مقالات

رمزي حسن يكتب: ..مغاربات ومفارقات..ورحل النسمة الباردة

رمزي حسن يكتب: مغاربات ومفارقات.. ورحل النسمة الباردة

 

عشرةُ أيام تبقى في الذاكرة وتظل جزءًا أصيلًا في دواخل الإنسان، خاصةً حين نفقد أعزاء علينا، فيبقى فقدهم جرحًا عميقًا، وتظل أماكنهم شاغرة، لأنهم كانوا يمثلون لنا الوطن والملاذ للروح. أناسٌ برحيلهم نفتقد الكثير: نفتقد البسمة، الطيبة، والمهنية. ويظل أثرهم باقيًا خالدًا في النفوس.

وكل يوم يسقط نجم من نجوم بلادي، وكل يوم ينهدم جبل من رموز وأهرامات وطني.
والموت كأس والناس جميعًا شاربوه، والموت باب وكل الناس داخله. إنها سنة الحياة: تفرّق لتجمع وتجمع لتفرّق.

جمعتنا الأيام بأستاذ لا نزكّيه على الله، وبرحيله المر توشحنا الحداد، وسكننا شعور الحزن والجرح العميق.
إنه فقدنا الجلل، أستاذ الأجيال، الإعلامي والصحافي محمد أحمد مبروك، الذي عرفته دروب الصحافة. فقد كان الإعلامي الخلوق، الذي تتحدث عنه أخلاقه وعشرته. نعم الأستاذ الذي عرفه الجميع بدماثة خلقه وسماحته. كان نبضًا فينا، وجمالًا بيننا. وبرحيله نفتقد الكثير، كيف لا وهو صاحب المهنية المتميزة، والرجل الذي امتلك كل المقومات، وكان له دور كبير في تحريك ملفات عديدة وقضايا شتى.

برحيله ستفتقد الساحة الإعلامية قلمًا فذًّا، قلمًا لا يعرف المحاباة ولا المجاملة، كان كالشهاب يحترق من أجل القضايا التي تهم المجتمع. وبرحيله سيترك فراغًا كبيرًا، ولكن كما قيل: *تموت الأشجار واقفة*.
ورحيل أمثال هؤلاء يترك في النفس جرحًا وألمًا ومساحة واسعة من الحزن.

يا ليت شعري، والدنيا مفرِّقة بين الرفاق وأيامنا دول،
هل ترجع الدار بعد البعد أنسَة؟ وهل تعود لنا أيام الأوّل؟

لقد عُرف عن الأستاذ الكثير من القيم الإنسانية والأخلاق النبيلة، وحب الوطن والانتماء الصادق للأرض. كان وطنيًّا غيورًا، وعندما كانت *حرب الكرامة* ظل يدافع عن الوطن وقواته المسلحة كواحد من الأقلام التي شهد لها الجميع بمواقفها المشرفة. وكان يعي أن الوقوف مع القوات المسلحة هو موقف كل قلم وطني صادق.

المرحوم فقدٌ عظيم للوطن، وللقلم، وللإخوان.
لقد لعب أدوارًا كبيرة، خفيّة وظاهرة، من أجل هذا الوطن العزيز. أستاذنا كان واحدًا من أصحاب البصمة في ساحة الإعلام، وبرحيله فقدت الصحافة رمزًا من رموزها وهرمًا من أهراماتها. ولا سيما أنه صاحب تجربة طويلة في العمل الإعلامي، وكان شاهد عصر على العديد من المؤسسات الصحافية التي عمل فيها. وقد شهدت له الساحات بما قدّمه من تحقيقات وحوارات وتقارير وآراء صنعت رأيًا عامًا.

ويبقى الجرح عميقًا، والفقد جللًا، وقد ترك إرثًا إعلاميًا كبيرًا. وبفقده يفقد الإعلام ركيزة من ركائزه، وستظل مكانته شاغرة.
رحمه الله، فقد كان بيننا في صحيفة *العهد أونلاين* ككريات الدم الحمراء، التي تنقل الحياة من القلب إلى الرئة.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى