سياحه فى روائع الادب النوبي (2) قصيدة (دسي) لامير شعراء النوبه جلال عمر قرجة
سياحه فى روائع الادب النوبي (2)
قصيده (دسي) لامير شعراء النوبه جلال عمر قرجه
بقلم محمد شريف ابوداؤود
غزل عفيف :
حاشا لله لم تقل ذلك بل قالت:
إندقور قن وير تا داجن
نمنكر نلل إرقي باجن
إرقي الل دنياتكي باجن
جمي بنقرو أرتي باجن
و ياله من رد حيث تقول وهل هناك من يماثلكم في هذه البسيطة؟ وهل هنالك من تكتحل أعيننا برؤيته وتمتلىء نفوسنا شوقًا و طمانينة سواكم؟.
متمثلة قول الشاعر:
ويظنُّ أني قد أميلُ لغيرهِ أنّى وقلبي بإسمِهِ مكتوبُ
أنا ما شربتُ الحبّ إلا مرّةً والكلّ بعدكَ كأسهُ مسكوبُ
انظروا كيف استخدم شاعرنا الكبير كلمة ( إندقور in dogOr ) بكسر الهمزة بدلا عن (اندقور en dogOr) بإمالة الكسرة إلى الفتح، حيث خاطبته محبوبته بصيغة الجمع ربما، تعظيماً و تفخيماً للمحبوب، والأرجح أنها غلب عليها الحياء فلم تقوَ على مخاطبته مباشرة، فهي نوبية مجبولة على العفة والطهر، والتي تفضل كتمان حبها على البوح مهما كلفها الأمر، خوفاً من افتضاح أمرها فهي كما قال الشاعر العربي
فَهَل لِيَ في كِتمانِ حُبِّيَ راحَةٌ وَهَل تَنفَعَنّي بَوحَةٌ لَو أَبوحُها
وتستطرد فتاتنا موجهة حديثها لحبيبها حيث تقول: إن من تحظى بقربكم و وصالكم لا تأبه للدنيا و ما فيها و لكنها الأقدار تجمعنا تارة و تفرقنا تارة أخرى فهي خطًى كتبت علينا ، و لعل أهم ما يميز شاعرنا الكبير إستخدامه للمحسنات البديعية من جناس و طباق و استعارة و تشبيه بصورة تدعو للتأمل و الإعجاب ولقد أجاد كثيرا حين استخدم كلمة (باج pAj) التي تحمل معانٍ كثيرة ففي البيت الأول أتت بمعنى الرسم، و في البيت الثاني أتت بمعنى يطلق او يترك وفي البيت الثالث أتت بمعنى يكتب، لعمري أنها ملكة لا تتأتى إلا لشاعر متمكن من أدواته مجيداً للغته.
شرح بعض الكلمات :
(نمني nimne) :الكحل .
(باجpAj ) :يكتب – يرسم – يُطَلِّق – يشرق.
رجاء المحب :
إن نوقيد هي سيلا تامُن
دولكن إر مقرن قي مامُن
و في رجاءٍ يشوبه الخوف و الحذر و كثير من التردد ،يقول لمحبوبته إن سفرها هذا غير مقبول و أنها بمقدورها أن تعدُل عنه، و خاطبها باسم (سيلا sEla) الاسم الأنثوي المحبب لدى النوبيين و لم يدعها باسمها تكرمًا كعادتهم، متمثلًا قول الشاعر الأندلسي ابن زيدون:
لَسنا نُسَمّيكِ إِجلالاً وَتَكرِمَةً وَقَدرُكِ المُعتَلي عَن ذاكَ يُغنينا
إدو ماس كا تني كامن
قونجري إن نونتي دامن
و يقول لها أيضاً: إن الديار لن تحتمل بعد رحيلك و لن يطيب لنا فيها عيشًا و لن نجد فيها من يسلينا عنك وهل هناك من يماثلك، و هنا إستخدم كلمة (كا kA) بمعنى المنزل بدلا من (اشي acay) والتي تعني الديار، مع أنها لم تكن تقاسمه المنزل و لكن شاعرنا أراد أن يقول: دعك من الديار حتى المنزل لن يطيب لنا فيه مقامًا بعد رحيلك، مهما صانعت نفسي وغالبت الوجد والنوى، وكأنه جارى الشاعر العربي حينما قال :
مَنازِلُ لَم تَسلَم عَلَيهِنَّ مُقَلَّةٌ وَلا جَفَّ بَعدَ البَينِ فيهِنَّ مَدمَعُ
وقول آخر:
كفى حزنا للهائم الصب أن يرى منازل من يهوي معطلة قفرًا