صلاح الدين عووضة يكتب : عدل الحياة!
صلاح الدين عووضة يكتب : عدل الحياة!
همى الرذاذ..
رذاذ غمامة خريفية..
فهمى معه – على ذهني – رذاذ فكرة تجمّعت كما يتجمّع غمام الخريف..
ثم همت – وأمطرت – هذه الكلمة..
فتذكرت لحظتها – قبل أشهر – أمرين؛ شعر عزمي… وعدالة السماء..
طيب ما العلاقة بين الأمرين هذين؟..
ربما يكون الغمام؛ فعزمي أحمد خليل مولعٌ بالغمام هذا كولعه بالجمال..
وعدالة السماء تهمي خيراً كما الغيث والغمام..
حتى وإن جاء الخير هذا متأخراً كما جاء خير عزمي الجمالي للناس متأخراً..
بمعنى أن الإنسان قد يعاني… ويعاني..
وتكون المعاناة هذه أشبه بآلام المخاض انتظاراً لحياة جديدة قادمة..
وعزمي عانى في بواكير حياته الشعرية – والعمرية – معاناة نفسية شديدة..
وكانت أولى قصائده نتاج ضربين من المعاناة..
معاناة الطلق الإبداعي؛ ومعاناة صدمة عاطفية جراء زواج محبوبته..
فألهمت الثانية هذه الأولى..
أو كانت معيناً له في المخاض؛ فجاء المولود البكر يحمل اسم (حان الزفاف)..
وكان هو يحمل مولوده هذا إلى حيث الناس..
سواء في النادي… أو المدرسة… أو ملعب الكرة… أو المناسبات الاجتماعية..
فيعرض عنه بعضهم… ويعابثه البعض الآخر..
ثم سرعان ما باتت ألسنة المعرضين هؤلاء – والعابثين – تردد أشعاره..
سيما (حان الزفاف) هذه بعد بثها لحناً شجياً..
أما الحياة فقد تهمي عليك – بدءاً – مطراً ذا ألمٍ… وعذاب… ومعاناة..
ثم تجود عليك بغيثٍ فجائي..
فالمطر لا يُذكر في كتاب الله إلا مقروناً بالعذاب؛ بعكس الغيث ذي السحاب..
وقل أن تخلو قصيدة لعزمي من مفردتي غيث وسحاب..
فالحياة – إذن – قد تسبب لك المعاناة؛ فيها… ومنها… وبها… ومعها..
وتجعل عنوان حياتك (أعاني وأعاني)..
ولكنها تضعك بذلك في سكة العظماء؛ فأشد الناس مُعاناةً هم العظماء..
أو هم كذلك في بداياتهم الحياتية..
وأولهم الرسل والأنبياء… ثم الفلاسفة… ثم العلماء… ثم أهل الإبداع كافة..
ثم تجعل المعاناة هذه ضريبة نجاحك فيها..
فيجيئك – من بعد مخاضٍ عسير – شعورٌ بالسعد… والفرح… والهناء..
الهناء فيها… ومنها… وبها… ومعها..
فيُضاف إلى عنوانك برسم (أعاني وأعاني) آخر اسمه (أغاني وأغاني)..
وذات خريف كنت أقود دراجتي تحت قبة السماء..
قبة سماء حلفا – في نواحي التوفيقية – وقد كانت صافية في ذياك الأصيل..
ثم أظلتني غمامة همى رذاذها على ملابسي..
وشعرت بضيقٍ وقتي سرعان ما تبدّل إلى إحساسٍ بالجمال جميل..
فقد كانت غيمةً أشعرتني بجمال الوجود..
واستلهمت من ذاك الجمال جمالاً؛ كما ألهم عزمي جمالُ فتاته جميلَ شعره..
فالحياة عادلة!.
المصدر : الصيحة