مقالات

عبدالمنعم شجرابي يكتب في بيتنا أحمد

عبدالمنعم شجرابي يكتب في بيتنا أحمد

* في بوح خاص وابني الحبيب أحمد يوقد شمعته ال16 تظل هديته السنوية إعادة ما كتبته يوم ميلاده هدية له ولكل الأبناء والآباء حفظ الله الجميع ..

* ابني أحمد : تأخرت عليك وانتظرتك حـتى بلغت من العمر عتياً .. وتفضلت أنت علي وجئتني راكضاً مسرعاً لتعوضني زمناً لا يعوض .. جـئتني فـرجـاً ووعـداً وتمني .. جئتني آمالاً وأحلاماً عراض .. جئتني حـاكـمـاً وقـيـصـراً ورسـول حب .. وغـمـامـات فـرج وفرح .. وبشريات سعد .. فتسللت بين مسامات جسدي وجريت في مجاري دمي وسكنت الفؤاد ..

* ابني أحمد : أريد أن أكتب إليك .. وصدقني فالقلم الذي مسكته عشرات السنين وكأنني أتعلم الآن الكتابة .. وتجربتي التي كتبت بها بالبوهية على الأسفلت .. وبالطبشير على الحيطان .. وبالفحم على الأبواب .. ووزعت بهـا آلاف المنشورات ..

بـحـثت اللحظة عن عصيرها لأهديه عصيراً لك فلم أجدها .. وخلاصة معايشتي للغبش والشغيلة وأنا الطالب الذي أحمل في الإجازات مكنة الطوب .. وقـدح المونة .. ومـاكينة الجـمكسين .. وطلمـبـة رش الناموس .. أردت أن اقـدمـهـا لـك خـلاصـة وأيضاً

لم أجدها … وخبرتي في بيع الطعمية .. وتعبئة الزجـاج بالحليب .. بعد الفصل التعسفي .. لم أجدها .. وشريط طويل بالعذاب الممتع .. والقـسـوة اللينة .. والنعـومـة الخشنة .. والعنف الرقيق .. فوق وتحت الارض .. لم أجده الآن وسـتـجـده أنت

مكشـوفـاً في الشارع عـاملاً مع العمال .. وزارعاً مع الزارع .. ومكتوباً على كراسات الطلاب .. وممتهناً مع كل المهن .. وفقيهاً مع الفقهاء .. ومتجولاً مع الباعة المتجولين .. ومرتاحاً أمام ستات الشاي وبائعات الكسرة .. وكل الذين تصنع منهم الأرض ملحها ..

* حبيبي أحمد : وأنا الذي أرفض الـتـشـدد .. وأكره التطرف .. وأحب الاعتدال .. أوصيك أن تتشدد في دينك .. وأن تعمل به وتحميه .. وأوصيك بأمك ثم أمك ثم أمك التي حـمـلتك وهنا على وهن .. فالجنة تحت أقدامها ومن بعد أوصيك البر بأبيك

وأهلك .. فلا خير في من لا خير فيه لأهله .. وخـاوي بقوة في خوتك .. وأخلص ، وأجعل نفسك عـبـدأ لكل من يعلمـك حـرفـاً .. ومن طلب العلم لا تتوقف ومـدد طمـوحـك على امتداد الأفق .. وإياك وإياك والطمع فالفارق كبير بل المقارنة معدومة بين

الطمع والطموح .. وأعلم أن القناعة كنز لا يفنى وسر بقوة في كل ما يفيدك في دنياك وفيما يفيدك في آخرتك قبل دنياك ..
* حبيبي أحمد : تمرمغ .. وتدردق .. وتغـبـر .. وتكندك .. وتتـرب بـتـراب بلدك هذا وانغمس فيه وأعشقه وكلما زدت حـبـاً حـبـه

أكثر .. وكلما أصبحت به ولهاناً ضاعف من ولهك .. ودق صدرك واهتف أنا سوداني أنا ..وأرفع رأسك وأصدح وأصرخ بعبارة تصور كيف يكون الحال لو ما كنت سوداني وأهل الحارة ديل ما أهلي .. وإن كان الحاكم صالحاً فأيده وسانده .. وإن كان طالحاً فرحب

بموقعك في بيوت الأشباح والمعتقلات .. طالما القضية قضية وطن والأرض هي أرض السودان الذي عشقت ترابه وتنعمت في خيراته .. وكن صديقاً للديموقراطية ورفيقاً للحرية ولا تبالي

* حبيبي أحمد : إن حبيت أو مشيت على السراميك .. وأمسكت بلعبة فأعلم أن لك أنداداً يمشون على الصـخـر .. ويمسكون بالشوك .. وإن تناولت قطعة حلوى ، فأعلم أن لك أخاً لم تلده أمك يبحث عن جرعة الدواء .. وإن دخلت إلى مدرسة حكومية

فأعلم أن هناك آخرين لم تشيد لهم الحكومة مدرسة .. وإن دخلت إلى الفصول المکندشة بالمدارس الخـاصـة ، فـتـذكـر أن هناك طلاب يجلسون في الصقيعة على البروش .. ليتعلموا ويعلموا ويـفـيـدوا الوطن والمواطن .. وإن ذهبت إلى المدرسة

بسيارة ، فتذكر أن هنالك من يقطع المسـافـات إليـهـا بلا نـعـال .. وغيرهم يأتون على ظهور الدواب .. وآخرون يدفعهم إخوانهم على كراسي مـتـحـركـة .. وإن شبعت فتذكر الجوعى .. وإن ترفهـت فـتـذكـر المحـرومين .. وإن لبست فـتـذكـر العـرايا .. وأقسط وأعدل .. وتفقه فهذا من خير الأمور ..

* أحمد يا حبيبي : الرجل الرجل .. الرجل في هذا البلد الطيب والطيبون أهله تمدحه النساء .. وتشكره الشكّارة .. وتحكم عليه الحكّامة .. ويصفوه بمقنع الكاشفات .. وعشا البايتات .. وأخو البنات .. ودخري الحوبة .. وأبوالكل .. وأبوالناس ..

وأبوالعائلة .. وخـال فـاطمـة .. وود أبوه .. وضي العين .. وتمرة الفؤاد .. وعكاز العمايا .. وأنا أعلم أنك وبإذن الله ستحمل كل هذه الصفات وستجعل شقيقتك أشرقت التي ستفخر بها وتفاخر .. تفـخـر بك وتفـاخـر .. وحـاشـاك وحاشاها من الغلط وحاشاكما من العيب ..

* إبني حبيبي : رغبتي بلا حدود وبلا منتهى في أن أوصيك وأوصيك وأوصيك .. وأخاف إن أكثرت من الوصايا أن أرسم لك خارطة الطريق التي لا تحيد عنها وأجعلك في جلبابي .. وبقدر ما أنني لا أمانع أن تكون في جلباب أبيـك فـإنني أريدك في

جلبـاب شخصك .. وأريد جلبابك من المقاس الكبير ( X.X. X.X.X.L ) .. أريدك أن تفكر وتقرر بنفسك .. أريدك أن ترفع صوتك بالحق والجمال والفضيلة .. والحديث إليك طويل طويل وسأحدثك كتابة كلما سنحت الفرصة .. وأعتذر إن لم أترك لك أرصدة ولا

مالاً .. ولا عربة 《سلك》 ولا منزل 《ملك》.. وأفخر أنني أورثتك اسماً كبيراً .. كبيراً علمته وربته عطبرة مصنع الرجال .. أثق أنك ستحافظ عليه وتحفظه من كل شين وسأموت سعيداً طالما في بيتنا أحمد عفواً .. طالما في بيتنا رجل حفظك الله ورعاك
عبدالمنعم شجرابي ..

إشتياق الكناني

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى