سعاد سلامة تكتب: ..همس البوادي..إدمان الإباحية خطر يهدد الصحة النفسية والاجتماعية

سعاد سلامة تكتب: ..همس البوادي..إدمان الإباحية خطر يهدد الصحة النفسية والاجتماعية
في زمن الانفتاح الرقمي وتسارع تدفق المعلومات أصبح الوصول إلى المحتوى الإباحي أسهل من أي وقت مضى حتى بات كثيرون يقعون في فخه دون قصد ليتحوّل تدريجيًا إلى إدمان يسرق من الإنسان هدوءه الداخلي ويشوّه رؤيته للحياة والعلاقات ولم يعد هذا السلوك مجرد خطأ عابر بل أصبح مشكلة نفسية معقدة تتسلل إلى العقل فتؤثر على المشاعر والقرارات والطموحات وتضعف قدرة الفرد على التواصل السليم مع نفسه ومع الآخرين
يتسم هذا الإدمان بقدر كبير من الخفاء من وجهة نظري انه الخطرالصامت إذ يعيش كثيرون مع معاناتهم بعيدًا عن أنظار المجتمع مما يدفع إلى العزلة والشعور بالذنب وينعكس على الثقة بالنفس والصحة النفسية. وتشير دراسات حديثة إلى أن التعرض المفرط للمحتوى الإباحي يضعف التحفيز ويشوّه مفهوم الحب ويصنع توقعات غير واقعية تهدد استقرار العلاقات الزوجية
تتداخل عوامل عدة في نشوء إدمان الإباحية بدءًا من الفضول البسيط مرورًا بمحاولة الهروب من الضغوط النفسية وصولًا إلى التعود ثم الإدمان القهري مع انتشار التكنولوجيا وسهولة الوصول ويمكن لهذا السلوك أن يمتد تأثيره إلى التركيز وقوة الإرادة وتقدير الذات ليحدث اضطرابًا واضحًا في الاستقرار النفسي والاجتماعي للفرد
تتشابك العوامل المسببة لهذه المشكلة بين نفسية
واجتماعية وبيولوجية فمن جهة يشكل الاكتئاب والقلق والتوتر أرضًا خصبة لارتباط الفرد بالمحتوى الإباحي بحثًا عن الهروب أو التخفيف المؤقت من الضغط ومن جهة أخرى تسهم الضغوط الاجتماعية والعاطفية والتجاوب السريع للتكنولوجيا الحديثة في زيادة انتشار هذه الظاهرة إضافة إلى أن التغيرات الهرمونية والاستعداد الوراثي قد يعززان قابلية البعض للوقوع فيها.
تظهر آثار الإدمان الممتدة في صور متعددة نفسية واجتماعية وصحية حيث يعاني الفرد من تراجع الثقة بالنفس وارتفاع مستويات التوتر والاكتئاب وتشتت التركيز بينما تتعرض العلاقات الاجتماعية والزوجية للاضطراب وقد يصل الأمر إلى فقدان العمل أو الانحراف السلوكي أما صحيًا فقد ترتبط السلوكيات المصاحبة للإدمان بزيادة خطر الإصابة بأمراض مختلفة نتيجة التوتر المستمر أو الممارسات غير السليمة
إدمان الإباحية حالة حقيقية تتطلب وعيًا وشجاعة للاعتراف بها وطلب العلاج فالتعافي يبدأ من فهم المشكلة والتواصل مع ألاختصاصي النفسي وتعلم استراتيجيات التحكم بالعادات وإدارة الضغوط إلى جانب البحث عن بدائل صحية تعزز التوازن الداخلي ويبقى للدعم الاجتماعي دور مهم في إعادة بناء قوة الفرد وثقته بنفسه.
تستدعي هذه الظاهرة استجابة جماعية تقوم على التوعية ونشر ثقافة الوعي بالمخاطر وتوفير الدعم النفسي للمدمنين إضافة إلى سن وتشديد التشريعات التي تحد من سهولة الوصول إلى المحتوى الإباحي والعمل على حماية الأفراد وتعزيز الأمن النفسي داخل المجتمع.
*أشارة*
في ظل التحديات التي فرضتها الحرب على السودان يأتي الإختبار الحقيقي لصمودنا وإيماننا بمستقبل أفضل *رسالة* للحكومة السودانية إلى تخصيص دعم قوي لمراكز الإدمان لتقوم بدورها في انتشال الشباب من براثن الإدمان الخطرة يتطلب ذلك توفير التمويل اللازم و تعزيز القوانين وتوفير برامج توعوية تعليمية هذا الاستثمار في شبابنا هو استثمار في مستقبل السودان ضروري لتحقيق التنمية المستدامة والنهوض بالوطن.
*فاصلة*
إن إدمان الإباحية ليس مجرد عادة سيئة بل هو تحدٍّ نفسي واجتماعي يتطلب مواجهة واعية وعملاً مشتركًا بين الفرد والأسرة والمجتمع والتحرر من هذا الإدمان ممكن متى توفرت الإرادة والدعم المناسب كما أن نشر الوعي ومساندة المتضررين يمثلان خطوة أساسية في حماية الأجيال وصناعة مجتمع أكثر توازنًا وطمأنينة.
اللهم آمنا في أوطاننا وأحفظ شبابنا من كل سوء.





