
شهداء الكلمة: الصحفيون السودانيون في قلب حرب لا ترحم
الخرطوم | العهد اونلاين
في اليوم العالمي لحرية الصحافة، لا يمكن أن تمر الذكرى دون التوقف عند التضحيات الجسام التي قدمها الصحفيون السودانيون في سبيل الكلمة الحرة ونقل الحقيقة، في واحدة من أكثر الفترات دموية وخطورة في تاريخ السودان الحديث. فمنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، أصبح العمل الصحفي في السودان مغامرة محفوفة بالموت والخطف والاعتقال.
بحسب نقابة الصحفيين السودانيين، فقد ارتفع عدد الصحفيين الذين قُتلوا نتيجة للحرب إلى 20 صحفيًا وصحفية حتى فبراير 2025، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الصحافة السودانية. هؤلاء لم يكونوا مجرد ناقلين للأخبار، بل شهداء للكلمة، سقطوا في خنادق الحقيقة، وهم يحاولون إيصال صوت المكلومين وتوثيق المآسي التي تعصف بالوطن.
ولا تقتصر الانتهاكات على القتل وحده، فقد وثّقت النقابة أكثر من 500 حالة انتهاك ضد الصحفيين، شملت 60 حالة اختطاف واحتجاز قسري، و58 حالة تهديد مباشر، بالإضافة إلى 27 حالة اعتداء جسدي ونهب للمعدات. كما تعرض 11 صحفيًا وصحفية لإصابات متفاوتة الخطورة، وتم استهداف مقار وسائل الإعلام بالإغلاق أو الحرق، في محاولة ممنهجة لإسكات الصوت المستقل.
هذه الأرقام تعكس واقعًا مريرًا تعيشه الصحافة السودانية، حيث أصبحت حرية التعبير هدفًا مباشرًا في مرمى الصراع السياسي والعسكري. ومع ذلك، فإن كثيرًا من الصحفيين ما زالوا يواصلون عملهم بشجاعة نادرة، متحدّين الخوف ومخاطر الموت، من أجل أن تظل الحقيقة حية في زمن الفوضى.
في هذا اليوم، نُحيي ذكرى من رحلوا من أهل المهنة، ونجدد الدعوة للمجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان وحرية الصحافة إلى التحرك العاجل لتوفير الحماية للصحفيين في السودان، وفتح تحقيقات شفافة في الجرائم المرتكبة بحقهم، ومحاسبة كل من يثبت تورطه.
فالكلمة لا تموت، والصحافة الحرة ستبقى رغم أنف الحرب، ما دام هناك من يحمل القلم بصدق، ويؤمن أن الحقيقة تستحق أن تُروى… ولو بالدم.