مقالات

عبدالوهاب أزرق يكتب : حكامة الخرطوم.. خطيب الفشقة .. و مصالحة اركو مناوي

مداد الغبش
عبد الوهاب ازرق

حكامة الخرطوم.. خطيب الفشقة .. و مصالحة اركو مناوي

وتشاء الأقدار وتأبى الظروف إلا أن احضر عيد الأضحى المبارك هذا العام بأم درمان ، واشاهد الفرق بين عيد الارياف والبوادي والمدن .
وتقول قريبتي كراعك خضرا علينا ، جبت لينا المطر والرزاز في العيد . الطقوس ياها زاتها في الشواء والشطة وام فتفت ، وان تفتقد لمة الجيران والأحباب في ضرا الحلة ، والصواني المحملة بالطلبات ، والنفاج يحمل الزاد للجيران في تكافل مجتمعي عنوان الإخاء راسخ منذ الأزل .

مع البعد عن الأهل و الدلنج المدينة العروس ، كان التناجي ومؤانسة الأهل والاصدقاء والزملاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، وما لفت انتباهي ثلاث فيديوهات متداولة في مجموعات الواتساب ، تلاقت في التنادي للتعايش السلمي ، والانصهار المجتمعي ، والتصافي ، نبذ الجهوية والعصبية والحزبية ، والالتفاف حول الوطن والوطنية لبناء الدولة السودانية ، والدعوة إلى وحدة الضمير السوداني ، والوقوف ضد أعداء البلاد ، والبعد عن التشتت ، ومناهضة خطاب الكراهية ، النداء إلي المصالحة الوطنية الخالصة لبناء الدولة السودانية .

بإحدى ساحات الخرطوم وقفت حكامة بثوبها الأبيض فعطرت ساحة تلاقى الجموع بعبارات شدة الحضور وتفاعلوا مع المعاني التي صدحت بها ، نحتاجها اليوم جمعينا ، وتاكد أن المجتمع قادر على تحريك معاني السمحة لنعيش في سلام ، والمرأة هي حاملة مشعل التغيير .
كانت مفردات حكامة الخرطوم صادقة ونابعة من وجدان حي ينطق قولا سمحا ، عندنا قالت
يا اخوانا نرجع الي الله قال والرسول قال
الفتنة اشد من القتل
دم المسلم القاتل والمقتول كلهم في النار
وفي مقطع اخر تقول
انا حكامة قوية
لموا وارفضوا الحزبية والقبلية
حتى الشايل الخلا والحامل البندقية
كلنا سودانوية ، نجتمع نناقش مشاكلنا السياسية
مشاكلنا المجتمعية ، التنموية ، مشاكلنا الخارجية والداخلية
نصفي النية ، نوحد القضية ، ننزع العصبية ، وتبقى البلاد حميمية
واضافت الحكامة
الفتن هاوية كبيرة
لازم نبراها ما نقع جواها
ديل ما يجروا يمين
وديل ما يجروا شمال
عشان ما نقطع الجنزير
ارسلت رسائلها بكل عفوية ، إمرأة تريد الخير لوطنها وتناهض خطاب الكراهية .

ولعل خطيب الفشقة الرقيب بالقوات المسلحة السودانية ، الذي خطب في صلاة العيد بالفشقة ، كان خطيبا مفوها ، مزج بين اللغة العامية والفصحى سرد قصة الزبيح والحوار بين سيدنا ابراهيم الخليل وابنه اسماعيل ، ووصفها بأنها قصة جهاد وكفاح واقتصاد ، وجهاد نفس ومال وكلمة ، وعرج الخطيب إلي عشق الانسان للحياة والخلود ، آملا ان الإنسان لا بد ان يعيش عزيزا ، ونحن المسلمون أمة مسلمة ، لم يسطر مجدها يراع إنسان تسيره الاهواء
ولا كتبته العصبية الي كتابة تاريخ زائف
إنما سفره وحي الله سبحانه وتعالى الي الرسول صلى الله عليه وسلم
واشار الخطيب الرقيب أن يوم العيد يوم المرحمة يوم للتصافي والتعافي والعفو ، مستشهدا بقصة الإمام الشافعي مع يونس بن محمد حينما اختلفا في مسألة فقهية ، فغضب الشافعي ، وذهب اليه يونس بن محمد بداره فقال له :( يأخي ألا يستقيم ان نكون اخوانا وإن لم نتفق في مسألة .) واضاف الخطيب نحن إخوة من جسد واحد وطينة واحدة – متمنيا ان يحفظ الله البلاد والقوات المسلحة رحابة الانوف الشم
دليل الهادي ، حماة الدين والوطن
وختم خطبته بالدعاء
نحن المسيئون قد دعوناك ان تغفر لكل المسلمين

وما لفت انتباهي أيضا مؤتمر صحفي او لقاء تلفزيوني للسيد حاكم اقليم دارفور مني اركو مناوي مجيبا على سؤال من احد الصحفيين عن المصالحة الوطنية هل تشمل النظام البائد؟
وفي رده على السؤال قال اركو مناوي كل دولة خرجت من وضع زي السودان دا ، نبدأ بالمصالحة ، مستشهدا بدول مثل راوندا وبورندي وجنوب افريقيا ، والهند ودول غرب اوروبا كتجربة إنسانية واقعية . واضاف دولة عايزة تطلع من الوضع تبدا بالمصالحات ، وزاد إذا قررت أن تكون من سكان الغابة لا بد ان تتعايش مع المرفعين
وتابع مناوي مافي زول منع توقيف المجرم والحرامي ، ومنع محاسبة المجرم بالقضاء والنيابة موجودة ، المشكلة وين ، نريد المصالحة الوطنية الكبيرة بما في ذلك المؤتمر الوطني مصالحة سودانية – سودانية ، واضاف
*ناس الشرق ما بعرفوا دارفور ، ناس دارفور ما بعرفوا الشمالية ، وناس الشمالية ما بعرفوا الجنوب ، متسائلا *والجنوب مشى ليه؟* وأجاب لسؤاله مشى لان ما حصلت مصالحة وطنية ، وزاد الحكومة الموجودة بيناتها مشاكل لازم يتصالحوا مع بعض.

فيديوهات وضعت العلاج والترياق للوضع السوداني الراهن ، وما به من منحرفات التنادي بالعصبية ، والاستقواء بالقبيلة ، وبروز عدم قبول الآخر ، والبعد عن حب الوطن ، ونحن في حاجة إلي مناهضة خطاب الكراهية ، وقبول الآخر ، وتغذية حب الوطن ، ونبذ متراكمات الماضي التي تاصلت في نفوس البعض ، فليبدا كل واحد فينا بنفسه مناهضا للعنصرية والعصبية ، مفتخرا بقواته المسلحة رمز الوحدة ، ومناديا بالتعايش لبناء سودان يسع الجميع.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى