صديق البادي يكتب: نعم للمفاوضات لإنهاء الحرب ولا للمحاصصة لقسمة السلطة

صديق البادي يكتب: نعم للمفاوضات لإنهاء الحرب ولا للمحاصصة لقسمة السلطة
كنا ذات يوم في طريقنا من تريعة البجة الى الجديد الثورة ومررنا في طريقنا بمعسكر طيبة (منطقة عسكرية ممنوع الاقتراب والتصوير ) وهالنا انه يتمدد طولاً وعرضاً ويحتل مساحة شاسعة واسعة ويجلس على بواباته وعلى حوائطه حاملو سلاح بزيهم الذي يميزهم وهم ينتمون لقوات الدعم السريع التي تملك ذلك المعسكر ومعسكرات أخرى تماثله تقع باطراف بعض المدن
بالعاصمة وولاية الخرطوم والمنظر الذي رأيناه أعاد لأذهاننا ما ظللنا نشهده بشارع الجامعة بالخرطوم من تواجد كثيف للمنتمين للدعم السريع الذين يحرسون القصر الجمهوري وغيره من الوزارات والمؤسسات مع أعداد كبيرة كانت تحملهم تاتشرات كثيرة وهم يحملون اسلحتهم ومنهم من كان يتدخل في مهام هي من اختصاص الشرطة. وقائد الدعم السريع ذكر في احدى
خطبه (ان الشلاق ما خلى عميان) وأنهم لن يعودوا مرة أخرى للتفرغ لمهامهم المتمثلة في حراسة الحدود … الخ . وفي كل مرة كان هو وغيره يؤكدون أن لهم جيشهم الخاص بهم الذي لا يخضع للقيادة العامة للقوات المسلحة ولا يأتمر بأمرها ويتعامل معها كأنه ضد وند لها وهذا يعني بجلاء وجود جيشين في عاصمة واحدة لكل منهما مقر لقيادته العامة ووضع مختل مثل هذا يتوقع في أية
لحظة ان ينفجر وتحدث مواجهة دموية بين الطرفين وكتبت مقالاً بعنوان (الجيش السوداني الباسل خط أحمر) نشرته صحيفة الإنتباهة مرتين وأعادت نشره صحيفة السوداني وصحيفة الصيحة.
وفي تلك الأيام بلغت الفوضى أقصى مداها بانتشار ظاهرة مجرمي ولصوص تسعة طويلة الذين يركبون الدراجات ويحملون السلاح ويخطفون وينهبون ويهربون وكثر عدد النشالين في الاسواق ومواقف المواصلات
وكثر اللصوص حاملي السواطير والاسلحة البيضاء والنارية الخفيفة الذين يقتحمون البيوت ولا يتورعون في الاعتداء بأسلحتهم على كل من يقاومهم وانتشرت المخدرات وسط شريحة من الشباب وغيرهم . وشهدت العاصمة ومدن أخرى مظاهرات منظمة وحرائق ومواجهات دموية أما الأجانب فقد استباحوا البلاد
واستهانوا بعزتها وسيادتها وكرامتها الوطنية وسرح ومرح عدد كبير من الدبلوماسيين والسفراء الاجانب وتجاوزوا كل الاعراف الدبلوماسية وتعاملوا مع السودان باستخفاف كأنه بلد شبه مستعمر منزوع أو منقوص السيادة . ورئيس الوزراء السابق الذي استقال من موقعه وغادر السودان في شهر فبراير عام 2022م أرسل عندما كان رئيساً للوزراء لمجلس الأمن والأمم المتحدة خطاباً شاركه
في كتابته السفير البريطاني السابق في السودان بمبادرة منه وتمت الاستجابة لمحتويات ذلك الخطاب والمطالب التي وردت فيه وتم تعيين مبعوث أممي للسودان هو الاستعماري الخبيث فولكر الذي ترك المهام المكلف بها جانباً واستغل ضعف وهوان الفترة الانتقالية و فرض نفسه حاكماً عاماً خفياً غير معلن للسودان وأخذ يحشر أنفه في كل شيء (القوانين – المناهج – كيفية تسيير
الاقتصاد …. الخ) وكان يرصد المظاهرات والحرائق ويعلق عليها وهو الذي كان عن طريق اصابعه في الداخل يمولها ويدلق الزيت على نارها لئلا تنطفئ . وأحد مستشاريه المقربين اليه من السودانيين كان يكثر الحديث عن ضرورة دمج الجيوش في جيش موحد يعمل بعقيدة جديدة على حد زعمه ولعله بالاتفاق والتنسيق مع فولكر صرح بأن قوات الدعم السريع هي التي ينبغي أن تكون العمود الفقري والأساس الذي يبنى عليه قيام الجيش الجديد الموحد.
والفترات الانتقالية كما حدث في الفترة الانتقالية الاولى بعد ثورة اكتوبر عام 1964م والفترة الانتقالية الثانية بعد انتفاضة ابريل عام 1985م يعمل خلالها بدستور انتقالي معدل ولا يعد خلالها دستور دائم ويترك ذلك لفترة مابعد قيام برلمان وسلطة حاكمة منتخبة ولكن في الفترة الانتقالية الثالثة التي تمدد فيها الاجانب والخواجات تمدداً اخطبوطياً أُعد في الخارج دستور دائم للسودان وأُقيم احتفال للتوقيع عليه أطلقوا عليه احتفال التوقيع على الإطاري (مقطوع الطاري) وكان الخواجات
والأجانب في ذلك الاحتفال هم أهل العرس ومن بين الذين وقعوا عليه أسماء لم نسمع بها من قبل تمثل تنظيمات وزنها كوزن الريشة لا هي في العير ولا في النفير .. وكما يقولون فإن العين لا تعلو على الحاجب ولكن بكل أسف فقد بُث على العالم عبر الفضائيات شيء مؤسف للمساواة بين الجيش السوداني وبين قوات الدعم السريع وكان هذا يعني لكل المشاهدين والمراقبين أن
السودان فيه جيشين والمؤسف أن قائد الدعم السريع أشار للجيش السوداني إشارات مسيئة بكلمات جارحة في خطابه الذي ألقاه في ذلك الحفل وكتبه له مستشار آل دقلو الذي تسلل إليهم وأصبح هو مرشدهم وعقلهم المفكر … وفي اليوم الثامن والعشرين من شهر مارس عام 2023م صرح الاستعماري الخبيث فولكر بأنه لا يستبعد حدوث مواجهة وصدام دموي بين الجيش والدعم السريع
وفي اليوم الثالث من شهر ابريل عام 2023م صرح فولكر بأن اعلان تعيين رئيس الوزراء وحكومته سيذاع قبل إنتهاء شهر رمضان وقبل عيد الفطر وهذا يؤكد أنه كان على علم تام بأن عملية إنقلابية لتغيير نظام الحكم سيتم تنفيذها في اليوم الخامس عشر من شهر ابريل عام 2023م وحدث كل ما ذكره ولكن إنقلابهم فشل واندلعت حرب إنتقامية إجرامية ضد الشعب السوداني هي اقذر
حرب مرت بالوطن منذ الأزل وإذا قفزنا فوق التفاصيل وتفاصيل التفاصيل فإن الحرب الآن في شهرها السادس والعشرين وكفة الجيش السوداني الباسل هي الراجحة وهو المنتصر لتجاربه التراكمية وإنتصاراته التاريخية الباهرة وقدراته التكتيكية والإستراتيجية المبنية على التأهيل العالي والعلم والدراسة وتسنده القوات المشتركة والمستنفرون من شتى ألوان الطيف السياسي والمجتمعي ويؤازره الشعب السوداني وقطعاً أنه سيظل هو المنتصر .
وإن الجميع مع السلام وضد الحرب ولكن هذه الحرب فرضت على الجيش والشعب فرضاً والغرض منها كسر شوكة السودان وإضعافه وجعله ذيلاً ذليلاً للقوى الأجنبية لتسوقه سوق ذي رسنٍ كعنز يقودها راعي من أذنها وفرض حكومة مكونة من أدوات تحكم البلاد لتكون كالدمى يحركونها بالريموت كنترول كما تُحرك الارجوزات في مسرح العرائس ومن ثم تتم السيطرة على موارد السودان الهائلة وثرواته المتعددة الضخمة وقد إنتصر الجيش الباسل وفشل المخطط الأجنبي الإستعماري الآثم .
وقد ثبت بالدليل القاطع للعالم أجمع أن الجيش قد انتصر ولا داعي للمكابرة ونأمل أن يستوعب رئيس دولة الإمارات الواقع على حقيقته وبكل أسف فقد تم تضليله بمعلومات وتحليلات خاطئة (ومن يتبع الدجاج تقوده للكوش) ولم ينله من السودان و السودانيين أثناء هذه الحرب أية ضرر ولن يناله منهم أية ضرر ولابد من
الجلوس في طاولة للمكاشفة الصريحة وكانت الفرص ولا زالت متاحة لهم للدخول في استثمارات كبيرة ومشاريع مشتركة ناجحة شريطة أن يكون ذلك عبر القنوات الرسمية واحترام السيادة الوطنية وأن تكون المباحثات فوق الطاولة لا تحتها والدخول بالابواب في وضح النهار أفضل من محاولة الدخول عبر الأبواب الخلفية في الظلام .. ومن الأفضل الجلوس في مائدة المفاوضات
لإنهاء هذه الحرب الإجرامية الإنتقامية التي تأنف الذئاب والكلاب ممارسة ما جرى فيها وأن تكون المداولات عسكرية عسكرية دون خلط للأوراق بأية أجندات أخرى تزج بها قوى سياسية ذات أوزان جماهيرية تقل كثيراً عن وزن الريشة وتسعى للوصول للسلطة دون وجه حق .
وإن الوثيقة الدستورية التي وقعت في شهر اغسطس عام 2019م نصت أن يكون أمد الفترة الإنتقالية تسعة
وثلاثين شهراً أي أنها تنتهي وتفقد صلاحيتها في شهر نوفمبر عام 2022م وبعد التوقيع على إتفاقيات جوبا تم الإتفاق على تعديل الوثيقة الدستورية بإضافة عام للفترة الإنتقالية وتم الإتفاق أن تشترك الأطراف الموقعة على إتفاقية جوبا في السلطة بنسبة معينة دون تحديد مواقع ووزارات معينة ويسري تنفيذ هذا الإتفاق حتى شهر نوفمبر عام 2023م وتبعاً لذلك فإن صلاحية الوثيقة
الدستورية و صلاحية ما أضيف إليها بمشاركة الأطراف الموقعة في جوبا قد إنتهت تماماً في شهر نوفمبر عام 2023م ولكنها إستمرت حتى الآن بسبب ظروف الحرب. والمرحلة الإنتقالية الجديدة التي أطلت تباشيرها تقتضي التعامل بمرونة مع الحركات الموقعة في جوبا ومراعاة مشاركة القوات المشتركة في الحرب . والفترة الإنتقالية الجديدة ومعاناة البلاد والعباد من الحرب تقتضي أن تكون القوة ذات الشوكة وهي الجيش وأذرعه في حالة
دفاع عن الوطن والحفاظ على أمنه القومي ويقتضي هذا أن تعهد لها السلطة السيادية (رئيس وأعضاء مجلس السيادة) ويمكن أن يضم المجلس عدداً من المدنيين وأن يعهد منصب رئيس الوزراء والجهاز التنفيذي بكامله للمدنيين وكذلك الجهاز التشريعي.. وطبيعة المرحلة الإنتقالية الجديدة تقتضي أن تكون الحكومة من الخبراء والتكنوقراط من من أبناء الوطن المخلصين الجادين ذوي الخبرات التراكمية والتأهيل الرفيع .. وحداً وإيقافاً
للمنافسات والصراعات السقيمة العقيمة بين من كانوا يتنابذون بالالقاب (قحاتة – فلول – أحزاب صفرية – أو شبه صفرية صغيرة – والأحزاب الأخرى التي شاخت ووهنت) فينبغي ألا يكون لهم جميعاً بلا إستثناء مكاناً في الحكومة القادمة وعليهم التفرغ لإعادة بناء تنظيماتهم وإقامة تحالفاتهم إستعداداً لمرحلة ما بعد إنتهاء الفترة الإنتقالية الجديدة .. والضرورة تقتضي وعلى جناح السرعة وبلا إبطاء وتأخير تشكيل المحكمة
الدستورية التي إختل ميزان العدالة في فترة غيابها الطويلة. مع ضرورة تشكيل مجلس تشريعي إنتقالي تكون لجانه من الخبراء والمختصين في مجال كل لجنة مع ضرورة مراعاة التوازن الجهوي والمجتمعي وإشراك كل ألوان الطيف السياسي بلا عزل إلا للذين حوكموا وأدينوا قضائياً وجنائياً .. وبدون شخصنة للقضايا يمكن على سبيل المثال أن يعين في المجلس التشريعي
الإنتقالي دكتور عبد الله حمدوك وود الفكي وخالد سلك والجاك و… الخ ويمكن أن يضم المجلس من الأطياف الأخرى فلان وعلان .. الخ .. وتم تعيين رئيس وزراء جديد هو دكتور كامل إدريس الطيب وذكرت في مرة سابقة أنني كأنسان عادي من غمار المواطنين لا أعرف عنه كثير شيء أو قليله وأخذت أبحث ووجدت لقاءً طويلاً شاملاً أجري معه قبل سنوات وتابعته بالصورة
والصوت وألفيت أنه إنسان مثقف ومتابع ومتعدد مشارب المعرفة ومرتب الذهن وتحدث عن مصادر الثروة الكثيرة والمتنوعة في السودان التي تؤهله لأن يصبح رقماً إقتصادياً كبيراً إذا وجد القيادة الرشيدة والإدارة الإقتصادية القديرة وتحدث عن تجارب دول اخرى في
هذا المجال. وفي خطابه الأول الذي ألقاه بعد تعيينه ذكر أنه سيقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية وسيكون مرتبطاً بالشعب ومهموماً بقضاياه الحيوية وذكر الأولويات . وقلت في المرة السابقة أنه بلا حاضنة سياسية أو حزبية تقف خلفه ولكنه إذا إلتزم بما وعد به ونفذه فلن يحتاج لحاضنة وسيكون الشعب هو سنده وعضده.