صديق البادي يكتب : الجزيرة المظلومة هل تخلت الدولة عنها ؟
صديق البادي يكتب : الجزيرة المظلومة هل تخلت الدولة عنها ؟
الجزيرة قلب السودان النابض صفحاتها ناصعة البياض وفي سهلها المنبسط طبق عملياً منذ أمد بعيد ضارب في القدم شعار نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع وكانت تزرع فيها الذرة والخضروات والمحاصيل الاخري وتربى
المواشي وكان يزرع فيها القطن المطري الذي كان يغزل وينسج بمغازل ومناسج يدوية تقليدية ويكفي الحاجة المحلية للملابس ويصدر الفائض لأثيوبيا في عملية تبادل سلعي معها وقد أشاد الخليفة عبد الله بالجزيرة عندما
كان رئيساً للدولة في عهد المهدية وسال من حوله في إحدى الجلسات …. هل تعرفون المرأة التي يمكن أن تحمل رجلين على كتفيها إذا وقعاء ورد على سؤاله قائلاً إنها الجزيرة التي يمكن ان تحمل الشرق والغرب على كتفيها إذا حدث فيهما ( محل) ونقص في الغلال أو
مجاعة وشهد بأنهم اجتازوا محنة سنة ستة بما قدمته ومدتهم به الجزيرة من ذرة وماشية وعلى ذكر الخليفة عبد الله فانه كان زوجاً لبنت البطل الصنديد عبد القادر ود حبوبة الذي كان صهره وصديقه الأسير المخلص له والمقرب أليه وقد مدح ود حبوبة الخليفة عبد الله بعدة قصائد.
ومشروع الجزيرة منذ قيامه كان هو العمود الفقري لاقتصاد السودان وركيزته الصلبة الأساسية وكان يرفد الخزينة العامة للدولة بالعملات الحرة والعملات المحلية من عائدات مبيعات القطن طويل التيلة ويتم تغطية الفصل الأول الخاص بالمرتبات والفصل الثاني الخاص بالخدمات من هذه العائدات وخصصت 2% للخدمات
الاجتماعية بالجزيرة وفي عام 1970م أعلن الرئيس جعفر نميري حملة محاربة العطش في دارفور ووجدت استجابة فورية محلية وإقليمية ودولية ونجحت في القضاء على تلك المشكلة العويصة وقرر الرئيس نميري أن يخصص لدارفور في ذلك العام 4% من عائدات قطن
الجزيرة أي ضعف ما يخصص للخدمات الاجتماعية بالجزيرة وجمع مزارعو الجزيرة وامتداد المناقل أموالاً طائلة خصمت في المكاتب عند الصرف من أرباح قطن كل منهم ويضاف لذلك ما جمع من المعلمين والموظفين والعمال وخصم من مرتباتهم وكانت الجزيرة في أعلى
قائمة المساهمين في حملة محاربة العطش في دارفور .
والوعي والاستنارة ونسبة التعليم مرتفعة في الجزيرة وهي تزخر بالمتعلمين وحاملي ارفع الدرجات العلمية في شتى المجالات والتخصصات وهي تعج بالعلماء والخبراء والمهنيين مع الوعي المرتفع وسط المزارعين والعمال
والتجار وكافة فئات المجتمع ومن الجزيرة انطلقت فكرة قيام مؤتمر الخريجين التي أعلنها الأستاذ احمد خير المحامي والجزيرة تضم مبدعين في شتى مجالات الآداب والفنون والرياضة وإذا اخترنا بطريقة عشوائية أسماء خمس قرى على سبيل المثال لا الحصر (اللعوته
الحجاج وألتى والمسيد والنوبة وفداسي الحليماب) فان أية قرية من هذه القرى زاخرة بذوي المؤهلات الرفيعة والخبرات التراكمية في شتى المجالات ويمكن منها وحدها تكوين حكومة اتحادية راسخة وأسماء من شغلوا المواقع الدستورية في العهد السابق موثقة ومرصودة ومن شغلوا مواقع دستورية من ابناء الجزيرة عددهم ضئيل .
والمخطط الآثم الكبير الذي تم بشراكة داخلية وأجنبية ودعم لوجستى ومالي خارجي ضخم تم التمهيد له بالصرف المفتوح لنشر ما يسمى خطاب الكراهية وأخذت أبواقه تتحدث عن تفرقة لونية وعنصرية واستعلاء عرقي وجهوي وحدث نفس الشيء في دارفور قبل ذلك
بتقسيمها إثنياً وعرقياً لعرب وزرقة وماالى ذلك من أوصاف فيها جاهلية وسوءخلق وكافة ولايات السودان بلااستثناء توجد في كل بيت أو أسرة ممتدة كافة الألوان وليس في هذا تمايز أو مفاضلة وهذا التمايز اللوني
موجود في بلاد عربية عديدة مثل الأمارات والكويت …. الخ ولا يشكل لهم هاجسا او يولونه ذرة من اهتمامهم اما هذا السخف فانه يثار فقط هنا في السودان وفي كتاب قادم خصصت فصلا يدحض اتهاماتهم الباطلة وادعاءاتهم
الكاذبة بعنوان (خطاب المحبة والزيجاب والمصاهرات والتماذج القومي واختلاط الدماء بين السودانيين) وأوردت مع ذكر الأسماء بعد بحث واتصالات كثيرة ومقابلات عديدة والتقاء بمأذونين مائتى زيجة حدثت في السنوات الأخيرة واختلطت الدماء بين عرسان
وعروسات من دارفور وولاية الجزيرة وولاية الخرطوم وهذه مجرد نماذج وقد حدثت مثلها ألآف الزيجات في صمت وهدوء ونفوس متطايبة أما بالنسبة للثراء والغني المادي فانه لا ينسب لقبيلة أو لمنطقة أو لولاية ولكنه ينسب لفرد وفقاً لاجتهاده وتكون ثروته هي ثروة إنسان
جاد مجتهد ويمكن أيضا في حالات أخرى إن تكونن الثروة ثروة أسرة وقد يوجد ثري محسن يملك ترليونات الجنيهات ويكون جاره وقريبه وابن قبيلته او منطقته فقيرا معدماً يعطف عليه وهذا يؤكد أن الثراء لا يعرف القبلية والجهوية وبالبحث والتحري اتضح ان قائمة أثرى
الأثرياء في السودان على رأسها أثرياء من دارفور وأثرياء أصولهم وجذورهم من نوبة الشمال حلفاويين وسكوت ومحس ……… الخ.
وما يجري في الجزيرة في الفترة التي قاربت نصف عام هي حرب ضد المواطن الأعزل من السلاح وحدثت تفاهمات في بعض المناطق في الجزيرة في حدود التوافق على حفظ الأمن فقط لقاء رسوم تسيير او أشياء
باستطاعة المواطنين دفعها . ويوجد رزيقات حفظوا حق الجوار والعشرة الطويلة واذا حدثت تفلتات أحياناُ من بعض الصغار فان الكبار يردونهم لجادة الطريق ولكن قد يفاجاْ هؤلاء جميعا بمجرمين من المرتزقة الذين احضروا من بعض الدول الإفريقية المجاورة او من الذين اخرجوا من السجون وجندوا وهم يعتلون العربات والمواتر
ويحملون اسلحتهم وأخطرتهم قيادة عليا بالدعم السريع كما زعموا ان ينهبوا ويسرقوا ويأخذوا الغنائم قهراً وقسراً ولن يمنحوهم مرتبات ويقوم بالهجوم عادة مخمورون ومخدرون لا يتورعون في سب الدين والعياذ بالله وعدم مواجهتهم ليس عن خوف ووجل ولكن هؤلاء المجرمين
لا يتورعون من القتل وفقدان الأشياء المادية تحت تهديد السلاح أصبح اقل ضررا ولكن العروض خط احمر وإذا مست لا قدر الله فان أهل الجزيرة سيقاومون حتى لو هلكوا جميعاً .
وبعض الذين يديرون ويحركون فرق الإجرام للسرقة وجمع الغنائم يدعون انهم من قبيلة الرزيقات التي أعددت عنها دراسة.ضمن كتابي القبائل السودانية والمصاهرات والنمازج القومي وهي قبيلة ذات وزن وثقل
ولكثرة عددهم يطلق عليهم تراب الهين وقد رفعت هذه القبيلة رأس السودان عالياً عندما زار الرئيس جمال عبد الناصر في معية الرئيس ابراهيم عبود في بداية ستينات القرن الماضي منطقة الرزيقات واقاموا له احتفالاً فخماً ضخماً في منهل سبدو سارت بذكره الركبان وأهدى الناظر
محمود موسى مادبو الرئيس جمال عبد الناصر ومصر ألف ثور باسم قبيلته التي جمعتها ومثل هذا قمة النجاح في الدبلوماسية الشعبية والناظر إبراهيم موسى مادبو عرف بقوة الشخصية والورع وكان صاحب رأي يقود ولا ينقاد والقبيلة تضم عددا كبيرا من المتعلمين وعلى سبيل
المثال لا الحصر فقد نال دكتور عقيل احمد عقيل شهادة الدكتوراه في القانون من جامعة السوريون بفرنسا في خمسينات القرن الماضي وكان نقيبا للمحامين السودانيين ونال دكتور آدم محمود موسى مادبو شهادة الدكتوراه في الهندسة من الولايات المتحدة الأمريكية في عام
1967 وكان أستاذاً بكلية الهندسة جامعة الخرطوم واستشارياً هندسياً كبيراً وشغل عدة مواقع وزارية وسياسية ولولا كبر السن متعه الله بالصحة والعافية فهو مؤهل ليكون رئيسا للوزارة وبمجلس السيادة وعرفت القبيلة بمكارم الأخلاق وما يجري في الجزيرة تقع مسؤوليته على آل دقلو والقائد الأول والقائد الثاني ومن
انضموا إليهم من القبيلة فعلوا ذلك بصفاتهم الشخصية كسائر المنخرطين معهم من القبائل الاخري وما يحدث في الجزيرة من جرائم بشعة نأمل أن تتبرأ منه قبيلة الرزيقات ورموزها وقادتها واذكر منهم على سبيل المثال الباشمهندس عبد الله على مسار ودكتور عبد الحميد
موسى كاشا ودكتور حسبو عبد الرحمن ومولانا دكتور محمد عيسى عليو وصديقي الأستاذ الصادق الرزيقي وأصدقائي …… الخ.
ونأمل أن يقوموا بدور حاسم بالتدخل لإيقاف المجرمين المنفلتين الذين يقومون بتوجيه وإدارة عمليات القتل والنهب والسلب وقطع الطرق وينسبون أنفسهم لقبيلة الرزيقات وإننا نأمل لان يقوم هؤلاء الاماجد المحترمون بسد النقص ومعالجة العجز.
لقد مضى الآن قرابة نصف عام والجزيرة تجلس على مقعد من نار حامية ولهب مشتعل وظل مواطنو الجزيرة يسمعون منذ عدة أشهر بين الفينة والأخرى أن المتحرك الفلاني تحرك من….. ووصل إلى …..وان المتحرك الفلاني وصل واجتاز … وان المتحرك ….. الخ . وأصبح
هذا مثل حال أم تهدهد أطفالها الصغار ليناموا وظلت الأمور تراوح مكانها دون حل بالتفاوض المباشر مع القيادات المحلية للمنفلتين لإيقاف جرائمهم أو مواجهتهم بالشدة من قبل الدولة لان هذا هو واجبها حيال مواطنيها
ويدور تساؤل هل تم اتخاذ الجزيرة حائطاً قصيراً وُهديت كرامة وسلامة للدعامة وعلى وجه الدقة للمتفلتين منهم أم أنها أصبحت مثل عظم ترميـــــه لكلب عقور لينشغل به وينصرف عنك وكما قـــيل ( جلداً ما جلدك انفرج عليهو و خلي يجروا فوقو الشوك ).