د. محمد يوسف قباني يكتب: حوكمة الخدمة المدنية في السودان بعد حرب أبريل 2023: الواقع، المأمول، واستشراف المستقبل القريب.. Civil Service Governance in Sudan after the April 2023 War: Reality, Hopes, and Foresight for the Near Future..

د. محمد يوسف قباني يكتب: حوكمة الخدمة المدنية في السودان بعد حرب أبريل 2023: الواقع، المأمول، واستشراف المستقبل القريب..
Civil Service Governance in Sudan after the April 2023 War: Reality, Hopes, and Foresight for the Near Future..

تُعدّ الخدمة المدنية العمود الفقري لأي دولة تسعى نحو الاستقرار والتنمية المستدامة. وفي طننا الغالي السودان، الذي يعاني من أزمات سياسية وأمنية واقتصادية ممتدة، جاءت حرب أبريل 2023 لتفاقم الأوضاع، وتُدخل مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الخدمة المدنية، في دائرة من الانهيار المؤسسي والتفكك الإداري. في خضم هذه

التحديات، تبرز “الحوكمة” كأداة رئيسية لإعادة بناء الثقة، وتحقيق الكفاءة، والشفافية، والمساءلة داخل أجهزة الخدمة العامة، بما يضمن عودة فعالة لأداء الدولة واستعادة الثقة بين المواطن والدولة.
ولقد تأثرت هذه المنظومة بشدة نتيجة للحرب التي اندلعت في عام 2023، حيث شهدت البلاد دماراً واسعاً للبنية التحتية، وانهياراً في مؤسسات الدولة، ونزوحاً

جماعياً للكوادر البشرية المؤهلة. في ظل هذا الواقع المعقد، تبرز أهمية تناول موضوع حوكمة الخدمة المدنية بوصفه مدخلاً لإعادة بناء الدولة وتحقيق الاستقرار الإداري والتنموي.

تهدف هذه المقالة إلى تناول واقع حوكمة الخدمة المدنية في السودان بعد الحرب، وتحديد التحديات والفرص، واستشراف سيناريوهات المستقبل القريب، كما تحاول المقالة تحليل واقع حوكمة الخدمة المدنية في السودان في مرحلة ما بعد الحرب، مع الوقوف على أبرز التحديات التي تواجه هذه العملية، واستكشاف الفرص الممكنة، بالإضافة إلى تقديم سيناريوهات مستقبلية محتملة،

وتوصيات عملية قابلة للتنفيذ، تستند إلى معايير ضابطة وأدوات تحليل رياضية دقيقة، بما يساهم في تحقيق تحول إداري حقيقي ومدروس ومحكم ومرن قابل للتنفيذ مع خطة عمل مقترحة لتحقيق تحول إداري سوداني تتحكم فيه المعايير الضابطة والمتغيرات المستغلة والتابعة والدوال الرياضية حسب ما أبانها

أبوالحوكمة السودانية الخبير والباحث في مجال الحوكمة الأستاذ ياسر محمـد رحمــة دابي الليل.
تشير الحوكمة في سياق الخدمة المدنية إلى مجموعة من المبادئ والآليات التي تضمن الشفافية والمساءلة والكفاءة في الأداء، وتمنع التسيّب الإداري، وتحدّ من

الفساد. وتشمل الحوكمة الرشيدة وضع هياكل تنظيمية واضحة، واستخدام نظم معلومات موثوقة، وتفعيل آليات تقييم الأداء، وتعزيز دور المواطن في الرقابة والمتابعة.
وتزداد أهمية الحوكمة في الدول الخارجة من النزاعات مثل وضع السودان، حيث تكون الحاجة ماسة لإعادة بناء الثقة بين المواطن والدولة، واستعادة فعالية المؤسسات،

وتوجيه الموارد المحدودة بشكل عادل وفعّال. كما يمكن توظيف أدوات رياضية ونماذج كمية مثل مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs)، وتحليل سوات SWOT، ونماذج اتخاذ القرار متعددة المعايير (MCDA)، في تشخيص الأداء وتصميم السياسات العامة بشكل أكثر دقة وموضوعية.
واقع الخدمة المدنية في السودان بعد الحرب

أفرزت الحرب أوضاعاً كارثية على مؤسسات الدولة، لا سيما تلك التي ذات الصلة بالخدمة المدنية. فقد أدت العمليات العسكرية إلى توقف العمل في الوزارات والهيئات المركزية، وهُجّرت الكوادر الفنية والإدارية من مقارها، وتعرضت أرشيفات وبيانات أساسية للتلف أو الضياع. كما تسبب الانقسام السياسي والتعدد غير المنظم في الهياكل الإدارية في مزيد من التشظي المؤسسي.

انعدمت في كثير من المناطق أية مظاهر لإدارة مدنية منظمة، وحلّت محلها أنماط من الإدارة المجتمعية أو التقليدية، دون ضوابط أو أنظمة معتمدة. إضافة إلى ذلك، فقد تراجعت مخصصات التدريب وبناء القدرات، ولم تعد هناك جهة مركزية مسؤولة بفعالية عن الإشراف على الأداء الإداري أو توحيد المعايير المؤسسية.

واقع الخدمة المدنية في السودان بعد حرب أبريل 2023
الانهيار المؤسسي وتوقف العمل الإداري
أدت الحرب إلى دمار واسع طال مقار الوزارات والمؤسسات الاتحادية والولائية، لا سيما في العاصمة الخرطوم، حيث تركزت البنية الإدارية للدولة. هذا الانهيار طال البنية التحتية، والكوادر البشرية، وسجلات الدولة، ما أدى إلى شبه توقف في العمل الإداري والخدمات الأساسية.

تشتت الكوادر البشرية والنزوح القسري
غادرت أعداد كبيرة من الموظفين مواقعهم بسبب النزاع أو اضطراراً للنزوح. وقد فقدت الخدمة المدنية توازنها وفاعليتها نتيجة لهذا التشتت، مما خلق فراغاً إدارياً ملحوظاً خاصة في ولايات النزاع.
غياب المرجعية الموحدة للحكم المدني

تعدد السلطات الانتقالية والمناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة المركزية أدى إلى غياب التنسيق الفعّال بين الأجهزة التنفيذية، وهو ما أثر سلباً على إمكانية التخطيط الموحد أو تبني إصلاحات في الخدمة المدنية على نطاق وطني.

التحديات التي تواجه حوكمة الخدمة المدنية
1. انعدام الاستقرار السياسي والأمني نتيجة لاستمرار الحرب وغياب الحل السياسي مما يعطل كل محاولات الإصلاح الإداري.
2. ضعف البنية الرقمية والرقمنة، فمعظم سجلات الخدمة المدنية ورقياً، وقد دُمر الكثير منها، مع غياب نظم المعلومات الحديثة.

3. ضعف الشفافية والمساءلة، ولا توجد نظم فعالة لمكافحة الفساد أو مساءلة الموظفين العموميين.
4. تسييس الخدمة المدنية عبر استمرار تدخل القوى السياسية والمسلحة في التوظيف والتعيين والترقيات.
5. هجرة العقول وضعف الحوافز بالإضافة إلى تدني الرواتب والبيئة غير الآمنة مما دفع العديد من الكفاءات للهجرة أو العمل في أعمال بديلة.

سيناريوهات مستقبل حوكمة الخدمة المدنية السودانية
بناء على المعطيات الراهنة، يمكن تصور ثلاثة سيناريوهات رئيسية:
السيناريو الأول: السيناريو المتشائم بناءً على استمرار الانقسام والشلل المؤسسي، مع غياب رؤية إصلاحية حقيقية، يؤدي إلى انهيار تام في إدارة الدولة واستمرار الفوضى.

السيناريو الثاني: السيناريو الواقعي التدريجي حيث البدء في عمليات إصلاح متقطعة بدعم دولي، مع بروز تجارب ناجحة في بعض المناطق، لكن دون تحول شامل في المدى القريب.

السيناريو الثالث: السيناريو المتفائل (التحول الرقمي المدروس) ويتم ذلك عبر إطلاق برنامج وطني شامل لإصلاح الخدمة المدنية يستند إلى مبادئ الحوكمة ونظم تحليل البيانات بما أشار إليها أبوالحوكمة السودانية الخبير الباحث ياسر محمد رحمة دابي الليل، وكذلك النمذجة، مع إشراك الكفاءات الوطنية والمنظمات الدولية، ما يمهد لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس علمية.
خط عمل مقترح للتحول الإداري

من أجل تحقيق تحول إداري حقيقي، لا بد من اتباع خارطة طريق واضحة، تشمل الخطوات التالية:
1. تشخيص شامل ومبني على معايير كمية، باستخدام مؤشرات الأداء والتحليل الإحصائي، لتحديد مكامن الخلل ومواطن القوة.

2. تأسيس قاعدة بيانات وطنية رقمية للكوادر والموارد والخدمات، تُحدث دورياً وتُدار من جهة مستقلة.
3. اعتماد نماذج رياضية في تقييم الأداء والتخطيط، مثل نماذج المحاكاة وتحليل الفجوات.

4. إطلاق برامج تدريب مستهدف للمورد البشري، مع توظيف أدوات التعليم الرقمي والتدريب عن بُعد.
5. تأسيس وحدة مستقلة لحوكمة الخدمة المدنية تتبع مباشرة للجهات السيادية وتتمتع بصلاحيات كاملة.
6. ربط نظم الحوافز والترقيات بالأداء الفعلي القابل للقياس، وليس بالأقدمية أو الولاء السياسي.
7. تبني خطة إصلاح تدريجية ذات أهداف محددة زمنياً وقابلة للتقييم والتعديل.

المأمول في إطار الحوكمة بعد الحرب
إرساء قواعد الحوكمة الرشيدة
1. نشر البيانات الإدارية والموازنات وأسس التوظيف والترقيات لتعزيز الشفافية.
2. وضع آليات فعالة لمساءلة القيادات والموظفين الحكوميين.
3. إشراك المواطنين ومنظمات المجتمع المدني في الرقابة على الأداء.

إعادة بناء المؤسسات على أسس مهنية
1. إعادة هيكلة مؤسسات الخدمة المدنية على قاعدة الكفاءة لا الولاء.
2. إقرار قوانين لحماية الوظيفة العامة من التسييس والتدخلات.
الرقمنة والتحول الإلكتروني
1. بناء قواعد بيانات رقمية موحدة للموارد البشرية بالدولة.

2. إطلاق نظام وطني للخدمات الحكومية الإلكترونية.
استشراف المستقبل القريب
من المتوقع أن تظل الخدمة المدنية في السودان رهينة للواقع الأمني والسياسي خلال العامين القادمين، إلا أن بعض السيناريوهات الإيجابية تلوح في الأفق:
في حال التوصل إلى اتفاق سلام شامل، فيمكن البدء ببرامج إصلاح إداري وتمكين الحوكمة بدعم إقليمي ودولي محايد.

في حال استمرار الحرب، ستبقى الخدمة المدنية مشلولة، وقد تتكون إدارات موازية على أسس جهوية أو عسكرية، مما يعمّق الانقسام.
ما يمكن تقديمه ومعالجته
1. إعادة بناء الهياكل الحكومية من خارج العاصمة عبر نقل بعض الوزارات مؤقتاً للولايات الآمنة.
2. إعداد قاعدة بيانات مركزية رقمية للموظفين مع تحديد الاحتياجات والاختصاصات.
3. إصدار قانون خاص بإصلاح الخدمة المدنية يُقرّ مبادئ الحوكمة ويمنع التسييس.

4. بناء شراكات مع منظمات الأمم المتحدة والدول الصديقة لإعادة تأهيل الخدمة المدنية عبر الأطروحات الجاذبة.
5. تدريب كوادر الخدمة المدنية على مبادئ الحوكمة والمهارات الرقمية والإدارية الحديثة.
6. إطلاق بوابة وطنية موحدة للوظيفة العامة لضمان الشفافية وتكافؤ الفرص.

الرؤية المستقبلية وخطة العمل
الرؤية: “بناء خدمة مدنية مهنية، شفافة، ومتماسكة تُعزز من استقرار الدولة وتحقيق التنمية في سودان ما بعد الحرب”.
استناداً إلى الرؤية، يمكن اقتراح خطة عمل استراتيجي يتضمن المحاور التالية:
خطة العمل المقترحة: “إعادة بناء وتحديث الخدمة المدنية من أجل دولة مستقرة وتنمية مستدامة” وتتضمن هذه الخطة المحاور التالية:

الحوكمة والإصلاح المؤسسي
1. مراجعة وتحديث الإطار القانوني والتنظيمي للخدمة المدنية.
2. إعادة هيكلة المؤسسات العامة لتقليل التداخل والازدواجية.
3. ترسيخ مبدأ المحاسبة والشفافية في الأداء الوظيفي.
بناء القدرات والكفاءة المهنية
1. تنفيذ برامج تدريب وتأهيل مستمر لموظفي الخدمة المدنية.

2. استحداث وحدات متخصصة للتخطيط وإدارة الموارد البشرية في الوزارات.
3. تطوير معايير للجدارة والاستحقاق في التعيين والترقي.
إصلاح نظم التوظيف والترقيات
1. تبني نظام تنافسي وشفاف للتوظيف قائم على الكفاءة والعدالة.
2. مراجعة نظام الأجور والحوافز لضمان الجاذبية والاستقرار الوظيفي.
3. إنشاء قاعدة بيانات مركزية للوظائف والكوادر الحكومية.

العدالة والتمثيل الشامل
1. ضمان التمثيل العادل للنساء والشباب والمكونات المجتمعية المختلفة.
2. تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة من الوصول للوظائف العامة.
3. معالجة آثار الحرب والتمييز السابق في التوظيف.
التحول الرقمي والإدارة الذكية
1. أتمتة العمليات الإدارية وتعزيز استخدام نظم المعلومات.

2. بناء نظم شفافة للرصد والتقييم الرقمي لأداء الموظفين والمؤسسات.
3. إنشاء بوابات إلكترونية لتقديم الخدمات الحكومية.
تعزيز الثقافة المؤسسية والقيم المهنية
1. ترسيخ أخلاقيات الوظيفة العامة والنزاهة والالتزام.
2. إطلاق حملات توعية لبناء ثقة المواطن في الخدمة المدنية.

3. تشجيع بيئة عمل تحفّز الابتكار والمبادرة.
الشراكات والتمويل
1. التعاون مع المنظمات الدولية والجهات المانحة في مشاريع بناء القدرات.
2. تعبئة الموارد لدعم برامج إصلاح الخدمة المدنية.
إن إصلاح الخدمة المدنية في السودان بعد حرب أبريل 2023 ليس ترفاً فكرياً ، بل ضرورة وطنية ملحة

وجودية لضمان استمرارية الدولة. ويتطلب هذا الإصلاح تبني الحوكمة كمنهج شامل لإعادة البناء الإداري على أسس جديدة من الشفافية والكفاءة والمشاركة. ورغم صعوبة السياق، فإن بناء مستقبل مدني مؤسسي ممكن من خلال الإرادة السياسية، الدعم الدولي، والانخراط المجتمعي الحقيقي. فالانتقال من مرحلة الفوضى إلى

مرحلة الدولة لا يمكن أن يتم دون بناء جهاز إداري مهني، قادر على تنفيذ السياسات وتقديم الخدمات بكفاءة وعدالة. وهذا لا يتحقق إلا من خلال تبني مقاربة علمية معيارية رياضية وإحصائية ومنهجية في الحوكمة، تراعي السياق السوداني وتستفيد من الأدوات الحديثة في التحليل واتخاذ القرار.

The civil service is the backbone of any country striving for stability and sustainable development. In our beloved country, Sudan, which suffers from protracted political, security, and economic crises, the April 2023 war exacerbated the situation, plunging state institutions, particularly the civil service, into a cycle of institutional collapse and administrative disintegration. Amid these challenges, “governance”

emerges as a key tool for rebuilding trust and achieving efficiency, transparency, and accountability within public service agencies. This will ensure the effective return of state performance and restore trust between citizens and the state.
This system was severely affected by the war that broke out in 2023, as the country witnessed widespread destruction of

infrastructure, the collapse of state institutions, and the mass exodus of qualified human resources. In light of this complex reality, the importance of addressing the issue of civil service governance emerges as a gateway to rebuilding the state and achieving administrative and developmental stability. This article aims to address the reality of civil service governance in post-war Sudan, identifying challenges and opportunities, and anticipating scenarios for the near

future. It also attempts to analyze the reality of civil service governance in post-war Sudan, identifying the most prominent challenges facing this process, exploring possible opportunities, and presenting potential future scenarios and implementable practical recommendations based on controlling criteria and precise mathematical analysis tools. This will contribute to achieving a real, thoughtful, robust, flexible, and implementable

administrative transformation. This plan is also proposed to achieve a Sudanese administrative transformation governed by controlling criteria, exploited and dependent variables, and mathematical functions, as explained by the father of Sudanese governance, the expert and researcher in the field of governance, Yasser Mohamed Rahma Dabi Al-Layl. Governance in the

context of the civil service refers to a set of principles and mechanisms that ensure transparency, accountability, and efficiency in performance, prevent administrative laxity, and limit corruption. Good governance includes establishing clear organizational structures, using reliable information systems, activating

performance evaluation mechanisms, and enhancing the role of citizens in oversight and monitoring. Governance is increasingly important in post-conflict countries, such as Sudan, where there is a pressing need to rebuild trust between citizens and the state, restore institutional effectiveness, and allocate limited resources fairly and effectively. Mathematical tools and

quantitative models, such as key performance indicators (KPIs), SWOT analysis, and multi-criteria decision-making models (MCDA), can be employed to diagnose performance and design public policies more accurately and objectively.
The war has created disastrous conditions for state institutions, particularly those related to the civil service. Military

operations have halted work in ministries and central agencies, displaced technical and administrative personnel from their headquarters, and damaged or lost essential archives and data. Political division and the unorganized diversity of administrative structures have also led to further institutional fragmentation.
In many areas, any manifestation of organized civil administration has

disappeared, replaced by community-based or traditional forms of governance, without established controls or systems. In addition, allocations for training and capacity building have declined, and there is no longer a central body effectively responsible for overseeing administrative performance or unifying institutional standards.
The State of the Civil Service in With-in & Post-War Sudan

Institutional Collapse and Administrative Suspension
The war led to widespread destruction of the headquarters of federal and state ministries and institutions, particularly in the capital, Khartoum, where the state’s administrative structure was concentrated. This collapse affected infrastructure, human resources, and state records, leading to a near-standstill in administrative work and basic services.
Dispersion of Human Resources and Forced Displacement

Large numbers of employees left their positions due to the conflict or were forced to flee. This dispersion has led to the loss of balance and effectiveness of the civil service, creating a significant administrative vacuum, especially in conflict-affected states.
Lack of a unified authority for civil governance

The multiplicity of transitional authorities and areas outside the control of the central government has led to a lack of effective coordination between executive bodies, negatively impacting the possibility of unified planning or adopting civil service reforms on a national scale.
Challenges Facing Civil Service Governance
1. Political and security instability resulting from the ongoing war and the absence of a political solution, which hinders all attempts at administrative reform.

2. Weak digital infrastructure and digitization: Most civil service records are paper-based, many of which have been destroyed, and modern information systems are lacking.
3. Weak transparency and accountability: There are no effective systems to combat corruption or hold public employees accountable.

4. Politicization of the civil service through the continued interference of political and armed forces in recruitment, appointments, and promotions.
5. Brain drain and weak incentives, coupled with low salaries and an unsafe environment, have forced many skilled workers to emigrate or take up alternative jobs.

Scenarios for the Future of Sudanese Civil Service Governance
Based on current data, three main scenarios can be envisioned:
Scenario 1: The pessimistic scenario, based on continued institutional division and paralysis, coupled with the absence of a genuine reform vision, leads to a complete collapse of state administration and continued chaos.

Scenario 2: The realistic, gradual scenario, where intermittent reform processes are initiated with international support, with successful experiments emerging in some areas, but without a comprehensive transformation in the near term.
Scenario 3: The optimistic scenario (well-thought-out digital transformation). This is achieved by launching a comprehensive national civil service reform program based on governance principles and data analysis systems, as outlined by the father of Sudanese governance, expert and

researcher Yasser Mohamed Rahma Dabi Al-Layl, as well as modeling, with the involvement of national competencies and international organizations. This paves the way for the rebuilding of state institutions on a scientific basis.
Proposed Action Plan for Administrative Transformation

In order to achieve a true administrative transformation, a clear roadmap must be followed, including the following steps:
1. A comprehensive diagnosis based on quantitative criteria, using performance indicators and statistical analysis, to identify shortcomings and strengths.
2. Establish a national digital database of personnel, resources, and services, updated periodically and managed by an independent entity.

3. Adopt mathematical models for performance evaluation and planning, such as simulation models and gap analysis.
4. Launch targeted training programs for human resources, utilizing digital learning and distance learning tools.

5. Establish an independent civil service governance unit directly affiliated with sovereign entities and with full powers.
6. Link incentive and promotion systems to actual, measurable performance, rather than seniority or political loyalty.
7. Adopt a gradual reform plan with time-bound, evaluable, and amendable objectives.

Post-war Governance:
Establishing the Rules of Good Governance
1. Publish administrative data, budgets, and recruitment and promotion criteria to enhance transparency.
2. Establish effective mechanisms to hold government leaders and employees accountable.
3. Involve citizens and civil society organizations in performance oversight.
Rebuilding Institutions on Professional Foundations

1. Restructure civil service institutions based on competence, not loyalty.
2. Enacting laws to protect civil service from politicization and interference.
Digitization and E-Transformation
1. Building unified digital databases for the country’s human resources.
2. Launching a national system for e-government services.

Exploring the Near Future
The Sudanese civil service is expected to remain hostage to the security and political reality for the next two years, but some positive scenarios loom on the horizon:
If a comprehensive peace agreement is reached, administrative reform and governance empowerment programs can be initiated with neutral regional and international support.

If the war continues, the civil service will remain paralyzed, and parallel administrations may emerge along regional or military lines, deepening divisions.
What can be offered and addressed:
1. Rebuilding government structures outside the capital by temporarily transferring some ministries to safe states.

2. Establishing a central digital database for employees, identifying needs and responsibilities.
3. Issuing a civil service reform law that establishes governance principles and prevents politicization.
4. Building partnerships with United Nations organizations and friendly countries to rehabilitate the civil service through attractive proposals.

5. Training civil service cadres in governance principles and modern digital and administrative skills.
6. Launching a unified national portal for civil service employment to ensure transparency and equal opportunities.
Future Vision and Action Plan
Vision: “Building a professional, transparent, and cohesive civil service that enhances state stability and achieves development in post-war Sudan.” Based on the vision, a strategic action plan can be proposed that includes the following axes:

Proposed Action Plan: “Rebuilding and Modernizing the Civil Service for a Stable State and Sustainable Development” This plan includes the following axes:
Governance and Institutional Reform
1. Review and update the legal and regulatory framework for the civil service.
2. Restructuring public institutions to reduce overlap and duplication.
3. Establishing the principles of accountability and transparency in job performance.

Capacity Building and Professional Competence
1. Implement ongoing training and qualification programs for civil service employees.
2. Establish specialized units for planning and managing human resources in ministries.
3. Develop merit and merit criteria for appointment and promotion.
Reforming Recruitment and Promotion Systems
1. Adopt a competitive and transparent recruitment system based on competence and fairness.

2. Review the wage and incentive system to ensure attractiveness and job stability.
3. Establish a central database for government jobs and cadres.
Justice and Inclusive Representation
1. Ensure equitable representation of women, youth, and various community components.
2. Enabling people with disabilities to access public jobs.
3. Addressing the effects of war and past discrimination in employment.
Digital Transformation and Smart Management

1. Automating administrative processes and enhancing the use of information systems.
2. Building transparent systems for digital monitoring and evaluation of employee and institutional performance.
3. Establishing electronic portals for providing government services.
Promoting Corporate Culture and Professional Values
1. Establishing public service ethics, integrity, and commitment.
2. Launching awareness campaigns to build citizen confidence in the civil service.
3. Encouraging a work environment that stimulates innovation and initiative.
Partnerships and Funding
1. Collaborating with international organizations and donors on capacity-building projects.

2. Mobilizing resources to support civil service reform programs.
Reforming the civil service in Sudan after the April 2023 war is not an intellectual luxury, but rather an urgent national necessity to ensure the continuity of the state. This reform requires adopting governance as a comprehensive approach to administrative reconstruction based on new foundations of transparency, efficiency, and participation. Despite the difficult context, building an institutionalized civil future is possible through political will, international support, and genuine community engagement. The transition from chaos to statehood cannot be

achieved without building a professional administrative apparatus capable of implementing policies and delivering services efficiently and fairly. This can only be achieved by adopting a scientific, standard, mathematical, statistical, and methodological approach to governance that takes into account the Sudanese context and leverages modern tools for analysis and decision-making.