د. محمد يوسف قباني يكتب: كيف نغرس الحب غير المشروط عند أطفالنا وننمية باقتدار وحكمة وصبر (21)
د. محمد يوسف قباني يكتب: كيف نغرس الحب غير المشروط عند أطفالنا وننمية باقتدار وحكمة وصبر (21)
غرس الحب غير المشروط عند الأطفال، وعند التعامل والتواصل معهم يتطلب وعي ويقظة ودراية وجهدٍ شاقّ، مُضْنٍ، متواصل ومستمر من الآباء والأمهات والأهل. الحب أعمق بكثير من السعي لجعل أطفالكم سعداء أو
أغنياء. فهو أكبر من حصره في إرضاء الأطفال أو تقديم الهدايا أو اشباع رغباتهم. الحب هو مواقف إيجابية نابضة بالتفهم، وأسلوب حياة ينبض بالوعي، واستلهام بعيدة المدى. فعندما يتم وضع ذلك في الاعتبار والاهتمام من الآباء والأمهات يمكن أن نقول: هذا حب غير مشروط.
وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن أن تساعد لتحقيق ذلك:
1. إظهار الحب والاهتمام Show love and care: أظهروا حبكم واهتمامكم بالأطفال وبشكل تلقائي ومستمر، سواء عن طريق السلام والتحايا الدافئة عند
اللقاء أو العناق (احتضانه) والقبلات أو عن طريق الكلام اللطيف والإشادة بإنجازاتهم. احرصوا على التعبير عن مشاعركم الإيجابية تجاههم بانتظام. قدموا لهم الدعم والتشجيع المستمر عندما يلعبون وعندما يدرسون
وعندما يمارسون هواياتهم وفي كل اهتماماتهم الحياتية.
2. الاستماع الفعال Active listening: استمعوا إلى أطفالك بشكل فعّال وبدون تقييد، وأظهروا لهم أنكم تهتمون بمشاعرهم وأفكارهم وتحترمون ما يقولونه لكم. استمعوا واهتموا بما يقولونه وحاولوا فهم وجهة نظرهم
وتفاعلوا مع ما يقولون عبر إظهار لغة الجسد وتعابير الوجة الإيجابية بالإضافة إلى جمل الإطراء ليواصلوا حديثهم معكم بثقة. من المهم التركيز والانتباه لما يقوله الطفل مع تجنب الشرود أو الانشغال عنه وعدم مقاطعته
أثناء كلامه وانتظاره حتى يفرغ من كلامه حتي يشعر بالاحترام من تجاه من يتكلم معه. ويمكن تضمينها في الآتي:
أ. الحرص على تدعيم وتعميق التواصل البصري مع الطفل وتَجَنَّبَ أي إيماءات تشتت تركيزه وكلامه.
ب. إن لم تفهم ما يقوله الطفل، أطلب منه بلطف أن يوضح ويعيد لك كلامه.
ت. التحلي بالصبر الجميل إذا كان بطيء الكلام أو تلعثم أو تلجلج أو اضطرب.
ث. التركيز والإنصات الجيد له حينما يتكلم.
ج. التفاعل معه بعد الانتهاء من كلامه، وهذا يشعر الطفل بقيمته.
ح. جاريه واظهر له أنك تفهمه بصياغة بعض كلامه بلغتك.
خ. وضع الجلوس التقابلي المناسب أمام الطفل وجهاً لوجه؛ لأن ذلك يعكس قيمة التواصل الجيد والاحترام، فليس من اللياقة والذوق والإتكيت أن تستمع له وانت مُتَّكِئٌ عَلَى الوِسَادَةِ.
د. الحضور الذهني والعاطفي مع الطفل (عقل وقلب).
ذ. عدم مقاطعة الطفل أثناء كلامه.
ر. المتابعة والتركيز دليل على الاهتمام.
ز. المشاركة، يجب على الوالدين بعد الانتهاء من كلام الطفل أن يشاركوه آراءه ويبينوا له النقاط الإيجابية
والسلبية حول الموضوع الذي دار فيه الحوار.
3. التعبير عن الثقة Express confidence: قدموا لأطفالك الشعور بأنكم تثقون بهم وتثقون في قدراتهم على تحقيق النجاح والفلاح وتخطي عقبات وتحديات
الحياة. قموا بتشجيعهم على تجربة مقترحات جديدة وأنشطة جديدة خارج أو داخل البيت والاستمرار في المحاولة حتى الوصول إلى النجاح.
4. تعزيز الاحترام والتفاهم Promote respect and understanding: عززوا قيم الاحترام والتفاهم في التعامل مع الأطفال. علّموهم كيفية التعامل مع الآخرين بلطف واحترام، وكيفية فهم وتقدير احتياجاتهم ومشاعرهم.
5. توفير بيئة آمنة وداعمة Provide a safe and supportive environment: وفروا لأطفالكم بيئة آمنة وداعمة حيث يشعرون بالأمان والراحة للتعبير عن أنفسهم وتجربة مقترحات جديدة. خططوا لتأسيس
قواعد واضحة وعادلة وقابلة للفهم والتطبيق والتواصل والتفاعل الإيجابي داخل البيت بحيث يشاركون في وضع تلك القواعد الواضحة.
6. القدوة الحسنة Good example: كونوا نموذجا صادقاً لأطفالكم من خلال تطبيق القيم التي ترغبون في تنميتها فيهم. قدموا لهم أمثلة تعكس الحب والتعاطف والاحترام في التعامل مع الآخرين.
7. الاحتفال بالتنوع Celebrating diversity: وطّدوا في أطفالكم قيم التنوع وقبول الطفل الآخر واحترام الاختلاف ووضحوا لهم ان الاختلاف رحمة. ازرعوا فيهم التعاون والتفاهم من خلال تشجيعهم على التعاون في
المبادرات المنزلية المشتركة ومع أصدقائهم الأطفال مهما كانت، لعب أو قراءة أو نظافة أو زراعة أو أي نشاط.
8. تحفيز الإبداع والاستكشاف Stimulate creativity and exploration: حفزوا الأطفال على التعبير عن
أنفسهم بطرق إبداعية وعلى استكشاف دواخلهم وأعماقهم واكتشاف قدراتهم الهائلة (الغوص داخل أعماق الطفل). قدموا لهم الدعم والتشجيع في رحلة اكتشاف ميولهم واهتماماتهم.
ليس كفاية أن تكون نموذج أو قدوة حسنة لأطفالك ليتعلموا المهارات الحياتية. بل يتوجب على الآباء والأمهات إظهار الأهتمام بالأطفال وبأفكارهم وألعابهم وتشجيعهم لممارسة وعكس وترجمة ما تعلموه في واقع
مجتمعي تفاعلي معاش حقيقي وليس افتراصي. فهذا الواقع يختبر حقيقة ما اكتسبه الأطفال. بحيث يظهر ذلك في ترسيخ فهم الأطفال لقيم التنوع واحترام الاختلاف وفهم أنه محمدة وليس مذمة في حق الطفل الآخر.
والعمل على حثهم على التعاون والتفاهم والاهتمام بالطفل الآخر، بالإضافة لمفاهيم ثقافة السلام والحوار والتقّبل والتعايش السلمي. هذا، وإن تفّكر الآباء والأمهات وتفاكروا فسيجدون أن معظم ألعاب الأطفال الفردية أو الجماعية (الحركية أو الإدراكية أو العقلية) ستمثل بيئة
حية نابضة تعكس هذه القيم شريطة أن يتم تطبيقها بصورة صحيحة تُصاغ أهدافها بما يدفع وينمي المهارات الحياتية للأطفال وتغرس الحب غير المشروط في أعماق أرواحهم النقية.