديد من برامج التوعية، مثل “وأنا بعد وياكم، أمور قد تبدو صغيرة، الهواية حماية، معلمي سر تميزي” وغيرها.

وتابع أنه يتم الترويج للمشاريع من خلال إطلاق الحملات الإعلانية القيمية في وسائل الإعلام المتنوعة، إعلانات الطرق، الرسائل النصية، وسائل التواصل، إضافة لفعاليات المدارس والجامعات والمعاهد التطبيقية والأندية الرياضية والمجمعات التجارية.

أنشطة متنوعة

كما ينظم القائمون على “غراس” عدة ملتقيات تفاعلية وورش عمل ودورات تدريبية، إضافة إلى إصدار الملاحق الصحفية الإعلامية ومجموعة من المطبوعات والبروشورات، والتواصل مع الشباب عبر المسابقات التثقيفية ونشر الفيديوهات التوعوية على مواقع التواصل.

وشدد الدكتور الشطي على أهمية التوعية بخطر هذه المواد السامة والآفة المخربة للعقول، إذ إن هناك نحو 275 مليون متعاط للمخدرات على مستوى العالم، حسب إحصائيات عام 2021، ونحو نصف مليون حالة وفاة بسبب تعاطيها عام 2019.

وأضاف أن الأرقام التي يشهدها العالم حول الإدمان تحتاج للنظر إليها بجدية واهتمام، وأن الكويت ليست استثناء، مشيراً إلى أن مكافحة المخدرات والقضاء عليها يحتاجان إلى تكاتف الجميع وإعداد البرامج الوقائية والتأهيلية والعلاجية.

وكان الشطي قد أشار، في مؤتمر علمي عُقد في البلاد يونيو/حزيران 2022، إلى تزايد الأرقام بالكويت المسجلة في مواقع الملفات النشطة بمركز علاج الإدمان وملفات الشرطة والقضايا الإجرامية ذات العلاقة بملفات وزارة العدل والضبطيات التي تتم من قبل رجال الداخلية أو المنافذ الحدودية. كما كشف أن أكثر أنواع المخدرات انتشاراً وشيوعاً في البلاد هو حبوب الكبتاغون يليها الماريغوانا والحشيش، مؤكداً أن أغلب الوفيات تكون بسبب جرعة زائدة من مادة “البنزوديازيبين” منفردة أو مخلوطة مع “الهيروين”.

وختم بأن الإدارة العامة للأدلة الجنائية قدمت خلال المؤتمر الدولي الـ 37 ورقة علمية بعنوان “إدمان المخدرات بين تحديات المواجهة ومتطلبات إعداد التأهيل” الذي نظمه مشروع “غراس” بالتعاون مع المنظمة الدولية لتمكين المرأة وبناء القدرات وفريق “مدربون كويتيون بلا حدود” في يونيو/حزيران الماضي، تشير الورقة إلى وجود نحو 24 ألف حالة تم التحقيق فيها، بين كلٍ من الإدارة العامة للأدلة الجنائية وإدارة مكافحة المخدرات والطب الشرعي، مشيراً إلى أن الجهات المختصة سجلت 9787 قضية جلب وحيازة واتجار في آخر 5 سنوات.

المصدر : الجزيرة

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى