الإقتصاديةمقالات

سعد محمد أحمد يكتب : إستمرار إختلال المنظومة المصرفية

☽☜لــــنا كلمـــة☞☾
✏بقلم الأستاذ/ سعد محمد أحمد
♨إستمرار إختلال المنظومة المصرفية
☜☜☜☜☜☜☜☞
بما أن النظام المصرفي السودانى كان يعد فى زمن ما ركيزة الاقتصاد السودانى إضافة إلى وجود المصارف التخصصية مثل المصرف الزراعى والصناعى والعقاري….الخ ، ثم المصارف التجارية تحت الرقابة الكاملة من قبل بنك السودان المركزى الذى أصبح ينافس المصارف التجارية فى ظل نظام الانقاذ الملخوع.
إنهيار نظام المصارف فى ظل نظام الانقاذ الساقط بسبب سياسته المصرفية الخاطئة إضافة إلى النهب والفساد المقنن داخل هذه المصارف فى ظل النظام المخلوع لكن الغريب إستمرارية الوضع المأسوى بعد ثورة ديسمبر المجيدة وفى ظل الحكومة الانتقالية يمثل سبباً مباشراً لانهيار الوضع المالى والنقدى والاقتصادى فى أن واحد وأن لم يكن السبب الوحيد النظام المصرفى السودانى يختزل فى بنيته كل الاوبئة التى تشوب النظام المصرفى عموماً مازالت سياسة بنك السودان المركزى الممنهجة خلال فترة الانقاذ نفسها تسرى حتى الآن ولكى لا نتهم باننا نطلق الاحاديث على عواهنه نشير على سبيل المثال وليس الحصر نلاحظ بأن قرارات بنك السودان تكون سارية النفاذ بمجرد صدور المنشور فى حين أن الدول التى تحترم نهجها الاقتصادى للاستقرار تصدر ضوابطها وتكون سارية المفعول بعد تاريخ معين تمتد من شهر إلى أشهر من تاريخ المنشور المعنى حتى لا يؤثر على الاهتزاز فى السوق لأن القرارات التى تكون نافذة العمل بها من تاريخ صدورها يفتح بابا للفساد حيث أن هناك بعض رجال الأعمال والتجار لديهم شخصيات نافذة فى مركز اتخاذ القرار وهذا يجعل التجار الذين لديهم المعلومة قبل إصدار القرارات ميزة تحقيق الثراء بسبب المعلومة فقط ومازالت سياسة الوصايا من قبل المركزي الذى لا يرجع للبنوك التجارية للمشورة قبل إصدار التوجيهات فى حين أن البنوك التجارية هي جزء أصيل وشريك أساسي فى تنفيذ السياسات النقدية الصادرة من بنك السودان هذا يجعل أن نسأل البنك المركزى هل يفقد الثقة فى المصارف ويعتقد أنها لم تقدم لها النصح المناسب؟وهذا التساؤل لأننا نجد التخبط فى إصدار الضوابط فى موجهات البنك المركزى وظهر ذلك جليا فى موجهات بنك السودان الاخيرة الصادرة من إدارة الشئون المصرفية الادارة العامة لتنظيم وتنمية الجهاز المركزى بتاريخ 22/8/2021م وهي عبارة عن تعديلات فى أربعة نقاط أساسية وردت فى منشور تم إصدارها من نفس الادارة بتاريخ 12/7/2021 اي قبل حوالى شهر فقط!!!؟
تعتقد أن بنك السودان كان فى غنى عن إصدار هذه التعديلات لو كان قد تشاور مع المصارف التجارية قبل إصدار منشور 12/7/2021 الموجهات الاخيرة سمحت باستثناء عمليات تمويل استيراد القمح من نسبة تركيز التمويل وذلك حتى نهاية العام الجارى ومن المفروغ منه والمعلوم ان هناك سقف محدد لكل بنك فى حجم عملياته التمويلية وذلك وفقا لودائعه وحجم استثماراته اضافة إلى رأس مال البنك واصوله نعتقد ان هذا التوجه جيد لانها سلعة استراتيجية وضرورية وتأكيد على مرونة قرارات الدولة وفق احتياجاتها لنعرج إلى مسألة التمويل العقارى الخاص هذا رغم اهميته إلا أنه يحتاج إلى تساؤلات كثيرة هل تستطيع المصارف تمويل هذا القطاع وهي لا تملك المقدرة النقدية الكافية مع ضعف رأس المال والودائع مع قصر أجالها وعدم استقرارها وعدم استقرار سعر صرف قيمة العملة الوطنية مع ضعف دخول واجور مقارنة بارتفاع قيمة العقارات فى الوقت الذى يحتاج سداد تمويل العقارات من خمسة إلى عشرة سنوات وهنا نسأل لماذا أصدر هذا القرار؟ الا يفتح هذا القرار الباب وأسعا يعمل عمليات تمويل انشاء بيوت صورية اي فواتير صورية وذلك للحصول على أموال وسيولة نقدية بالمحلى ويقوموا بالمضاربة فى سوق العملات الاجنبية لنسأل لماذا تم هذا التعديل بهذه الكيفية؟.
اما التعديل الخاص بالمشاركة والمضاربة والسماح للمصارف بمواصلة عملها وهو أمر فى صميم عمل المصارف ولديها أقسام تقوم بعمل الدراسات اللازمة والضمانات الكافية إلا أن صيغة المضاربة لدينا تحفظات بما لها تاريخ أسود فى المصارف وفي تدمير إقتصاد البلاد وتعثر المصارف نضيف إلى تلك البنية والأوبئة سلبيات النظام السياسي السودانى لجهة الخيارات والسياسات المعتمدة ودورها الوظيفي فى الاقتصاد المحلى والاقليمى الى حد ما لسنا هنا فى اطار سرد تاريخ المصارف الذى يمثل اقطاعيات ولوبيات داخل منظومة الاقتصاد السودانى إلى طبيعة النظام المصرفى فى الدورة الاقتصادية فى العالم الراسمالى وفى منظومة الفكر النيوليبرالى السائدة فى اطار العولمة الاقتصادية وامولة النظام الرأسمالى فالتحول الذى طرأ على بنية النظام الراسمالى فى العالم من خلال امولته وابتعاده عن الانتاج الفعلى لينتج ثروة افتراضية عبر المضاربات المالية والورقية انعكست عمليا على المنحى الريعى الذى اتخذه السودان منذ منتصف تسعينات القرن الماضي الذىأريد له ان يكون النظام المصرفى عموده الفقرى في هذه المقاربة سنحاول عرض نظام مصرفى مختلف السبب الاساسي هو ان النظام المصرفى كما عرفناه فى سياسات الانقاذ لم يكن ولم يكون صالحاً للمساهمة فى عملية تنموية صحيحة ترتكز إلى الاقتصاد الانتاجى فى قطاعات صناعية أو زراعية أو فى قطاعات انتاجية جديدة أوجدتها الثروة التكنولوجية فى المعلومات والتواصل والمواصلات كما أن قطاع الذكاء الاصطناعى سيسطر على كافة مرافق الاقتصاد عاجلا ام اجلا ما يوجب مراجعة جدية للتوجهات التى تتحكم بالفكر الاقتصادي.
النظام المصرفى الذى نعرفه فقد الورقة الاساسية التى تبرر وجوده أي رأس المال المعنوى الذى يركز على الثقة بعد سلوك المصارف بكافة تشكيلاتها العامة والخاصة كيف يمكنه استقطاب المودعين لايداع مدخراتهم لديه بما يعود اليهم بالنفع ان فقدان الثقة بالمكونات الاقتصادية هو أيضا وفى الأساس فقدان الثقة بالنظام السياسي ولا يمكن أن نتوخي أي تغيير فى البنية الاقتصادية أن لم يحصل تغيير جذرى فى النظام السياسي إذا كانت ازمة النظام المصرفى السودانى هي أزمة النظام المصرفى الراسمالى الذى ينتهج السياسات النيوليبرالية كيف يمكن تغيير ذلك الواقع فى الحقيقة نعتقد أن التغير له محاور متعددة منها الملكية، الهدف، السياسات، الحجم وجميعها مترابطة عندما يكون ملكية المصارف لافراد أو عائلات أو المجموعة احتكارية أو المستثمرن يبغون فقط المردود العالى على استثماراتهم مهما كانت الظروف فان هذا الامر ينعكس حتما علي هدف المصرف عندها لاشي غير الربح والربح السريع والمتنامى هذا الهدف أصبح بمثابة عقيدة بل «قيمة اخلاقية» تنشر تحت شعار إرضاء المساهم هكذا يبدأ المصرف فقدان وظيفته الاجتماعية كعنصر أساسي فى الحركة الاقتصادية وعملية التنمية وهذا ما ظهر جليا بعد فك الحظر إتجهت المصارف لتفعيل سلعة استهلاكية ريعية مثل فيزا كارد وماستر كارد التى سودت بها اجهزة الميديا الاعلانية والتى لا تعود باي نفع لاقتصاد البلاد ولم تتجه هذه المصارف لتحسين أوضاعها فى المصارف العالمية لصالح اقتصاد ذات قيمة اضافية للبلاد اذا اكان الربح هدفا مشروعا فان تحديد حجم الربح وطريقة تحقيقه يجب أن يكون خاضعة لما نعتقده مسؤولية إجتماعية بمعنى النظام المصرفى مؤسسة ذات منفعة عامة مثل المياه والنقل والكهرباء والبني التحتية هذا التحول يشكل نقل نوعية جوهرية فى التوجه حيث يكون الربح حافزاً لكن ليس الهدف الوحيد أو الأهم.
إذا تحول المصرف إلى مؤسسة ذات منفعة عامة فهذا بطبيعة الحال يطرح مسألة الملكية الخاصة وتحت سيطرة فرد أو عائلة أو مجموعة خاصة؟ الإجابة واضحة وهي كلا المؤسسة ذات المنفعة العامة لا يمكن أن يملكها إلا من يمثل المجتمع قد تبدأ بالدولة وتنتهى بتعدد الملكية حيث لا يحصل اي مكون من الملكية على أكثر من نصيب صغير من الاسهم حتى لا يسيطر على مجموعة المساهمين وبين الحدين هناك امكانية إيجاد الملكية التعاضدية التى تشكلها التعاونيات والنقابات وهيئات من المجتمع الاهلى الحل الأمثل ملكية الدولة وانه سيعترض على ذلك كل من ينظر للقطاع الخاص واولوية نحن لا نقول إن لا ملكية خاصة للمصارف بل أن الثقل الاساسي للمنظومة المصرفية يجب أن تكون لاصحاب المنفعة العامة.
التجربة الصينية فى أذهاننا حيث أول أربعة مصارف فى العالم هي مصارف صينية تملكها مؤسسات تابعة للدولة هذا لا يمنع وجود قطاع مصرفى خاص إلا أنه ليس هو المسيطر على السوق المصرفية.
ضرورات الأمن القومي تفرض قوامة الدولة على المرافق الحيوية فى الاقتصادة وخاصة المصارف التى برهنت انها طيعة للتدخلات بسبب تشابك مصالحها.
القطاعات الاستراتيجية فى أي اقتصاد يجب أن تدخل ضمن مكونات الامن القومى لاي بلد فالتجارب دلت بشكل واضح ان راسمال الخاص لا يتحسس المسؤولية الوطنية إلا بالحد الادنى التى تفرضها الاعراف والتقاليد الموجودة فى المجتمع الذى يعمل فيه إذا كان النظام المصرفى متحرراً من أي مسؤولية وطنية وبما أن عصر النيوليبرالية يناهض أي دور للشأن الوطنى والقومى وذلك لحساب المجموعات الخاصة العابرة للحدود وبما أن الثقافة الاستهلاكية التى تروجها المصارف تسهم فى إضعاف المناعة الوطنية والحس الوطنى فقد أصبح المجتمع فريسة للمطامع الخاصة سواء كانت داخلية أو خارجية وفى كثير من مصارفنا ان مجموعة من الذين يملكون اسهم اكثر تسيطر على المصرف وتسمى ادارتها لأن معظم المساهمين لا يحضرون الجمعيات العمومية ولا يكترثون بما يحصل فى المؤسسة إلا متابعة نمو قيمة السهم أو نسبة توزيع الارباح وفى هذه الحال تصبح يد الفئة المهيمنة على المصرف حرة فى التصرف كما تشاء بحجة «مسؤولية المصرف تجاه المساهمين».
ما أحوج النظام المصرفى إلى إعادة هيكلته وسياساته المالية والنقدية والاقتصادية.
………… …………… ……..
4 سبتمبر 2021

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى