مقالات

د.هيثم حسن عبد السلام خبير شؤون المستهلك يكتب : حماية المستهلك؛كلنا كذلك

مهد الحروف
د.هيثم حسن عبد السلام
خبير شؤون المستهلك
mismawia@yahoo.com
حماية المستهلك؛كلنا كذلك
تستند المفاهيم الشاملة لحماية المستهلك إلى العديد من الركائز، أولها:أن الحماية عملية منظمة تقوم بها مجموعة متعددة من الأجهزة الحكومية وغير الحكومية ، وأن هذه العملية لا يمكن أن تتم بصورة فردية ، وأن المستهلك هو جزء منها بقيامه بدور حيوي وفعّال في مجابهة تلك الأشياء بمشاركته في الجمعيات التطوعية ، وذلك لأنه صاحب الحماية المطلوبة ، وهو المتضرر من تلك الأفعال ، وهو الذي يفترض منه التمسك بحقوقه ، ولأنه المسؤول عن نقص الحماية المتوافرة له بسبب تقصيره من التمسك بحقوقه إذا تم ذلك بوعي أو دون وعي لأنها على حساب مصلحته وصحته وضرر غيره . أو بسبب ضيق الزمن الذي يمكن أن يتم من طول الإجراءات التي تجعل الشخص يتنازل عن حقه ، والذي هو في ظاهره حقه فقط ، ولكن إذا نظر إليه بعين فاحصة هو حق عام للجميع لأن مساءلة الشخص المتسبب في الضرر يمكن أن تحمي الجميع ، وهذا يعني كف الأذى عن الجميع بطريقة غير مباشرة .
ونجد أن المجالات التي تتعرض فيها حقوق المستهلك للإنتهاك والاستغلال كثيرة ومتنوعة منها : الإعلام ، حيث يضلل المستهلك ويخدع بالدعاية ، وعدم مطابقة المنتج للمواصفات المطلوبة في الوزن والشكل أو المكونات ، بالإضافة إلى التغليف غير الآمن، والمقاييس والأوزان الناقصة ومشكلات النقل والتخزين . وكذلك تعريضه للغش بحجب بيانات السلع مما يضطره إلى شراء ما يرغب فيه وكذلك عدم تمكينه من رد المبيع وذلك للإعلانات المجحفة وقوانين الحد من المسؤولية وعدم حصوله على ضمان كافٍ للصلاحية والمنفعة المرجوة .
وأيضاً نجد الغش التجاري الذي عرف منذ نشأة الجماعات البشرية القديمة ، وقد تنامت آفة الغش في العصر الحديث ، واستشرى في المجتمعات الجشع والطمع وحب التملك على حساب القيم والأخلاق والعرف والدين . وللغش مخاطر واضحة لاتقتصر على المستهلك وحده ، بل تتعداه لتشمل المنتج والتاجر، إضافة إلى المخاطر الصحية التي يحدثها الغش على الصحة العامة وما يجره من ضرر على الاقتصاد القومي المحلي والعالمي . ولقد حرمت الشريعة الإسلامية الغش في جميع أشكاله وصوره قال تعالى: ( وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ) .
ختاماً يمكن التمييز بين ثلاثة من مراحل الحماية المقدمة للمستهلك : الأولى : حماية سابقة وهي الحماية التي تتم للمنتج أو لمدخلات الإنتاج قبل عملية التجهيز للإستعمال ، أما الثانية فهي الحماية الآنية وهي الحماية التي تتم أثناء تداول المنتج وتتم بوساطة فرق التفتيش . والثالثة هي الحماية اللاحقة وهي التي تكون بعد استعمال السلعة أو الخدمة فإذا تضرر المستهلك أو تعرض للغش يمكنه رفع دعوى للجهات المختصة والمطالبة بالتعويض .
إذن تظل قضية حماية المستهلك هي القضية الأهم في الساحة لكونها المرتبطة إرتباطاً وثيقاً بالحياة ، والنفس البشرية سخر لها الله سبحانه وتعالى الكون بأجمعه ، فالأولى أن تجد الحماية المطلوبة حتى تقوم بواجباتها الدنيوية والدينية على الوجه الأكمل ، فالحماية لها تعتبر من اسمى وأجل الأعمال . وتبقى حماية المستهلك تحتاج لتكامل الأدوار في سياق المجتمع الكلي فلن تسطيع دولة لوحدها أو قل منظمة أو جمعية طوعية القيام بذلك بدون مشاركة المستهلك ، وكلنا كذلك.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى