عبدالمنعم شجرابي يكتب:..أضرب وأهرب..سليمان دقق وكفى
عبدالمنعم شجرابي يكتب:..أضرب وأهرب..سليمان دقق وكفى
الداخل إلى مدينة الأبيض كأنّي به يقرأ لافتة معلقة مكتوب عليها (سليمان دقق يرحب بكم)، وبلا مبالغة فهو كذلك: يستقبل، يرحب، (يضبح)، يودّع، مستمر على نهج القصة القديمة (دخلت نملة وأخذت حبة وخرجت) مقيمًا ذلك بشيء من التطرف والتشدد. يلوم (الضيف
والمضيف) معًا إذا ما نزل ضيف الأبيض باستراحة أو فندق. والشاهد أنّني والعزيزين عبد المجيد عبد الرازق ومزمل يعقوب نزلنا بالفندق وزرناه بمنزله، فاشتد غضبًا وعيبنا على فعلتنا تلك. أثناء غضبه وهيجانه قلت له: “يا
عم سليمان، يا عم سليمان، الموضوع ده حصل وما عنده معالجة”، فرد بحدّة: “المعالجة تسافروا الخرطوم هسي وترجعوا الأبيض طوالي وتنزلوا معاي.” وحاله هذا معنا كان حاله مع كل الرياضيين الذين يحلون بحاضرة كردفان.
••• حاج سليمان رجلٌ (يعقد الدم بالعصا)، مشهود له (بإصلاح ذات البين)، يمرّ بالخرطوم مرورًا إلى نوري للمصالحة، وإن جدّ عليه جديد يعود فورًا إلى الخرطوم ويغادرها ليلًا أو نهارًا إن جدّ بالأبيض جديد، ولا غرابة أن كان في حال سفر دائم.
••• من خيراته بنوري يهدي كراتين وقفاف البلح في موسم حشّ التمر، وعلى امتداد يومه يهدي الكلمة الطيبة باللسان الرطب. باعتدال عجيب تتمازج عنده الزجرة والهرشة والشدة والمرونة، وبالضحكة الحلوة يحكي ويسمع. لسانه مسموع، رجله واصلة، ويداه مبسوطتان، لا
تدري شماله ما فعلت يمينه. لا لينٌ يعصر ولا ناشفٌ يكسر. مع تقدم السن ظل كما هو يرفض السلام جالسًا ويصر على التحية واقفًا، ومن يناديه بـ (عم سليمان) أو (حاج سليمان) يطرب شخصيًا أشد الطرب.
••• عم سليمان الرياضي المطبوع كان (الناظر) بالتفاؤل لتطوير اتحاد التضامن، وكان الحاكم والوالي والمحافظ ومدير المديرية والحكم والإداري واللاعب والمشجع للكرة بالأبيض قبل أن يكون رئيسًا لاتحادها. دوره الكبير في الرياضة عامًا مسجل بمضابط الاتحاد العام ولا أزيد.
••• حاج سليمان السياسي حمل الهم الوطني (بالجملة)، وشاله على أكتافه، وبمواقفه كان ركنًا وعمودًا من أعمدة الحزب الاتحادي.
••• حاج سليمان رجل يشبهه فقط (سليمان دقق) في المواقف والكرم، وحين العشرة، والتفاني، وحب الخير، ومكارم الأخلاق، والحق، والفضيلة.
••• قال محدثي: “لم أشهد بالقاهرة تشييعًا حاشدًا بقدر الذي شاهدته في تشييع حاج سليمان في مقابر عين شمس.” قلت مستغفرًا ربي: “لو كان هذا التشييع بالأبيض لكان عدد المشيعين بمقابرها أكبر من عدد الموتى.”
••• اللهم ارحم عبدك سليمان الذي أحببناه بعدد كل خطوة مشاها، وبكل كلمة نطقها، وأنزله منزل الشهداء والصديقين، وحسن أولئك رفيقًا. إنا لله وإنا إليه راجعون.
عبد المنعم شجرابي.