مقالات

عبدالمنعم شجرابي يكتب: ممنوع الجلوس

عبدالمنعم شجرابي يكتب: ممنوع الجلوس

••• طال الصفوف وتراصّت للصلاة عليه.. وتسابقت السيارات للمقابر لتشييعه. أقبل الناس بعضهم على بعضٍ يعزّون.. ويعزّون أنفسهم. دمعٌ يجري وصوتٌ مكبوت، وآخر يعلو بالبكاء.. ونحيب يرتفع.. الحزن الأسود غطّى المسجد عند الصلاة، والحزن الأكثر سوادًا عسعس بالمقابر، سحابةً فوق الرؤوس.

••• رُفعت الأكف ولهجت الألسن بالدعاء. عن مآثر الفقيد تحدّث المُحدثون: معلمون.. رياضيون.. مجتمعيون.. مثقفون.. جيران وزملاء وأصدقاء وأحبّاء. وأسرفوا في ذكر جمائل الفقيد الرياضي الهلالي المجتمعي، الدبلوماسي، الإنسان الجميل، الشفيف، النبيل.

••• جميعهم تحدّثوا، وأنا منهم، دون أن نذكر قاقرين اللاعب، الطالب الجامعي المثابر، وهو يقيم بمعسكر مقفول للامتحانات مترادفًا مع معسكر مغلق لمبارياتٍ هامّة. ولا حديث جاء عن لاعبٍ هدّاف، كانت عينه على المرمى يرأسه، والرأس يفكر في الحصول على الماجستير والدكتوراه ليكون قدوةً للاعبين.

••• تحدّث المتحدثون دون أن يفتحوا الورقة الرابعة والخامسة، والصفحة الأهم عن قاقرين أبو البنات، وخلفه زوجته الست تهاني، وبموازنتها تتدفق عليه التهاني، صانعًا الانتصارات. قاقرين أخو جعفر وعبد القادر، وود الحلة، أخو الإخوان.

••• قاقرين، معلم المرحلة الثانوية.. قاقرين، طالب الشهادات العليا.. قاقرين، اللاعب.. قاقرين، كابتن الهلال والمنتخب الوطني والإداري النشط.. قاقرين، الدبلوماسي والمحاضر الأمني.. قاقرين، الشفيف، الشقيق، الأخ، الصديق، الزميل، الجار، العم، والخال.

••• قاقرين، ليس مجرد لاعب أو كابتن للهلال والمنتخب الوطني، بل هو رمزٌ من رموزنا الرياضية العالية الشأن، سفارةٌ وملعب. قدّم وأعطى ومنح، والأيادي التي كانت تصفق له إن شاء الله سترتفع داعيةً رب السماء أن ينزله مع الصديقين والشهداء، وحَسُن أولئك رفيقًا.
••• رحل صديقنا العزيز إلى دار الخلود، وسيبقى مقعده شاغراََ.

أيها الأهلة، هناك في الصف الأمامي لنادينا مقعد قاقرين، بالمقاسُ كبير، ممنوع الاقتراب ممنوع اللمس

عبد المنعم شجرابي..

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى