
( عام 2022م) .. تفاقم معاناة المواطن والاقتصاد
تقرير: سنهوري عيسى
شهد العام 2022م زيادة في معاناة المواطن السوداني والذي عجز عن شراء احتياجاته الأساسية من السلع والانفاق علي الأكل والشرب، والصرف علي خدمات
التعليم والصحة والمياه والاتصالات والمواصلات ، كما تزايدت معدلات الفقر والجريمة والبطالة وتواصل ارتفاع أسعار السلع رغم الانخفاض في معدلات التضخم والاستقرار النسبي في سعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية.
وتفاقمت معاناة الاقتصاد السوداني في ظل عدم وجود حكومة وجهة مسؤولة عن إدارة الاقتصاد، لتصدر قرارات اقتصادية غير مدروسة تارة من لجنة الطوارئ
الاقتصادية التى يترأسها نائب رئيس مجلس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دلقو، وتارة أخري من وزارات القطاع الاقتصادي ( كل يغني علي ليلاه)، وتارة أخرى قرارات من شركات الاتصالات وشركات القطاع
الخاص لتحقيق مصالحها دون رقابة من الدولة أو حماية للمستهلك، بينما ساهمت قرارات وزارات القطاع الاقتصادي والتطبيق القاسي لإجراءات زيادة الرسوم والضرائب ورفع الدعم عن السلع الاساسية والمحروقات والأدوية في زيادة معاناة المواطن السوداني الذي أصبح
غير قادر على شراء احتياجاته الأساسية، كما أدت إلى توقف المصانع نتيجة لزيادة أسعار الكهرباء وزيادة تكلفة الإنتاج الزراعي والصناعي وانعدام التمويل وعدم القدرة وزارة المالية علي الوفاء بالتزاماتها بشراء القمح من
المنتجين والذين فشلوا في تسويق منتجاتهم الزراعية واحجموا عن زراعة القمح خلال الموسم الشتوي الحالي.
عام قاسي علي الاقتصاد
ووصف خبراء اقتصاديون ( عام 2022م ) بأنه عام رمادة على الاقتصاد السوداني والأسوأ في التاريخ، وأنه (عام قاسي علي المواطن والاقتصاد السوداني) ، وشهد توقفا تاما للمساعدات الخارجية من منح وقروض
واستثمارات أجنبية بجانب توقف حركة الصادر والوارد وتعطل قطاع الإنتاج الزراعي والصناعي، كما واجه الاقتصاد السوداني في العام 2022م تحديات عديدة
بسبب العزلة وايقاف المساعدات الدولية، مما ينذر بمزيد من تفاقم الأوضاع في الموازنة الجديدة للعام 2023م ، والتى لم يتم الإفصاح عنها حتى الآن رغم اقتراب العام علي نهايته.
تأثر الإنتاج الصناعي والزراعي
ويري دكتور عادل عبد العزيز الخبير الاقتصادي، أن العام 2022م كان عاما قياسا على الاقتصاد الوطني والمواطن السوداني، حيث تأثر الإنتاج الصناعي والزراعي بصورة
كبيرة جدا، بسبب الضعف في الموارد المحركة الإنتاج، كما تأثرت الصناعة بصورة كبيرة جداً بسبب الضعف في الإمداد الكهربائي، وبسبب ضعف قدرة المواطنين والمستهلكين على شراء المنتجات الصناعية.
واضاف دكتور عادل: تأثر الإنتاج الزراعي أيضاً ، حيث لم يتمكن المزارعين والمنتجين من تسويق منتجاتهم بسبب ضعف الموارد المحلية، وبسبب عدم تمكن وزارة المالية من الوفاء بالتزاماتها لشراء القمح من المنتجين بأسعار
التركيز المعلنة، مما جعل كثير من المنتجين غير قادرين على تسويق منتجاتهم ، كما أحجم الكثير منهم عن زراعة القمح.
انخفاض التضخم مع ارتفاع الأسعار
وأكد دكتور عادل عبد العزيز، أن العام 2022م شهد استقرارا نسبياً في أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني، كما واصل التضخم انخفاضه بسبب حجب الحكومة لانفاقها العام ، حيث حدث تقشف في
الإنفاق الحكومي بصورة كبيرة ، وتم تطبيق رفع الدعم عن المحروقات والأدوية بصرامة مما أدى إلى خفض معدلات التضخم بصورة كبيرة ، ولكن هذا الانخفاض لم ينعكس على خفض الأسعار للمستهلكين ، كأن الأمر يتعلق بخفض وتيرة تسارع ارتفاع التضخم وليست خفض الأسعار للمستهلكين.
توقف المساعدات والاستثمارات
ونوه دكتور عادل إلي أن العام 2022م شهد توقفا تاما للمساعدات الخارجية سواء المنح والقروض أو تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة بسبب قرارات الخامس
والعشرين من شهر أكتوبر، وبسبب تدني الناحية الأمنية. وعدم الاستقرار السياسي مما دفع المستثمرين في الي الاحجام عن الاستثمار بالسودان.
الإيجابية الوحيدة
وأكد دكتور عادل عبد العزيز، أن الإيجابية الوحيدة التي شهدها العام 2022م تتمثل في الالتفات الي زيادة الموارد المحلية بالعمل على. حشد الموارد من أجل زيادة الإيرادات العامة لتحقيق التنمية.
واضاف: كانت هناك محاولات لزيادة العائد من الضرائب والرسوم عبر ديوان الضرائب الذي قال إنه يستحق الثناء، ولكن بالمقابل فإن زيادة الإيرادات الضريبية ينبغي أن لا يتم رفع الضرائب على قطاع الإنتاج حتى لا يتوقف قطاع الإنتاج .
بارقة أمل في العام الجديد
وأكد دكتور عادل عبد العزيز، أن هنالك بارقة أمل في العام الجديد (2023م) إذا. تم حسن استغلال للفرص المتاحة في الاقتصاد السوداني والذي وصفه بأنه مازال (بكر) ويتمتع بموارد حقيقية لم يتم استغلالها، داعيا في
هذا الصدد إلى العمل على تنفيذ قرارات القمة العربية بالجزائر والتى نصت على تنفيذ مبادرة السودان لتأمين الغذاء العربي، والتى تمثل بارقة أمل للاقتصاد السوداني في العام الجديد إذا. استطاع السودان تقديم نفسه
وأحسن استغلال موارده لتامين الغذاء العربي، خاصة وأن هناك دراسات للمنظمة العربية للتنمية الزراعية تؤكد أنه إذا تم استثمار (30) مليار دولار في السودان خلال أربع سنوات سيتم نامين الغذاء العربي وتحقيق الاكتفاء من خمسة سلع أساسية هي ( السكر والقمح واللحوم والالبان والزيوت)، وهذا يمثل بارقة أمل للاقتصاد السوداني في الفترة المقبلة.
موجة الاضرابات والتدهور الاقتصادي
وفي السياق ذاته يري دكتور هيثم محمد فتحي الخبير الاقتصادي، أن العام 2022م شهد موجة إضرابات وتدهور اقتصادي مستمر ظلت تعيشه اليلاد منذ بداية العام الحالي،. اللي جانب الارتفاع الكبير في معدلات
التضخم التي فاقت الـ( 400 ) في المئة على أساس سنوي إلي ان بدأ في النزول منذ أشهر، فضلا عن تآكل القدرة الشرائية للمستهلك في ظل تدني الدخول وتراجع قيمة الجنيه بنسب وصلت إلى أكثر من 700٪، وزيادة
الضرائب والرسوم بمعدلات تراوحت بين 500، وألف في المئة منذ بداية العام 2022، بالإضافة الي ارتفاع معدلات الفقر إلى أكثر من( 60%) .
أثار توقف المساعدات الإنسانية الدولية
ونوه هيثم الي أن ايقاف الدول والمؤسسات المالية العالمية مساعداته للبلاد أثر على الاقتصاد، وأهلية السودان للحصول على إعفاء من الديون بقيمة 50 مليار
دولار بموجب مبادرة صندوق النقد الدولي المعزز للبلدان الفقيرة المثقلة بالديون(هيبك)، كما أنه بعد إجراءات قائد الجيش في اكتوبر 2021 ظل الاقتصاد في نفس المسار الذي وضعته فيه السياسات التي تبنتها الحكومة
الانتقالية بقيادة حمدوك وهي ما زالت مستمرة ومطبقة وجنى ثمارها الآن وحتي في 2023 .
توقعات بزيادة قدرها السلع الأساسية
وتوقع دكتور هيثم حدوث زيادات كبيرة تطال أسعار الخبز والدواء والكهرباء والعديد من السلع الأساسية الأخرى، خاصة وأن موازنة العام الجديد 2023م سيتم
تطبيقها في إطار سياسي مختلف ومعقد، لذلك يصعب التكهن بمسارها وتداعياتها بسبب ضبابية المشهد السياسي والامني في السودان .