صلاح الدين عووضة يكتب : المفروض!
صلاح الدين عووضة يكتب : المفروض!
وأكره هذه الكلمة..
أو علمتنا الفلسفة أن نكرهها..
هي وأخواتها؛ ينبغي… ويجب… ويُفترض… ولابد..
ولكن دعونا نفترض – افتراضاً – أن هناك ما يُفترض أن يكون..
ففي زماننا هذا قد يضحى المُستحيل مُمكناً..
أو اللا منطقي – وفقاً لمنطق الزمن – منطقياً… وما غير المنطقي عين المنطق..
فهذا زمان يحير كل الفلاسفة مجتمعين..
ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً… من لدن سقراط وحتى جون ديوي..
واستوقفني تعليقٌ من أحد القراء..
فهو يعبر عن هذه الحالة تعبيراً صادقاً… حالة باتت معها كلمة يُفترض مُمكنة..
وهو – للعلم – من منسوبي حزب البشير..
وأضرب بها مثلاً على صعيدي الشخصي… وتصلح للأصعدة كافة..
وكان يرد بها على من يتّهموننا بالكوزنة..
قال: سبحان الله… صاحب هذه الزاوية كنا نحسبه – لثلاثين عاماً – شيوعياً..
أو – في أفضل الأحوال – علمانياً..
فإذا هو اليوم في نظر من كنا نظنه منهم إسلامي… كوز… ومن الفلول..
فمن هو بالضبط؟…… يتساءل..
وأنا ذاتي أتساءل معه: مَن أنا بالضبط؟… فقد تشابه عليَّ بقرُ نفسي..
طيب لنفترض أن بقري كله يتشابه..
فبقرةٌ منه تسأل: ألم يكن من المفروض أن تتشكّل حكومة الثورة من كفاءات؟..
وذلك بنص وثيقة الثورة الدستورية؟..
طيب – تسأل البقرة – لماذا امتلأت كراسي السلطة آنذاك بشخوص الأحزاب؟..
وبقرةٌ ثانية تسأل: أما كان يُفترض أن يكون هناك برلمان؟..
أما كان يُفترض ذلك بنص الوثيقة هذه نفسها؟..
طيب – تسأل البقرة – لماذا لم نشهد مجلساً تشريعياً حتى لحظة سقوط قحت؟..
لماذا لم يحدث ذلك رغم مرور عامين؟..
وبقرةٌ ثالثة تسأل: ألم يكن من المفترض أن تُنشأ محكمة دستورية ومفوضيات؟..
وذلك بنص الوثيقة الدستورية كذلك؟..
طيب – تسأل البقرة – لماذا لم نر أيّأً من ذلكم حتى رأينا عرض أكتاف قحت؟..
وبقرةٌ رابعة تسأل: ألا يُفترض أنها كانت حكومة ثورية؟..
وأعني – أو تعني البقرة – الشق المدني بمكوناته الحزبية المختلفة؟..
إذن فهي كانت تمثل الثورة… والثوار… والشهداء..
طيب لماذا بدت منفصمة عن الثورة… والثوار… والشهداء… والناس؟..
ودلالة ذلك – تقول البقرة – التكالب على الكراسي..
ثم شهوات السلطة من نثريات… وفارهات… ومحاصصات؛ لماذا؟..
تتساءل البقرة بكل براءة البقر في عينيها الكبيرتين..
وهل كان من الثورية إضافة فارهة ثالثة للوزراء والشعب يعاني ويعاني؟..
أين هم من حكومة وزراء السيارة الواحدة؟..
حكومة الحزبية الثانية؟… رغم أنّ جنيهنا – وقتها – كان يساوي ثلاثة دولارات؟..
أين هم من ثوريتهم تلك؟… ومراعاتهم لظروف البلد؟..
وبقرةٌ خامسة تضيف: طيب لنفترض أن هذا كله ما كان يُعد فشلاً في نظرهم..
ثم تسأل: فكيف بفشلهم على صعيد الأداء؟..
كيف بفشلهم حتى على الحفاظ على ما ورثوه من نظام المعزول من فشل؟..
فقد زادوه فشلاً على فشل – تقول البقرة – وزادوا طينَه بِلة..
واسأل أنا على لسان بقرتي السادسة: هل كل أخواتي البقرات هؤلاء مخطئات؟..
أهذا كله من بنات أوهامنا ولا وجود له على أرض الواقع؟..
هل هو من بنات كوزنتنا؟..
إذن فدعوني أبحث – وبقراتي – عن بقرةٍ هي صفراء فاقع لونها تسر الناظرين..
ثم نذبحها – السابعة هذه – وما كنا غير فاعلين..
ثم نضرب ببعضها ما مات من ضمائر – جراء شبق السلطة – لعلها تنطق..
السلطة الأولى التي ولّت..
وتلك الثانية التي ينتظرون رجوعها على أحر من شبق..
فقد تنطق بما ظللنا ننطق به من حق..
بما جعلناه شعاراً لصفحتنا العنكبوتية: قل الحق ولا تبالِ..
أو هذا هو ما يجب… وما ينبغي… وما يُفترض..
والمفروض!.
المصدر : الصيحة