عبدالمنعم شجرابي يكتب: ياهو ده السودان
.. استراحة الجمعة ..
عبدالمنعم شجرابي
ياهو ده السودان
*** إبان مشاركة الهلال في دورة الصداقة الأولى بمدينة أبها السعودية في العام 1997 إلتقيته مع مجموعة من السودانيين جاؤوا لزيارة البعثة .. نهاية الزيارة عرفني أنه من أم المدائن عطبرة وواصل التعريف فعرفت أخواله وعدد من أفراد أسرته وأخ له من أبيه جاورنا بحي المربعات العتيق العريق .. لم تنقطع إتصالتنا وتواصلنا لسنوات متصلة وإن كانت متقطعة
*** قبل عشرة سنوات أو أنقص منها قليلاً عاد المهندس إدريس أحمد إدريس إلى البلاد نهائياً بكل شهامة ونخوة ورجولة ومروءة الإنسان السوداني وبخصوصية في قضاء حوائج الناس وإدريس من عباد خصهم الله بها
*** في الموعد المضروب بيننا ولأمر يخص طرف ثالث حضر كعادته هاشاً باشاً متفائلاً وبينما أنا أجري المحادثات التلفونية التمهدية للمعاملة المطلوبة شاهد ما لم أشاهد وأوقف سيارته ونزل سريعاً طالباً مني تجنيبها
*** نفذت ما طلب وترجلت مكان ما سبقني كان المشهد إمرأة ستينية ظهرها على الحائط وأرجلها على الأرض ممدة .. وحولها تلميذات أساس بأعمارهن وملابسهن المميزة وكلهن واقفات في حيرة من أمرهن
*** ساعد إدريس المرأة على النهوض وتوكأت عليه حتى الوصول للسيارة وهي تتمتم بكلمات لم أفهمهن وفي يدها حزمة نقود والنقود تمسك باليد أكثر مما اليد تمسك بهن وبهزة رأس نفت أنها تعاني من نقص في السكري أو انخفاض في الضغط فاكتفى لها بقارورة ماء
*** تماسكت الحاجة شيئاً فشيئاً وحكت أن أختها مريضة وتركتها في مستشفى البان جديد لشراء الأدوية وهي لا تملك إلا القليل ومهمومة بدرجة كبيرة وأقسمت أن سيارة توقفت أمامها حتى كادت تصدمها فنزل منها شاب وسلمها القروش دي ( ربطة أبو خمسمئة ) فانهارت وواصلت الحمد والشكر لله بصوت متهجد والدموع تنزف من عينها ..
حمدت الله لحمدها وبكيت لبكائها وبكيت أكثر وإدريس يأخذ منها الرشتة أمام إحدى الصيدليات ويعود بالأدوية
وياهو ده السودان المحروس بالمتزكين المتصديقين وبدعاء الصالحين القائمين المتوكلين الراشدين الساجدين الصائمين
جمعة مباركة وكل جمعة وانتو طيبن