مقالات

د. محمود الرزيقي يكتب : ديوان الزكاة ..هل من افق جديد

ديوان الزكاة ..هل من افق جديد
د. محمود الرزيقي
لايمكن للزكاة ان تلعب دورا محوريا فى المجتمع ما لم تتبع منهجا يتكامل مع ادوار السياسة الاقتصادية الكلية للدولة ، وذلك من خلال ادوات محددة بدقة وواضحة فى التنسيق مع مختلف الوسائل والتراتيب الموصولة بتحقيق التوازن والاستقرار الذى تنشده النظريات الاقتصادية . والرائى لممارسات التطبيق العملى للزكاة فى السودان ، يلحظ ضرورة بذل المزيد من الجهود لترجمة القواعد الشرعية المتعلقة بالجوانب المالية والاقتصادية والاجتماعية الى اليات صارمة تصلح للاحاطة بجوانب مشكلات الفقر واذكاء روح الانفاق بين الاغنياء وذوى المنعة والدثور.
وهذا يقودنا الى اسئلة مشروعة :هل تمكن ديوان الزكاة من تحقيق توازن اقتصادى واضح خلال الاربعة عقود الماضة من تاريخ انشائه الحديث، والى اي مدى استطاعت ادارته فى تقديم خارطة انجازات قابلة للقياس الدقيق والمحسوس فى واقع الحياة العامة للناس فى السودان ، وكيف يبدو واقع الحريات المهنية التى ينبغى ان يتمتع بها العاملون فى هذا المرفق.
الاجابة اذا تجردنا بصدق لا ، وذلك ليس لقصور فى الكفاءة الادارية او المهنية للعاملين فى ديوان الزكاة ، ولكن ياتى دائما التراجع فى تحقيق الاهداف نتيجة للتدخلات السافرة للحكومات المتعاقبة وما يلازمها من حواضن سياسية تبحث عن مصالحها الخاصة وتكثيف الوجود الايدولوجى لاتباعها فى مؤسسة الزكاة التى ينبغى ان تتمتع بالاستقلالية التامة حتى لا تضيع حقوق الضعفاء . فقد ولغت الايادى الحزبية فى فترة ما قبل الانقاذ الى حشد كوادرها بصورة كبيرة عارضتها فى ذلك حكومة الانقاذ حافرا بحافر ثم جاءت حكومة قحت فمارست ذات الفعل ونخشى بعد ان الت وزارة الرعاية الاجتماعية لاحدى الحركات المسلحة الا يخرج الديوان من غلواء تلك الدائرة . والشواهد كثيرة لدرجة ان احد الامناء العامين من ذوى الالقاب العلمية الرفيعة كان قد خصص موظفا متفرغا لاستقبال خطابات وطلبات الدستوريين التى لا تنقضى ولا ترد .
وبالتالى فان الحكومات المتعاقبة كانت تساند وتدعم ديوان الزكاة حتى تنال من ايوانه ما تشاء ، وليس ذلك الا لان اصحاب هذه الاموال هم الفقراء والارامل واليتامى وغيرهم من الضعفاء الذين لا يقدرون على مناهضة وحماية حقوقهم من سدنة الانظمة واذنابها ، الذين لا يستطيعون التجرؤ على اموال المؤسسات الاخرى بقدر ما يجدون من حسن الظن من العاملين احيانا وتسييس المواقف فى احايين اخرى ، الامر الذى اثر على واقع الحريات المهنية وممارسة الاقصاء لكثير من الامناء من قبل الولاة والفاعلين فى دوائر الحكم ، والتشريد التعسفى من الوظيفة وغير ذلك من اشكال وافانين المخمورين بالسلطة الزائفة .
ولتغيير واقع الزكاة لمؤسسة رائدة بحق نحتاج لافق جديد ينأى بالديوان من الاعيب الساسة والسياسة ، والعمل على احكام التنسيق مع مؤسسات الحماية الاجتماعية والاقتصادية الاخرى ، برسم خريطة طريق علمية وعملية تفضى لانجازات محسوسة ومقومة دون الركون الى مقولة ( تجربة السودان الرائدة) ، فقد استطاعت كثير من الدول الاسلامية تحقيق انجازات مقدرة بحصائل الزكاة فى صمت واخبات بعيدا عن الهتاف المكرر .

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى