سنهوري عيسى يكتب:(إفلاس السودان) .. الواقع يكذب التقارير والتنبؤات
سنهوري عيسى يكتب:(إفلاس السودان) .. الواقع يكذب التقارير والتنبؤات
حقيقة للأمانة كلما أصبح يومياً من عداد الأحياء الذين مد الله تعالى في اجالهم ، أشعر بالخوف والقلق من الإجابة علي سؤالين .. الاول : لماذا عملت بعد أن مد الله في أيامي من الأحياء …؟ وهو سؤال صعب ولكن مطلوب مننا جميعاً أن نستصحبه ونسعي للإجابة عليه، ونسأل الله أن يوفقنا فيما مدنا من أيام لأعمال الخير والطاعات، وان يحسن خاتمتنا ويعتقنا وإليكم من النار في هذا الشهر الفضيل…
أما السؤال الثاني : كيف للاقتصاد السوداني أن يصمد ولا ينهار رغم كل الظروف المحيطة بالبلاد .. ومع ذلك توجد وفرة في عرض السلع .. وهنالك حركة شرائية رغم ضعف انتشار الفقر والسياسات الاقتصادية التي تزيد يوميا عدد الفقراء والمساكين والمحرومين …الخ .
وللأمانة ولاهتمامي بالشأن الاقتصادي ، كنت اتوقع ان ينهار الاقتصاد السوداني بعد انفصال جنوب السودان في العام 2011م وأن يحقق الاقتصاد نموا سالبا بعد الانفصال، كما توقعت تقارير للبنك وصندوق النقد الدوليين، وأن ينفلت سعر الدولار وغيرها من التوقعات السيئة …
ولكن كانت المفاجأة أن الاقتصاد السوداني حقق نموا موجبا خلافا للتوقعات ، وكان السؤال ملحا .. كيف يحقق الاقتصاد نموا موجبا رغم الانفصال وفقدان إيرادات نفط الجنوب واستمرار العقوبات الاقتصادية الأمريكية وبقاء السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب …الخ …؟
وحرصت على طرح السؤال علي وزير المالية والتخطيط الاقتصادي الاستاذ علي محمود عبدالرسول، فكانت إجابته غريبة لكنها مدعاة للتفكير، حيث ندقال : نحن ما عملنا شئ غير حزمة اصلاح اقتصادي برفع الدعم عن المحروقات والخبز وتحريك سعر الدولار وضبط الانفاق الحكومي، وهذه وفرت موارد .. لكن سبب النمو الموجب الاقتصاد هو نجاح الموسم الزراعي … (اي والله نجاح الموسم الزراعي) .. ما نجاح الحكومة بتطبيق حزمة الإصلاحات الاقتصادية وورشتات صندوق النقد الدولي ودون دعم منه .. كما قال وزير المالية. احترمت الوزير واجابته .. وبقي التفكير في إيجاد اجابة أخري… حصلت عليها من الدكتور محمد خير الزبير محافظ بنك السودان المركزي وقتئذ، وكانت إجابته أيضاً غريبة ومدعاة للتفكر والتدبر، حيث قال لي المحافظ بحضور الاخ احمد بشتو المذيع بقناة الجزيرة والذي التقي معي المحافظ وكان وقتها يعمل حلقة عن (إقتصاد ما بعد الإنفصال) … وجاءت إجابة محافظ بنك السودان المركزي مدهشة وهي أنه مستغرب من( ظهور الذهب) وإنتاجه من اامعدنيين الاهليين، بكميات كبيرة اشتري منها البنك المركزي في العام الأول لانفصال الجنوب نحو (50 ) طن ذهب بلغت عائداتها نحو 2,5 مليار دولار مكنت محافظ بنك السودان المركزي من الوفاء بالتزامات الدولة واستيراد السلع الاساسية من قمح ومواد بيترولية وأدوية وغيرها.
وزاد من دهشتنا حديث دكتور محمد خير الزبير محافظ بنك السودان المركزي، بأن ظهور الذهب بعد الإنفصال( هبة من الله) للشعب السوداني.. حقيقة ظهور الذهب بعد انفصال الجنوب كان مفاجأة ، بل هبة ربانية تحتاج أن نحسن استغلالها للنهوض بالاقتصاد وتحسين معاش الناس.
حقيقة نحن السودانيين ربنا بحبنا وبكرمنا ولذلك تجد الإجابة عندا دائما ( الله كريم) .. نعم ربنا كريم.
لقد خرجت من إجابة وزير المالية ومحافظ البنك المركزي السابقين، بشئ واحد أن الاقتصاد السوداني هذا لا يمكن التنبؤ بمالاته ولا تحكمه النظريات الاقتصادية وحزمة الإصلاح الاقتصادي التى تطبقه الحكومة سواء ورشتات صندوق النقد الدولي أو توليفة حكومية، وأن القطاع الزراعي والتقليدي المطري والقطاع الهامشي وغير الأهلي خاصة التعدين والتوكل علي الله هي من تقود الاقتصاد وتصنع المعجزات.
ولذلك اندهشت كثيرا مما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي وصحف إلكترونية بكثافة أمس واليوم عن توقعات بافلاس السودان، وفقا لبيان مشترك لأربع مؤسسات مالية بينها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي، حول أثر الحرب الروسية الأوكرانية علي النمو الاقتصادي العالمي.
وحظي التقرير باصداء واسعة بين مستغرب (مثلي) ، ومستفسر عن صحة الخبر ومتخوف ومتوقع للاسواء، و متساءل عن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وبين محذر من بث الشائعات لتحقيق الخنق الاقتصادي والسياسي وإظهار عجز الدولة والكسب السياسي ونشر الخوف وسط المواطنين واحداث اضطرابات في البلاد، ومن يطرح رؤية للحل وتفادي وصول مرحلة الإفلاس، فضلا عن استبعاد بعض خبراء الاقتصاد الذين اتصلت بهم،( إفلاس السودان) ، وقالوا إن الإفلاس أمر صعب لا تلجأ الدول الي إعلانه، كما أن شروط إعلان الإفلاس لا تنطبق على السودان سواء من النواحي الاقتصادية أو السياسية.
ونص الخبر المتداول في مواقع التواصل الاجتماعي، هو: ان(4) مؤسسات مالية تشمل البنك وصندوق النقد الدوليين، ومنظمة التجارة العالمية، وبرنامج الغذاء العالمي، أجمعت في بيان مشترك لها، على أن الحرب في أوكرانيا ستؤدي إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي برمته، وستكون تداعياتها أشد وطأة في الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل، ورشح التقرير ( 5) دول يأتي في مقدمتها لبنان ثم السودان ثانيا.
حقيقة أحب أن اطمئن كل الشعب السوداني، بأن الاقتصاد السوداني، لا يخضع للنظريات الاقتصادية، ويكذب دائما التقارير والتنبؤات المحلية والدولية، ولذلك توقعات (إفلاس السودان) ستخيب، ولكن ليست بفضل جهود الحكومة وسياساتها، وانما بأداء الذين يتوكلون علي الله من الزراع الذي يرمون البذور في الارض ويحسنون الظن بالله فياتي انتاجهم قطن وقمحا…..الخ، تعجز الحكومة الآن عن شرائه ويعمل المزارعين في رمضان علي حصاده لتأمين غداء اهل السودان، وسيخيب نجاح الموسم الزراعي ثانياً توقعات صندوق النقد الدولي وبرنامج الغذاء العالمي وغيرها من التقارير … كما سيواصل المعدنيين الاهليين في إنتاج الذهب رغم إهمال الحكومة لهذه (هبة الربانية) .. وسنغني كما يغني المغني الجزيرة .. ( في الجزيرة نزرع قطنا .. نزرع نتيرب تحقق آمالنا)… وآمال جميع السودانيين وسيكذب الواقع التقارير والتنبؤات .. طالما هنالك من المزارعين والمتوكلين الذين يحسنون الظن بالله .. فلن يخيب الله رجاء عباده … واهل السودان.