صاحب(خواطر وترحال )يرسم ملامح مسيرتة الإبداعية الروائي أسامه رقيعة يستوحي من بورسودان قصة إلهام أبدية
عدت من الغربة ووجدت السودان متغيرا في جغرافيته وملامح إنسانة
لم يعد هنالك(مستورا )وسوء المجتمع اضحت مبذولة علي الطرقات
أسامة رقيعة كاتب روائي وقاص له حضور نوعي في المحافل الثقافية إضافة للاصداراتة الأدبية لة عدد من الإصدارات الفكرية والقانونيه
* من مواليد بورتسودان ويعمل بدولة الإمارات العربية المتحدة ولة عدد من الروايات منها الوتر الضائع وذكريات مدام س وبامبا سوداء وأحداث منتصف النهار، الإصدارات ونال كتابة “خواطر وترحال “جائزة الكتاب الذهبي من دار (ونجر ) للنشر بالتعاون مع الاتحاد العالمي لمؤلفي الهند حيث حصد اللقب من جملة (5) آلاف مؤلف علي النطاق العالمي مقدم برنامج ثقافة قانونية علي فضائية الخرطوم
حوار / هاشم عمر
بورتسودان وسواكن والبحر والفضاء؛ هل للمكان أثر في أسامة رقيعة؟ وهل هنالك ارتباط بين البحر والإبداع؟
لقد كنت محظوظاً حين وُلدت في مدينة بورتسودان وإلى جوار البحر تحديداً، لأن بورتسودان مدينة مُوحية تصدح بجمال أخَّاذ ربما هو أتى إليها من حكمة الجغرافيا وعمق التاريخ، بل من طيبة أهلها وأصالتهم وتنوع ينابيعهم العرقية والثقافية، هي
كشأن سواكن وجبال الشرق وبقية مدن السودان، فالسودان هو بلد الحضارات الموحية والمتمازجة، أما البحر فهو، على اتساعه، يشكل لي قصة إلهام أبدية، وستظل زرقته ووشوشات أمواجه تحكي لي وللأرصفة والشواطئ التي ألفتها تلك القصة بلا انتهاء ..
هنالك غموض ورسائل مُبطنة في بعض روايات أسامة رقيعة.. الوتر الضائع واللحن المفقود حتى في اختيار العنوان؟ ..
ليست إلى ذلك الحد ولكني أثق في القارئ وفطنته، وإذا كانت الرواية هي فن كتابة الحكايا فإن فيها فن إدراك ما لم يُقل أو يُكتب لذلك التلويح، والتلميح جميل ..
هل يوجد تأثير وسمات مشتركة بينك والطيب صالح؟
لاشك أننا قد تأثرنا بفنه الكبير، ولكني لا أحس أنني قد ارتقيت إلى ذلك المقام الذي يجعل لي سماتٍ من فنه أو علمه أو شخصيته، ذلك على الرغم من بذرة القول التي طرحها الناقد عيسى الحلو حيت كتب مقالاً عن روايتي “مامبا سوداء” فقد قال ” فيه شيء من محفوظ وشيء من الطيب صالح ” وربما هو يعني في طرائق رسم الأفكار وهو قول احترمه ولكني لا أحسبه إلا محبة .
هل لديك طقوس معينة للكتابة الروائية؟..
أبداً، أنا رجل يطحنني العمل في بلاد الاغتراب، وكثيراً ما قلت إنني أكتب في الزمن المسروق من زمن القانون وهو ما لا يتيح لي إنشاء طقوس معينة للكتابة ولكن ربما في رمضان وهو شهر المحبة والأحاسيس الشفيفة والقلوب العامرة بالإنسانية
أعشق أن أجوب الأماكن والطرقات خاصة عند وقت الأصيل وقبيل الغروب حيث استطعم ذاك الملمح الجميل لأشعة الشمس الذهبية وهي تنعكس على الطرقات و الملامح المعمارية لمدينة دبي فتندلق على وجداني الكثير من المشاعر وربما تشعل أفكاراً قد أحوِّلها لاحقاً إلى مقالات أو كتب جديدة ..
الترجمة الأدبية وخاصة الروايات تُفسدها هل بإمكانية المترجم أن يشارك كاتب النص الأصلي؟
لا أؤمن بتدخل المترجم في النص الإبداعي إلا بقدر ما يمنح المعني فضاءً أكثر تعبيراً ودقة وهو في لغته الجديدة وهو ذات الحال في شأن الأصوات الجديدة التي بدأت تنادي بتحرير النصوص أو إخراجها فكل ذلك ينطوي على خدعة مخفية أو صناعة ضد التلقائية وفيها صدق أقل، وشخصياً لا أفضل هذا الأمر …
كيف وجدت السودان في زيارتك الأخيرة له؟
كانت في ديسمبر من العام الماضي، حقيقة لقد كان السودان متغيراً في جغرافيته وفي ملامح إنسانه الكادح، كان صوت المعاناة أكثر وضوحاً، وعلى الرغم من ذلك شعرت بالفرحة حين التقيت بالناس والأصدقاء في بيوتهم ومكاتبهم، كانت أخلاقهم ومحبتهم تؤكد لي أن الإنسان السوداني لا ينهزم أبداً ومهما كان .
تكريمك من جرس واحتفاء الأوساط الأدبية والإعلامية بك هل من عودة؟
حقيقة لقد غمروني بالسعادة، وهذا هو شأن السودانيين يحتفون ببعضهم البعض، لقد منحوني فرصة لا تُنسى للحكي والمشافهة، حقيقة كثيراً لم أحس أنني من يجب أن أكرمهم لأنهم يعملون في ظروف غاية التعقيد وعلى الرغم من ذلك يرسمون البسمة ويكتبون الفرح، أنا أغتنم هذه الفرصة لكي أقول لهم شكراً كثيراً لكم جميعاً بل لكل كاتب أو إعلامي أو فنان
أو زميل حضر أو شارك وعبَّر، أنا أحب التفاعلات الاجتماعية والثقافية، كل ما أُصدر كتاباً أحضر إلى السودان لأجل تدشينه وإشهاره وتكون الحقيقة الباطنة من وراء حفل الإشهار والتدشين هي لقاء الأحباء ومشافهتهم والحديث إليهم لأنني بالفعل افتقدهم، فقد قدر الله أن أكون بعيداً عن أماكن ذكرياتي والأصدقاء، والعودة حلم له قلادة مكتوب عليها مستحيل، وأنا أعلقها في رقبة “البرهان “شخصيا” .
أسامة رقيعة بين الأدب والقانون، تأثير خلفيتك القانونية على كتاباتك الروائية!!
القانون نظام ومنطق وكل كلمة فيه محسوبة بدقة، ولاشك أن منهجية التفكير القانوني أثرت على كتاباتي بشكل أو آخر، ولكن لا أريد للناس أن يتصوروا أن وقائع القانون وأحداث القضايا قد تسربت بشاكلتها إلى النص الروائي الذي أقدمه، لأن بعض الوقائع القانونية هي غير موحية لي البتة خاصة إذا كانت هي وقائع تكشف عن سوءة النفس البشرية واندياحها الجامح ناحية الظلم الفادح .
الروايات التي تتناول المسكوت عنه في مجتمعاتنا المحافظة تجد الانتشار والقبول.. رأيك!!
لم يعد هناك شيء مستور أو مسكوتٌ عنه، سوءة المجتمعات مبذولة في الطرقات ومكشوفة للجميع، وإذا جاءت تلك السوءات في المعالجات الروائية على نحو يقتضيه العمل الفني فلا بأس من ذلك، ولكنني لا أرى سبباً للانخفاض بالذائقة الأدبية أو الفنية العامة بحجة كشف المستور .
هل يمكن أن تتحول روايتك إلى أفلام؟
أنا لا أقول ذلك، ولكن بالفعل قد تواصل معي عدد كبير من الدراميين وكبار المخرجين ممن اطلعوا على بعض أعمالي على شاكلة “زهور البلاستيك ” و”مامبا سوداء ” و” اللحن المفقود ” وطلبوا الإذن من أجل تحويلها إلى أفلام و مسلسلات وكان قولي لهم واحداً بأني لا أفهم في ذلك ولكن إذا كان هذا هو قولهم الفني فإنني لا أمانع ..
ومما أذكره فقد كتب لي سيناريست شهير بعد أن طالع ” اللحن المفقود” (طبعا الرواية دي تكتيك كتابتها سينمائي أو مرئي لأنها مكتوبة بالطريقة المرئية وطريقة رسم المشاهد وبالتالي هي مكتوبة بالسينارستية السردية وهو نوع من الكتابات بكون
مليان شغف ومحفز لخيال القارئ وبالتالي هو ممتع ) وهو قول جميل ولكنه لا يعني أن الرواية عبقرية أو حتى أنها مستوفية لشروط الكتابات السردية غير أنه فقط يعني أنه يمكن تحويلها إلى عمل درامي وفقط، وأنا كشأن أي كاتب يحب أن يسهم في الحراك الثقافي أتمنى ذلك وأوافق عليه .
علاقتك بالفنون البصرية..
أعشقها وأتفاعل معها لأنها لغة مرئية تُخبرنا عن معاني الجمال، حين كنت صغيراً جربت الرسم والخط والتلوين ولا زالت كثيرٌ من الألوان ذات إيحاء لي ولكني كشأن كل سوداني مشغول بالمعاش والوظيفة، فلم أجد مساحة لتطوير ذلك العشق.
اهتماماتك بالإبداعات الأدبية الأخرى القصة القصيرة، الشعر، النثر!!
لم أجرب الشعر إلا حين كنت يافعاً وكتبت ” عيناك تبرقان بحيرتان من عسل ” ثم كتبت بعض القصص القصيرة لكني كتبت كثيراً من المقالات الأدبية في شؤون ثقافية مختلفة كلها تأتي في سياق المحاولة بأن أترك أثراً مفيداً قبل أن تنتهي قصة الحياة القصيرة .
مدنٌ في الذاكرة
كثيرة هي المدن التي علقت بذاكرتي ولا تريد أن تبرحها، بورتسودان ثم شندي ثم دبي وباريس ولشبونة بالبرتغال وبرلين ثم تايبيه عاصمة تايوان الفاتنة ثم مدن أخرى لها رحيق الانتماء .