الأخبارالسودانتقارير

سفيرها بالخرطوم اتهم الغرب بالسعي لتشويه سمعة الحكومة السودانية الشرعية..مواقف روسيا.. هل من جديد؟!

سفيرها بالخرطوم اتهم الغرب بالسعي لتشويه سمعة الحكومة السودانية الشرعية..مواقف روسيا.. هل من جديد؟!

 

تقرير :  محمد جمال قندول

اتهم سفير روسيا في السودان أندريه تشيرنوفول الغرب بالسعي لتشويه سمعة والطعن في السلطات الشرعية السودانية بطرق ملتوية فيها أسلوب ثنائي “الشرطي الطيب والشرطي السيئ” المعروف.

وكشف تشيرنوفول في مقال عن اتصالات غربية مع حكومة الميليشيا تحت ذريعة المساعدات الإنسانية، في ذات الوقت الذي يتحدثون فيه عن إرهاب الدعم السريع المتمرد. يقودنا ما نقلته وكالات الأنباء إلى السؤال عن ما وراء تصريحات تشيرنوفول في هذا التوقيت؟

شق الصف

تشيرنوفول اتهم أيضًا داعمي الصراع في السودان بالسعي لإحداث شقاق بين الجيش وحلفائه من الحركات الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام. في حين، أكد أن السلطات السودانية الشرعية في الفترة الأخيرة حققت نجاحات كبيرة على كلا الصعيدين الميداني والسياسي، حيث تمكن الجيش من تحرير المناطق الواسعة في وسط البلاد.

أضاف السفير الروسي في مقال له أن الخطوة المهمة للسلطات السودانية تمثلت في تشكيل حكومة مدنية ستواجه المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المتراكمة والملحة.
وقال إن رئيسة البعثة الدبلوماسية البريطانية السابقة في السودان، السفيرة روز ماري مارسدن، والتي تعمل حالياً كخبيرة في المنظمة “تشاتام هاوس” تكرر وبدون أي مواربة المطامع الاستعمارية الغربية الثابتة تجاه السودان عبر سعيهم لتسليم السلطة إلى ثلة عملائهم “نشطاء ديمقراطيين” برئاسة رئيس مجلس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، ومنع نفوذ روسيا وإيران والصين هنا.

التصادم الدولي

ويرى الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي د. عمار العركي أن تصريحات السفير الروسي في الخرطوم التي شدد فيها على أهمية تشكيل حكومة مدنية كخطوة لمعالجة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، وفي الوقت ذاته انتقاده للمحاولات الغربية الرامية لتشويه سمعة السلطات السودانية والطعن في شرعيتها، تكشف عن مسارين متوازيين في الموقف الروسي من السودان. فمن جهة، تسعى موسكو لإظهار نفسها شريكًا داعمًا للاستقرار الداخلي عبر تأييد المسار السياسي، ومن جهة أخرى تضع نفسها في مواجهة مباشرة مع الخطاب الغربي الذي يضغط على الخرطوم ويضيّق خياراتها.

واعتبر العركي أن تصريحات السفير تعكس إدراك روسيا لحساسية الراهن السوداني، إذ ترى أن دعم الحكومة المدنية المرتقبة يمنحها شرعية للتواجد والتعاون، ويقطع الطريق على اتهامات الغرب لموسكو بأنها تساند أنظمة عسكرية فقط.

لكنه في الوقت نفسه، رسالة مزدوجة للغرب بأن موسكو ماضية في بناء شراكة مع السودان، سواء في ظل حكم مدني أو عسكري، وأنها تمتلك من الأدوات الدبلوماسية ما يمكّنها من حماية هذا المسار، بدءًا من استخدام حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن، وصولًا إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري.

ويضيف د. عمار أن روسيا تحاول عبر هذا التوازن أن تعمّق حضورها في السودان وفي البحر الأحمر تحديدًا، مستفيدة من حالة العداء غير المعلن بين الخرطوم والغرب، وما يرافقها من استهداف واضح عبر الضغوط والعقوبات.

في المقابل، تبدو العلاقة بين السودان والشرق أكثر انسجامًا، لا سيما مع موسكو التي أثبتت في أكثر من محطة أنها قادرة على الوقوف في مواجهة الضغوط الغربية، وهو ما يعزز ثقة الخرطوم في المضي قدمًا في هذه الشراكة.

وبحسب الخبير الاستراتيجي السياسي د. عمار فإن الدلالات الأعمق لهذه المواقف تتمثل في أن روسيا لا تنظر إلى السودان بوصفه مجرد دولة تبحث عن مخرج من أزماتها، بل باعتباره جزءًا من مشروعها الدولي لإعادة التوازن في مناطق النفوذ.

ومن هنا، فإن أي تقدم في بناء حكومة مدنية أو تعزيز الاستقرار الداخلي سيوفر لموسكو قاعدة أوسع لتثبيت حضورها الاستراتيجي، سواء عبر القاعدة البحرية المقترحة على البحر الأحمر أو عبر عقود استثمارية طويلة الأمد. أما بالنسبة للسودان، فإن التمسك بالشراكة الروسية قد يمنحه سندًا سياسيًا في مواجهة الضغوط الغربية، لكنه في الوقت نفسه يضعه في قلب صراع النفوذ الدولي، ما يفرض عليه إدارة حذرة تضمن الاستفادة من الدعم الشرقي دون الوقوع في عزلة غربية خانقة.

وعطفًا على ما ذكره أعلاه، فإن العركي يرى من المآلات المحتملة يمكن قراءة المشهد في إطار سيناريوهين رئيسيين: أولهما سيناريو الدعم المتبادل المدروس، حيث ينجح السودان في توظيف العلاقة مع موسكو لتقوية موقفه التفاوضي مع الغرب، واستقطاب استثمارات ومشاريع استراتيجية تخدم الاستقرار الداخلي.

وزاد: أما السيناريو الثاني فهو التصادم الدولي حال عدم إدارة هذا التبادل بحنكة وذكاء سياسي ودبلوماسي، بحيث يتحول السودان إلى ساحة صراع مفتوح بين روسيا والغرب، فتتضاعف الضغوط وتتعقد فرص الحل الداخلي، ليجد السودان نفسه أمام معادلة مكلفة تفرض عليه الاختيار بين شركاء كبار في لعبة نفوذ لا ترحم.

روسيا حاضرة

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد خير عوض الله أشاد بالعلاقات السودانية الروسية ووصفها بالقديمة المتجددة. وتابع خير: لا يوجد مسوغ لصيحات كثيرة متعددة من وطنيين مشفقين ينادون بتقوية العلاقة مع موسكو، لأن روسيا حاضرة بقوة في هذه العلاقة، خاصة مع المؤسسة العسكرية، حيث التحديث المستمر لعتاد وتسليح الجيش في فترات الحكم الوطني المتعاقبة، ولا يعرف أفراد الشعب أي نوع من الطيران الحربي سوى الميج والسوخوي ونحو ذلك.

ويشير محدّثي إلى أنه في فترة الحكومة السابقة، انتقلت العلاقات للتفكير والتخطيط لمجالات أمنية واقتصادية واستراتيجية أوسع، تمثل فكرة قاعدة حربية على البحر الأحمر إحدى هذه الأفكار والمشروعات التي طرحت بقوة.

 

ويواصل الكاتب الصحفي والمحلل السياسي محمد خير عوض الله في مسار التعليق على معرض الطرح ويقول إن معركة الكرامة جاءت وروسيا تواجه عدوانا أوروبيا وأمريكيا شرسا من خلف أوكرانيا. لكن رغم ذلك، لم تغفل أهمية العلاقة مع القارة الافريقية، وهي تخوض الحرب الأوكرانية، بدأت في صناعة حلف افريقي روسي، بتغيير أنظمة تابعة للنظام الفرنسي، لكن السودان يمثل بالنسبة لها أهمية أكبر بسبب الموارد والشاطئ الطويل على البحر الأحمر، وقد تابع الشعب السوداني بكثير جدا من المحبة والعرفان مواقف روسيا القوية جدا لمجابهة المؤامرة الغربية الكبيرة على السودان من داخل مجلس الأمن، وقد بلغت ذروة المواجهة باستخدام روسيا حق النقض لإبطال حلقة خطرة من حلقات التآمر داخل مجلس الأمن، كما أن كلمات رئيس بعثة روسيا في الأمم المتحدة، لمؤازرة السودان، وحمايته، والرد بقوة تصل حد (الشراسة السياسية) إن جاز التعبير.

 

المصدر: صحيفة الكرامة

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى