الأخبار

شريكة أم خادمة؟ طبيبة وحقوقية يفجران جدلا بمصر حول واجبات الزوجة

شريكة أم خادمة؟ طبيبة وحقوقية يفجران جدلا بمصر حول واجبات الزوجة

هل إرضاع الأطفال واجب على الزوجة؟ أم يجب أن تحصل على أجر مقابله من الزوج؟ وهل بالفعل لم تنص الشريعة على وجوب خدمة الزوجة لزوجها وإعداد الطعام لأسرتها؟ وما موقف الدين من الأمر؟

أسئلة تلخص جدلا كبيرا يثار حاليا في المجتمع المصري، وعلى المواقع الإخبارية والقنوات التلفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي، بعد تصريحات لعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان المحامية نهاد أبو القمصان قالت فيها إن الزوجة غير ملزمة بإرضاع أبنائها، ويجب أن يدفع الزوج لها مقابل ذلك.

end of list

ونشرت أبو القمصان -عبر صفحتها الشخصية على فيسبوك- مقطع فيديو قالت فيه إن القرآن الكريم لم يجبر السيدات على إرضاع أولادهن.

وأضافت أنه ردا على سؤال وجهه إليها أحد الشباب عما إذا كانت الأم غير ملزمة برضاعة أولادها، ولو فعلت فيجب أن تأخذ أجرا؛ بأن هذا ليس رأيها هي وإنما ما جاء في القرآن في سورتي البقرة والطلاق.

واستندت المحامية في رأيها إلى آيتين من القرآن الكريم؛ الأولى في سورة البقرة ونصها (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) الآية 233.

أما الآية الثانية فكانت من سورة الطلاق ونصها (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) الآية 6.

كما ارتفعت وتيرة هذا السجال بعد تصريحات مشابهة للطبيبة هبة قطب قالت فيها إن الزوجة أيضا غير ملزمة بإعداد الطعام لزوجها وأبنائها.

وقالت هبة قطب خلال استضافتها في أحد البرامج التلفزيونية إنه لا يوجد سند شرعي أو قانوني يجبر المرأة على الالتزام بالطهي لزوجها من دون مشاركة أو تبادل للأدوار.

هذه التصريحات والآراء أثارت ردود أفعال متباينة من قبل متخصصين ونشطاء ومشاهير داخل المجتمع المصري، فضلا عما أثارته من تفاعلات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض لما جاء في تصريحات كل من نهاد أبو القمصان وهبة قطب.

ويستند المؤيدون إلى عدم إلزامية إرضاع الزوجة أبناءها أو خدمة زوجها، إلا أن الفقهاء اختلفوا في ذلك، حيث ذهب الجمهور (الشافعية والحنابلة وبعض المالكية) إلى أن خدمة الزوج لا تجب عليها، لكن الأولى لها فعل ما جرت العادة به، في حين ذهب بعض أهل العلم إلى الوجوب.

وقالت أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر سعاد صالح إنه لا يجب على المرأة أن تقوم بالأعمال المنزلية، وإنما تتفرغ لتربية الأبناء وطلبات الزوج.

وأشارت خلال لقاء تلفزيوني مساء اليوم الخميس إلى أنه يستحب للمرأة أن تعد الطعام لأبنائها وزوجها، مضيفة أن “المرأة تطبخ وتكنس في بيتها من باب المروءة والفضل والإحسان وليس من باب الوجوب”، بحسب ما نقلته عنها صحيفة “المصري اليوم” المصرية.

أما الرافضون لما جاء في هذه التصريحات، لا سيما بعض الدعاة والشيوخ، فرأوا أنها استندت بالفعل إلى آيات من القرآن الكريم، لكن من دون فهم صحيح لمقصد الآيات، فضلا عن تجاهل الأحاديث الصحيحة وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ما يتعلق بخدمة المرأة لزوجها.

تفسيرات

وبحسب ما ورد في عدد من التفسيرات التي تناولت هذه الآيات الكريمة، فإن المقصود المطلقات، حيث ورد في تفسير الطبري على سبيل المثال “إن كان نساؤكم المطلقات ذوات حَمْل، فأنفقوا عليهن في عدتهن حتى يضعن حَمْلهن، فإن أرضعن لكم أولادهن منكم بأجرة، فوفوهن أجورهن، وليأمر بعضكم بعضًا بما عرف من سماحة وطيب نفس، وإن لم تتفقوا على إرضاع الأم، فستُرضع للأب مرضعة أخرى غير الأم المطلقة”.

كما استشهد هذا الفريق بما روي في صحيح البخاري عن السيدة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها قالت: كنت أخدم الزبير خدمة البيت كله، وكان له فرس، وكنت أسوسه، وكنت أحتش له وأقوم عليه.

وصح عنها أنها كانت تعلف فرسه، وتسقي الماء، وتخرز الدلو، وتعجن، وتنقل النوى على رأسها من أرض له على ثلثي فرسخ.

كما استشهدوا بما ذهب به المذهب الحنفي، إذ قال الحنفية بوجوب خدمة المرأة لزوجها ديانة لا قضاء؛ استنادا لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم عندما قسّم الأعمال بين علي وفاطمة رضي الله عنهما، فجعل عمل الداخل على فاطمة، وعمل الخارج على علي، ولهذا فلا يجوز للزوجة -عندهم- أن تأخذ من زوجها أجرا من أجل خدمتها له.

فتنة جديدة

بدوره، استنكر أمين مجمع البحوث الإسلامية سابقا الشيخ علي عبد الباقي التصريحات حول أجر الرضاعة، وقال في تصريحات لموقع “صدى البلد” إن ذلك يحدث فتنة جديدة داخل الأسر المصرية، مشددا على أن تفسير معاني القرآن الكريم وبيان مقصودة لا ينبغي أن يكون بالأهواء الشخصية أو النزعات العرقية أو الجنسية.

وتساءل: “هل المجتمعات الأوروبية المتحررة نجد فيها من امتنعت عن الرضاعة بحجة عدم تقاضيها أجر إرضاع؟ وأين نجد اليوم في المجتمع المصري مرضعات حتى يوفرهن الآباء لإرضاع أبنائهم؟”

عمود الخيمة

وبعيدا عن تناول الأمر من الناحية الدينية، فقد انتقد بعض الإعلاميين والمشاهير هذه التصريحات من الناحية الاجتماعية، حيث انتقد الإعلامي والناقد الرياضي أحمد شوبير تصريحات هبة قطب ونهاد أبو القمصان.

وغرد شوبير عبر حسابه على تويتر “هي إيه الحكاية يا جماعة، طول عمرنا والأم هي كل حاجة في البيت بتطبخ وهي فرحانة وترضع ولادها وهي مبسوطة ومحدش غصب عليها في حاجة”.

 

وتابع “إيه مناسبة الحملة الموجودة دلوقتي الأم لا ترضع ولا تطبخ ولا ولا !!؟ الأم عمود الخيمة بعيدا عن الفزلكة بتاعتكم”.

 

الأزهر يحسم الجدل

وحسم الأزهر الشريف هذا الجدل اليوم الخميس، حيث قال على لسان المشرف على الفتوى الدكتور عباس شومان إن الزوجة لا تستحق أجرا على الإرضاع، وإنما تستحق المطلقة فقط.

معاشرة بالمعروف

وفي السياق نفسه، قال مدير الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية الدكتور أحمد ممدوح إن الحياة الزوجية بين الرجل والمرأة لا تقوم على الحقوق والواجبات وإنما المعاشرة بالمعروف والكرم والفضل.

وأضاف -في تصريحات لصحيفة الأهرام المصرية- أن الرأي الفقهي الذي يقول بعدم وجوب خدمة الزوجة لزوجها والقيام بالأعمال المنزلية هو قول واحد وليس إجماع الفقهاء؛ فلا يصح أن نتمسك به ولا نرى غيره.

أما أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف الدكتور أحمد كريمة فيؤكد -في تصريحات للصحيفة نفسها- أن الفقهاء اتفقوا على أن الزوجة تعاون زوجها داخل البيت والزوج كذلك، مستشهدا بقول الله تعالى “ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف”.

وأشار إلى أن بعض جمهور الفقهاء قالوا إن خدمة الزوجة للزوج لا تجب، والرأي الراجح هو أن الزوجة تخدم زوجها في ما جرت به العادة، حيث إن أزواج النبي كن يخدمن الرسول صلى الله عليه وسلم، موضحا أن الزوجة تؤجر وتثاب عندما تعين زوجها في الخدمة قدر طاقتها، وجواز خدمة الزوج لزوجته.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + مواقع التواصل الاجتماعي

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى