د.محمود الرزيقي يكتب : هل من مراجعات لصرف الزكاة فى رمضان؟
د.محمود الرزيقي يكتب : هل من مراجعات لصرف الزكاة فى رمضان؟
ما يعادل (٤٥) مليون دولار او يزيد انفقها ديوان الزكاة في برنامج شهر رمضان العام الماضى ، وهذا العام يتأهب الديوان لصرف مبالغ قد تتجاوز الرقم اعلاه، تبعا لارتفاع حصائل الزكاة واستجابات المكلفين لما يشهده الشارع العام من أدوار كبيرة وجهود مقدرة لهذا المرفق وخصوصيته المتعاظمة داخل وخارج البلاد. ولكن ..هل لنا أن نقف علي هذا الصرف
الضخم والذي قد يساوي ٢٥% من جملة إيرادات الزكاة ، وإعادة النظر فى جدوي التعاطى مع هذا البرنامج طوال الفترات السابقة ، وما كان يخالطه من احابيل السياسة واطماع التجار واخفاق السوق .
وبما ان الزكاة تعد عاملا اساسيا فى حفظ كيان الأمة الإسلامية من المخاطر الاجتماعية والاقتصادية ، فمن الأهمية بمكان التعاطي مع قيمها بمقتصي الشريعة وروح العصر بتقليل الصرف علي الاستهلاك وتنمية الموارد لعلاج كثير من
مسببات المشكلة الاقتصادية ،والمفضية الي تأمين دخول ثابته ودائمة للمستفيدين ، فالحد الذي ينبغي ان ينتهى اليه العطاء هو حد الكفاية . وهو ما سار به الفاروق عمر بن الخطاب ووجه به عماله ( اذا اعطيتم فاغنوا) ، وذهب اليه جمع من الفقاء كالشافعى والنووي والغزالى من بعدهم والقرضاوى الذي يقول (الزكاة ليست اقراص مسكنه يعود من بعدها
الفقير فقيرا) ، ولذلك فان إيجاد المعالجات الجذرية . حسب السياسة العمرية ، يجب ان يتم وفق رؤية مدروسة ومحسوبة بدقة للمستهدفين حتى تعطى نتائج جيدة وواضحة فى تغيير واقع الممارسة .
وبالتالى فهل الصرف علي مستلزمات رمضان من اولويات الزكاة؟
هناك الكثير من الفتاوى والآراء الفقهية تناولت بحذر مسألة توفير حقائب رمضان من أموال الزكاة. ، وقد ذهب الكثير منها لجواز ذلك من الصدقات والتبرعات وغيرها من الأموال، ولكننا بحاجة إلى رأى فقهي واضح بنأى عن العاطفة الدينية ، ويغلب المصلحة العامة للفقراء والمساكين. لان ميزانيات بهذا الحجم يمكن ان تحقق قفزات كبيرة فى منحنى الاعتماد
علي الذات وتوفير فرص عمل تحقق انتاجية اكبر للفرد والمجتمع. فرمضان لا يفاجئ الناس او يأتى بغتة ، او كما يتهم أحد السياسيين الخريف ، بل هو موسم له توقيعات و يكون فيه المسلم اكثر استعدادا للاتفاق والتقرب الى الله. فقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم اجود ما يكون فى رمضان. وذلك طبعا من ماله الشخصى .وغالب قضايا الكفايات البسيطة نجد المخاطب بها أفراد المجتمع مباشرة( ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره الى جنبه جائع وهو يعلم) ..
وهنا يجدر بنا القول ان جهود ديوان الزكاه الملموسة ينبغي ان تكثف لجميع فئات المجتمع وحثهم على الإنفاق في رمضان كهدف رئيس من اهداف الزكاة وليس فقط المطالبة بالزكاة المفروضة ، فقوي المجتمع اقوي واكبر من قوى الدولة . ومن زار منكم الحرمين فى مواسم الحج والعمرة وخاصة فى رمضان يجد ان من يقومون باطعام الصائمين هم مواطنو
المملكة وخاصة اهل مكة والمدينة ، فهم يتنافسون علي ذلك ويقتسمون ويتوارثون المساحات التى يفترشونها بالموائد ابا عن جد. وهو ما نلحظة ونعايشه في حياتنا السودانية في الطرقات والاسفار بصف عامة ورمضان خاصة ، وهذا يؤكد ركوز هذا السلوك اصلا في شعب السودان الكريم ، الذى يستخدم العمم والشالات في الشوارع كدروع وحواجز يصعب
اختراقها للعابرين ،وهناك الكثير من الناس والخيرين وأصحاب الاموال . الذين ينفقون أضعاف ما ينفقه الديوان فى رمضان ، ويمكن الاستفادة من المعلومات المتوفرة لدى ديوان الزكاة لتحقيق فائدة بتركيز اكبر.
وبلا شك ان ديوان الزكاة يذخر بكفاءات حريصة على التمحيص فى توجيه مصلحة الفقراء ، ولها قدراتها العلمية والعملية فى إجراء المراجعات والتطوير المستمر لكثير من البرامج الراتبة التى قد نعرض لها في حينها .