د. محمد يوسف قباني يكتب: مستويات المهارات الحياتية .. مهارة الاستقلالية نموذجأ (5)
د. محمد يوسف قباني يكتب: مستويات المهارات الحياتية .. مهارة الاستقلالية نموذجأ (5)
مستويات المهارات الحياتية حسب منظمة اليونسيف UNICEF – مهارة الاستقلالية نموذجاً
أشارت منظمة اليونيسف في عام 2022م إلى أنه قد تم تحديد مجموعة تتكون من اثنتي عشر مهارة حياتية
رئيسة باستخدام نموذج التعلم رباعي الأبعاد: تعلم أن تعرف: (البُعد المعرفي)، وتعلم أن تفعل: (البُعد الأدواتي)، وتعلم أن تكون: (البُعد الفردي)، والتعلم من أجل العيش معاً: (بُعد التعلم الاجتماعي والمواطنة).
1. المستوى الأول – المهارات الحياتية المتعلقة بالذات: تحتل هذه المهارات قاعدة الهرم، وتحتل الجزء الأوسع منه وتعد الأساس للمستويات الأخرى، وتشمل مهارات الوعي الذاتي، والتعلم الذاتي، وتقدير الذات وتوكيدها،
وإدارة المصادر والمشاعر، والتفكير، واتخاذ القرارات وحل المشكلات.
2. المستوى الثاني – المهارات الحياتية المتعلقة بالآخرين: تأتي هذه المهارات في وسط الشكل، وتحتل موقع القلب منه، وتشمل مهارات التواصل وبناء العلاقات، والتعاطف والتشارك، وإدارة النزاعات.
3. المستوى الثالث – المهارات الحياتية المتعلقة بالمجتمع: تأتي هذه المهارات في رأس الهرم، وترتكز على الأجزاء والمستويات التي تسبقها، وتوجه نحو التفاعل مع المجتمع سواء كان المحلي أو العالمي، وتشمل المشاركة والمواطنة والتضامن.
تحديد المهارات الحياتية لجــيل الطفــل وتسميتها والعمل عليها في أطفالكم
ونبدأ بمهارة الاستقلالية، الاستقلالية مهارة حياتية جوهرية ضرورية لأطفالنا، ولا تقل أهمية عن حاجيات الطفل المادية، هي إمكانية وقدرة الطفل على القيام
الواجبات والتكليفات والأعباء الحياتية والمهام الروتينية وبشكل أكثر استقلالية وأعتماداً فيه على نفسه من الآخرين من حوله، وهو متطلب مهم للتعلم والنمو ولكل حياته، وهذا لا يتم اعتباطاً، بل فعلاً حثيثاً وادراكياً
وعقلياً، بحيث أن الطفل يستوعب معاني الاستقلالية، في الوقت نفسه وبصورة تلقائية يدرك معنى المسؤولية التي تترتب عن تصرفاته وأفعاله، حتى تقوى شخصيته وتنمو مهاراته العقلية ويتعلم أهمية اتخاذ القرارات المناسبة
والصحيحة. إذا تعتبر مهارة الاستقلالية عند الطفل مطلباً فطرياً يحتاج منا إلى الانتباه والوعي والعمل على تنميتها، فالأطفال منذ نعومة أظفارهم يميلون نحو الاعتماد على أنفسهم، وتلبية متطلباتهم بشكل طبيعي،
وهنا يأتي دور التربية والتعليم في تنمية هذه المهارة، أو كبحها بغير علم مما يؤدي لتنشئة طفل إتكالي ضعيف يفتقر إلى الاعتماد على نفسه.
إن عملية تشجيع الطفل على تعلم واكتساب مهارة الاستقلالية عملية ليس مستحيلة ولا عصية التطبيق، فمعظمنا يدرك أهمية وجدوى أن يكون أطفالنا مستقلين ومعتمدين على أنفسهم، إلا أننا وللأسف دائماً ما نحاول
أن نفعل عكس ذلك راكنين إلى منطقة راحتنا comfort zone ومربعات العادة والروتين غير الصائب، لأنه وفي كثير من الأحيان نجد أننا نقوم وننجز واجبات الأطفال دون الانتباه من أننا بذلك لا نعلمعم، بل نسهم بعدم
إعطائهم الفرصة ليقوموا بالواجبات والتكاليف في صنع طفل ضعيف إتكالي غير مبادر وكسول. فمعظم مجتمعاتنا تعودت على أن الأم المثالية هي من تقوم بكل الواجبات لأطفالها، وهذا غير صحيح إطلاقاً، ويعد من أخطاء التربية التقليدية المتناقلة والتي يجب أن نقومها فينا
ونعيد التفكير فيها، حتى نعطي الفرصة لأطفالنا كي يكونوا أكفاء قادرين على أداء مهامهم وواجباتهم بصورة مقبولة حتى نسهم بوعي في تمكين مهارات الطفل تمكيناً تربوياً مهاراتياً ونوعياً وبصورة مستمرة وتراتبية في كل
حياته.. كل ما مارس أكثر وطبق .. كلما أكتسب أكثر ونمت مهاراته الحياتية، وسيشكر والديه والأهل كثيراً عليها عندما يكبر ويشق طريقه وسط تحديات حياته الجميلة.
الكل يأمل ويسعى ويطمح ويتمنى أطفالاً أكفاء – طفلاً سليماً، واعياً، وقوياً، ومستقلاً، وقادراً على الاعتماد على نفسه. ولتحقيق هذا السعي التربوي الحثيث المستمر، علينا أن ندرك أولاً قيمة مهارة الاستقلالية ومن ثم نعمل
بصورة جادة دؤوبة لتنميتها وترسيخها عند الطفل بحيث أننا لا نكمل أو ننجز أو نتم له الواجبات والتكاليف، بل نصبر قليلاً ونمنحه الوقت وحرية تقدير متطلبات القيام بالواجب وإتاحة الفرصة له لأن يكون مستقلاً في إتمام
باقي المهام المختلفة مثل؛ ترتيب غرفته، المشاركة في ترتيب البيت، إنهاء واجباته المدرسية، ارجاع اللعب إلى الدولاب، غسيل كوب اللبن، تجهيز شنطته ليوم غد، مساعدة أخته الصغيرة، وهكذا .. فهذه المساحة الوافرة
والمتاحة من الاستقلالية والاعتماد على النفس تجعله يجرب ويختبر نمو هذه المهارة داخله وستجعل منه إنساناً ناجحاً متماسكاً وواثقاً من نفسه.
وإلى لقاء قادم بإذن الله عن التمرينات التي تساعد أطفالنا تنمية مهارة الاستقلالية والاعتماد على أنفسهم..