سيارات كورولا وفولكس فاغن الجديدة.. ما الدول العربية الأرخص سعرا ولماذا تتفاوت التكلفة؟
تظهر مقارنة أسعار نوعين من السيارات الجديدة في الدول العربية وردت في مؤشر “نيمبو” (Numbeo.com) لتكلفة المعيشة في العالم عددا من الملاحظات الأساسية، منها أن أغلب الدول التي توجد فيها أسعار مرتفعة للبنزين ترتفع فيها أيضا أسعار السيارات.
ولكن هذه الملاحظة ليست عامة، فعدد من الدول العربية التي توجد بها أسعار مرتفعة للوقود، نجد فيها أسعار السيارات الجديدة متدنية مقارنة بباقي الدول العربية مثل حالة السودان، فما الدول العربية الأغلى والأرخص في أسعار سيارات “تويوتا كورولا” اليابانية و”فولكس فاغن غولف” الألمانية؟ وما العوامل التي تتحكم في أسعار السيارات الجديدة ارتفاعا أو انخفاضا؟
وتتأثر أسعار السيارات الجديدة عموما بعوامل خارجية دولية، وبأخرى داخلية محلية تتعلق بنسب الضرائب والرسوم الجمركية المطبقة على السيارات الجديدة، وكذلك العلاقات الخارجية للدول العربية مع الدول المنتجة للعلامات الكبرى في عالم السياحة.
ويعزى مثلا السبب وراء هيمنة الماركات الأوروبية على سوقٍ مثل السوق المغربية، في جانب منه، إلى اتفاقيات التجارة الحرة المبرمة بين المملكة والاتحاد الأوروبي، والتي تتضمن إعفاء السيارات المستوردة بين الطرفين من الرسوم الجمركية، ما يخفض أسعار السيارات الأوروبية أكثر مقارنة بنظيراتها الآسيوية مثلا.
وبالرجوع إلى مؤشر “نيمبو”، فإن أسعار السيارات الجديدة من طراز “تويوتا كورولا” تتفاوت في الدول العربية ضمن 3 مجموعات:
- بين 31 ألفا و41 ألف دولار: سوريا واليمن والأردن وفلسطين.
- بين 20 ألفا و30 ألف دولار: قطر والسعودية والبحرين ولبنان والمغرب والإمارات والجزائر وتونس.
- أقل من 20 ألف دولار: ليبيا والكويت ومصر والسودان والعراق وسلطنة عمان.
وأما أسعار السيارات الجديدة من طراز “فولكس فاغن غولف 1.4” فإن التصنيف فيها كالآتي:
- بين 30 ألفا و37 ألف دولار: سوريا والسودان والأردن وفلسطين.
- بين 20 ألفا و27 ألف دولار: سلطنة عمان والكويت وقطر والسعودية ولبنان والبحرين والمغرب والجزائر والإمارات وتونس.
- أقل من 20 ألف دولار: اليمن وليبيا والعراق ومصر.
وجدير بالتنويه أن الأسعار المذكورة سلفا تخص فترة معينة وهي منتصف شهر يناير/كانون الثاني 2023، وهو الوقت الذي راجعت فيه “الجزيرة نت” موقع “نيمبو”، والذي يضم أكثر من 8 ملايين و318 ألف سعر لمنتوج وخدمة، في أكثر من 11 ألف مدينة في العالم، وتتعلق هذه الأسعار بمجالات كثيرة ومنها مؤشرات كلفة المعيشة.
وتشترك الدول العربية الثلاث الأكثر غلاء في أسعار سيارات “تويوتا كورولا” (فلسطين ثم الأردن فاليمن) في أن سعر لتر البنزين فيها مرتفع مقارنة بباقي الدول العربية، إذ يتراوح بين 1.3 دولار في الأردن و2.2 دولار في اليمن، ولكن بلدا مثل السودان يصل فيه سعر لتر البنزين إلى 1.1 دولار، تجده مع ذلك ضمن 4 دول عربية هي الأرخص سعرا في سيارات تويوتا كورولا (ليبيا والكويت ومصر والسودان).
ومن المهم الإشارة هنا إلى أن المقارنة بين أسعار نوعين من السيارات الأكثر مبيعا في العالم (تويوتا وفولكس فاغن)، لا تقدم مقارنة شاملة للأسعار في أسواق السيارات في الدول العربية، ذلك أن الماركات اليابانية مثل تويوتا مثلا تمتلك حصصا كبيرة في السوق في منطقة الخليج، ولكنها ليست كذلك في دول عربية أخرى مثل المغرب والجزائر وتونس.
كما أن سوق السيارات المستعملة في الكثير من الدول العربية أكبر بكثير من السيارات الجديدة، وتصل النسبة مثلا في المغرب إلى 3 سيارات مستعملة مقابل سيارة جديدة واحدة.
وعندما يشتري المرء سيارة جديدة، فإن ثمة عدة عوامل تدخل بعين الاعتبار في تحديد سعرها:
- حجم الإنتاج العالمي من هذه السيارة، وحجم الطلب عليها في السوق المحلية لكل بلد على حدة.
- تكاليف حيازة ملكية السيارة والتأمين والوقود والصيانة.
- الخصائص (السلامة، والراحة ومساحة التخزين وباقي التفاصيل الداخلية والخارجية)، والمميزات التكنولوجية (القيادة والإنارة والكاميرات…).
- عندما تقترب نهاية كل سنة، تسارع شركات بيع السيارات بتقديم تخفيضات في الأسعار (ابتداء من شهر أكتوبر/تشرين الأول) لإفساح المجال أمام بيع الموديلات الجديدة للسيارات للعام الجديد.
- شروط ومواصفات القروض البنكية المخصصة لشراء السيارات في بلد ما.
وللتعرف عن قرب على أوضاع أسواق السيارات الجديدة في الدول العربية، والعوامل التي تتحكم في أسعارها، فسيتم الاكتفاء بـ4 دول عربية تشمل ثاني أغلى دولة من حيث أسعار سيارات تويوتا كورولا وفولكس فاغن غولف (الأردن)، وأرخص دولة (ليبيا)، مع إطلالة على سوق سيارات في منطقة المشرق (قطر) وأخرى في المنطقة المغاربية (المغرب). ونستعرض تاليا آراء خبراء في تجارة السيارات من تلك الدول.
زياد نابلسية.. تاجر سيارات في الأردن:
يعزى ارتفاع أسعار السيارات في الأردن إلى نسبة ضريبة الجمارك على السيارات الجديدة في المملكة، إذ تبلغ 200%، وتشمل الرسوم الجمركية وعدد من الضرائب، غير أن السيارات الكهربائية التي كثر الطلب عليها في السنوات القليلة الماضية لها ضريبة خاصة منخفضة تقدر بنحو 5 آلاف دولار لكل سيارة.
ويعزى ارتفاع طلب الأردنيين على السيارات الكهربائية والهجينة إلى عاملين، أولهما توفير استهلاك الطاقة (شحنة كاملة من كهرباء تمكن من قطع مسافة 500 كيلومتر)، وكون هذا النوع من السيارات معفى من الضريبة الجمركية، وتستحوذ حاليا السيارات الكهربائية والهجينة على نسبة 65% من سوق السيارات في الأردن، والنسبة الباقية للسيارات التي تعمل بالبنزين فقط.
وأكثر 3 سيارات طلبا في السوق الأردنية هي: فولكس فاغن الألمانية، ثم شانجان الصينية ثم شيفرولية الأميركية.
المهدي الكوافي.. مدير شركة لاستيراد السيارات في ليبيا:
يرجع انخفاض أسعار السيارات في ليبيا إلى المستوى المنخفض للرسوم الجمركية المطبقة على استيراد السيارات عموما الجديدة منها والمستعملة، إذ لا تتجاوز قيمة هذه الرسوم مبلغ 350 دولارًا لكل سيارة، كما أن عدم وجود نظام وكلاء سيارات أسهم أيضا في انخفاض الأسعار، إذ لا توجد شركة تحتكر استيراد وبيع نوع معين من السيارات.
وما عدا الرسوم الجمركية، فإن الحكومة الليبية لا تخضع أسعار السيارات الجديدة لأي ضريبة.
أكثر من ثلثي السيارات التي يشتريها الليبيون هي سيارات مستعملة وليست جديدة، وذلك بسبب أن الأسعار المستعملة أقل كلفة من نظيرتها الجديدة، وتبقى الجهات الحكومية هي أكثر الجهات التي تشتري السيارات الجديدة.
انخفاض أسعار السيارات في ليبيا دفع عددا من مواطني دول الجوار ولا سيما من الجزائر والسودان والنيجر إلى القدوم إلى ليبيا من أجل شراء السيارات، والتي يبقى سعرها أدنى من تلك الدول.
وتهيمن السيارات اليابانية، وعلى رأسها تويوتا، والسيارات الكورية الجنوبية (هيونداي وكيا) على مبيعات سوق السيارات الليبية.
فادي أبودياك.. مدير فرع وكالة سيارات في قطر:
ما يحدد مستوى أسعار السيارات الجديدة هو بدرجة أولى متوسط دخل الفرد بين الضعيف والمتوسط والمرتفع، وأيضا يخضع لمعطيات سوق العرض والطلب، فالطلب مرتفع على السيارات الاقتصادية في دول الشام (الأردن وفلسطين ولبنان وسوريا) ومصر، وبالتالي فأسعارها مرتفعة في تلك الدول مقارنة بدول الخليج، والتي يمتلك سكانها دخلا مرتفعا، وبالتالي فإنهم يبحثون عن السيارات ذات المحركات القوية، وهي صنف مختلف عن السيارات الاقتصادية.
ففي قطر ودول الخليج عموما يدفع الدخل المرتفع للسكان إلى شراء السيارات الجديدة ذات المواصفات العالية، وبالتالي فإن أسعارها تكون مرتفعة، في حين أن الطلب عليها منخفض في دول مثل العراق وليبيا بسبب فارق الدخل.
ومن المتغيرات التي حدثت في سوق السيارات في دول الخليج والمنطقة العربية عموما دخول سيارات صينية جديدة منخفضة السعر، وهو ما جعل الطلب يقل على السيارات المستعملة.
عادل بناني.. رئيس جمعية مستوردي السيارات بالمغرب:
ثمة عوامل أساسية تتحكم في سعر بيع السيارات، ومنها موقع العلامة التجارية في سوق السيارات، ومكانتها لدى المستهلك المحلي، فالمغاربة مثلا يفضلون بصفة عامة العلامات الأوروبية على اليابانية مثلا، كما أن شركات تصنيع السيارات تضع سعرا يتلاءم مع وضع علامتها التجارية مقارنة بالمنافسين، وذلك بغرض زيادة حصتها في السوق.
فسعر كلفة إنتاج سيارة مثلا في اليابان هو نفسه لكل دول العالم، ولكن الشركة المنتجة تضع سعرا مختلفا لكل بلد معين، يراعي سمعتها في ذلك البلد وكمية السيارات المبيعة فيه، فالشركة التي تبيع 100 ألف سيارة في بلد ما، لن تضع لها سعرا مشابها في بلد آخر لا تبيع فيه سوى ألف سيارة، فهي في السوق الثانية تريد زيادة حصتها في السوق، وبالتالي ستخفض السعر لاستقطاب مشترين جدد.
كما أن تفاوت أسعار الماركات المختلفة من السيارات الجديدة يتوافق ورغبة المصنعين في زيادة حصصهم السوقية، وذلك تبعا لمستوى الناتج المحلي الإجمالي للفرد.
ومن العوامل الأخرى الأساسية التي تؤثر في أسعار السيارات الجديدة تكلفة الشحن البحري التي تختلف من بلد لآخر تبعا للمسافة والقوانين المتبعة في هذا القطاع، كما أن اختلاف نسب الرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على السيارات الجديدة تؤثر بشكل كبير، فمثلا يطبق المغرب ضريبة للقيمة المضافة بنسبة 20%، في حين تنخفض النسبة في دولة الإمارات إلى 5%.
معطيات السوق العالمية
انخفض عدد السيارات الجديدة المبيعة بالعالم في عام 2022 إلى 52.4 مليون وحدة مقارنة بـ56.4 مليونا في عام 2021، وأدى انخفاض إنتاج السيارات إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية، ومن بين العوامل التي تقف وراء تراجع الإنتاج مشكلة إمدادات أشباه الموصلات، واضطرابات سلاسل الإمداد في العالم، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وما أفرزته من ارتفاع كلفة الطاقة والمواد الأولية، فضلا عن عامل التوتر الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين.
وإلى جانب العوامل الدولية لارتفاع الأسعار، فإن ثمة عاملا لا يقل أهمية في المنطقة العربية أثر على القدرة الشرائية للراغبين في شراء السيارات، وهو الجفاف الذي ضرب عددًا من البلدان العربية في عام 2022، ما أسهم في تراجع الإقبال على الشراء.