مقالات

سنهوري عيسى يكتب:( البنك المركزي) .. ماوراء الصمود وضخ النقود…؟

سنهوري عيسى يكتب:( البنك المركزي) .. ماوراء الصمود وضخ النقود…؟

 

بعد تطبيق قرارات لجنة الطوارئ الاقتصادية بتحرير سعر الصرف وخروج بنك السودان المركزي من سلطة تحديد الاسعار ، وترك مسؤولية تحديد الاسعار للبنوك والصرافات قبل نحو أسبوعين، شهدت أسعار الدولار ارتفاعا ملحوظا في السوق الموازي لتتجاوز 800 جنيه، وتوقع الكثير من الخبراء والفرقاء السياسيون انهيار الاقتصاد السوداني وسادت حالة من الهلع بالاسواق المحلية ، حيث أحجم التجار وأصحاب المصانع عن بيع البضائع، وكان الوضع قاتما والمضاربات في أسعار صرف الدولار بلغت زرودتها.
هذا التدهور دفع بنك السودان المركزي، الي التدخل في سوق النقد الاجنبي بضخ مبالغ كبيرة يوميا في البنوك لمقابلة الطلب على الدولار، وإعادة الاستقرار الي سوق النقد الأجنبي، ومقابلة الطلب على الاستيراد والعلاج والدراسة بالخارج.
ولكن حظي تدخل بنك السودان المركزي في سوق النقد الأجنبي، بردود أفعال متباينة من خبراء الاقتصاد والسياسة والتجار ورجال والمواطنون والمراقبون للشأن السوداني، وكان الجميع مشفغا علي بنك السودان المركزي ومشككا في قدرته على( الصمود والاستمرارية في ضخ النقد الأجنبي) للبنوك لمقابلة الطلب على الاستيراد والعلاج والدراسة بالخارج وكافة الاغراض، وبعضهم أعتبر تدخل بنك السودان المركزي مجرد (بث تطمينات ) ، وأن الانهيار الاقتصادي حادث لا محالة، وبعضهم أعتبر تدخل بنك السودان المركزي في سوق النقد الأجنبي عبارة (فقاعة إعلامية وبندق في بحر) ، وبعضهم قال ( الموية تكضب الغطاس)، وبعضهم قال إنها مجرد إشاعة مثل (إشاعة الحصول على ودائع دولارية)، وبعضهم قال إنها (حرب كسر العظم لتجار العملة) ، وبعضهم قال بأنها ( خطوة إيجابية لإعادة التوازن لسعر الصرف) ، وخفض اسعار الدولار في السوق، وايقاف التدهور في قيمة العملة الوطنية الجنيه.. ولكن رهن هذا الفريق من الخبراء نجاح تدخل بنك السودان المركزي في سوق النقد الأجنبي، باستمرار ضخ النقد الأجنبي بكميات كبيرة تلبي الطلب على النقد الأجنبي لكافة الاغراض، وتزيد العرض من أجل إعادة التوازن لسعر الصرف وخفض اسعار الدولار، وتقوية الجنيه السوداني.
والحقيقة التى تفاجأ بها الكثيرون، ان بنك السودان المركزي ظل يواصل لليوم السابع على التوالي، في ضخ النقد الأجنبي للبنوك، وتلبية كل الطلبات التي تقدمت بها المصارف لمقابلة طلبات عملائها من النقد الأجنبي، كما أكد بنك السودان المركزي، استمراره تلبية طلبات المصارف من النقد الأجنبي دعماً لاستقرار سوق النقد الأجنبي.
ولعل استمرار بنك السودان المركزي في ( الصمود وضخ النقود) الي البنوك لمدة أسبوع يطرح أسئلة كثيرة لدي الكثيرين من الخبراء والمختصين والمهتمين بالشأن السوداني، من بينها .. ماوراء الصمود وضخ النقود .. وهل يمتلك بنك السودان المركزي احتياطيات كافية من النقد الأجنبي للاستمرار في ضخ النقد الأجنبي للبنوك والصرافات لمقابلة الطلب على الاستيراد والعلاج والدراسة بالخارج… وهل فعلا حصل ودائع دولارية ولم يعلن عنها، ام فعلا استطاع بنك السودان المركزي بناء احتياطيات من النقد الأجنبي منذ بداية تعويم الجنيه السوداني في فبراير من العام الماضي أي قبل أكثر من عام .. وهل فعلاً تم تحويل بعض الأموال المخصصة لتنفيذ سلام جوبا لتوظيفها في إعادة الاستقرار لسعر الصرف … وهل فعلا استطاع بنك السودان المركزي بناء احتياطيات من النقد الأجنبي والذهب كما تنقلات وسائل الإعلام محلية مؤخرا .. وهل الإجراءات المساندة لتحرير سعر الصرف من ضوابط جديدة للتصدير والاستيراد وشراء الذهب وشراء وبيع النقد الأجنبي دعمت خطوات وتدخل بنك السودان المركزي لإعادة التوازن لسعر الصرف… أم أن المضاربين في الدولار. عمدوا لتخفيض أسعار الدولار بغرض المضاربة بخفض الاسعار وشراء النقد الأجنبي من المتخوفين من انخفاض الدولار ، ومن ثم يمكن أن ترتفع الأسعار مرة أخرى… وهل الإجراءات الأمنية واعتقال المضاربين أوقفت خطة ومفعول الخنق الاقتصادي الممنهج كأداة لإسقاط النظام أو الانقلاب… ؟
الإجابة على كل تلك الأسئلة وغيرها ، فيها تأكيد على حقيقة واحدة هي أن بنك السودان المركزي استطاع (الصمود والاستمرار في ضخ النقد الأجنبي) للبنوك لمقابلة الطلب علي النقد الأجنبي لكافة الاغراض .. هذه الحقيقة الجميع يراها بالعين المجردة، وما عداها تساؤلات ستكون الإجابة عليها في حينها… وكما يقولون ( كل شيء في وقته حلو) … والوقت الان لصمود بنك السودان المركزي واستمراره في ضخ النقد الأجنبي وقدره على الصمود والاستمرارية… وليست للإجابة علي من أين لبنك السودان المركزي بهذا النقد الأجنبي .. ؟
فالواضح أن بنك السودان المركزي قادر على الصمود والاستمرارية في ضخ النقد الأجنبي للبنوك والصرافات… والواضح أيضا أن المضاربين في الدولار والذي يسعون لخنق الاقتصاد واسقاط الانقلاب يعرفون هذه الحقيقة … وبالتالي كما يقول العسكريون (أرضا سلاح) .. فالمضاربات في الدولار لن تحقق الخنق الاقتصادي الممنهج ولن تسقط الانقلاب… بل تغيرت ادوات العلبة وساحة المعركة.
نأمل أن يتواصل صمود بنك السودان المركزي في شهر رمضان شهر الفتوحات ليكون تدخله في سوق النقد الأجنبي فتح جديد للاقتصاد الوطني وتدفق رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية والوطنية وعودة مدخرات المغتربين وإنعاش الاقتصاد وتحسين معاش الناس … فالشعب صبر .. ووعد الله حق (بعد العسر يسرا).
اللهم إن وعدت ووعك الحق .. اللهم اجعل عسر الشعب السوداني يسرا .. أنت ولي ذلك والقادر عليه.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى