د. محمد يوسف قباني يكتب: البيئة الإيجابية في حياة أطفالك.. انتقي وبدقة من يَبُثُّ الإيجابية في أطفالك(18)
د. محمد يوسف قباني يكتب: البيئة الإيجابية في حياة أطفالك.. انتقي وبدقة من يَبُثُّ الإيجابية في أطفالك(18)
نواصل في وقفاتنا عن الإيجابية في حياة أطفالنا، إذ أن شكل العلاقة بين الآباء والأمهات يلعب دوراً مفصلياً في تنمية هذه المهارة الحياتية بالغة الأهمية، حيث أن العلاقة الإيجابية الواضحة بين الطفل ووالديه تنمي لديه
الاستقلالية ومهارات صناعة القرار والفضول وتقدير الذات والاستقرار النفسي.
الوقفة الرابعة – إعطاء الحرية للأطفال .. لا يعني الفوضى وعدم الانضباط: من المهم ممارسة الانضباط
لدى الطفــل وتعليمه حدود التعامل ومسافات الحرية له. ولكن في نفس الوقت، يجب أن يتم منحهم حريتهم أيضاً. في بعض الأحيان، لا مانع في السماح للأطفال بعمل الأشياء بالطريقة التي يريدونها مهما كان حجم
الفوضى في تصورك أو من وجهة نظر الآباء والأمهات واختلاف الأبعاد وزوايا تقدير ما يجول داخل عقول الأطفال الكبيرة. فإغْضاء الطرف عنهم ليس ضعفاً أو سبباً لتوليد الفوضى في البيت. فإعطاء الطفل الحرية يسهم في تعزيز ثقته في نفسه وينمى داخله الاستقلالية.
فالحرية ضرورية للطفل ليصبح قادراً على تخليص نفسه من القيود الخاصة والأوامر المملة المتواصلة (المكبلات العائلية الكثيرة) لا تفعل – لا تقوم بذا – لا تأكل هنا – لا تترك – لا ولا. وعند التفكير في إصدار الأوامر الكثيرة من
الآباء والأمهات، ينغي أن يفكروا في حجم الحرية وحجم التجارب الجديدة التي ستسلبها تلك الأوامر. حتى الأوامر يمكن أن يفكر الآباء والأمهات بإصدارها بطريقة ملهمة محفزة يكون للأطفال دور فيها وفي تنفيذها بحب
وطاعة فلا تؤثر على حريتهم إطلاقاً. أعطوهم قدر كبير من الحرية ليذللوا التحديات التي يواجهونها، اشركوهم في إصدار القرارات والأوامر في البيت، اجعلوهم جزءاً أصيلاً من عملية صنع القرار، احترموا أدمغتهم الصغيرة
حتىى يختبروا احتياجات الحياة بأنفسهم، ويدافعوا عنها، ليتعلموا المبادرة والرأي والرأي الآخر والقبول حتى تتسع دوائر مهاراتهم الحياتية وتنمو ليكونوا أكثر تماسكاً وأكثر تكيفاً.
الوقفة الخامسة – البيئة الإيجابية .. انتقي وبدقة من يبث الإيجابية في أطفالك: احرصوا أن يكون أطفالكم محاطين بأشخاص/أقرباء/أصدقاء/أهل/معلمين إيجابيين قدر الإمكان. الأشخاص الذين نحن أقرباء أو
أصدقاء لهم يؤثرون علينا بشكل كبير إيجابي وغير إيجابي، وإذا كنا محاطين بأشخاص إيجابيين فالمحصلة إيجابية والبيئة التي سيترعرع فيها الطفل ستكون أرضاً خصبة لإنبات الإيجابية. الشيء نفسه ينطبق على الطفل؛
لذلك تأكد من أن طفلك بصحبة أطفال سعداء وإيجابيين.
الوقفة السادسة – شجع أطفالك على التحدث عن الأحداث الإيجابية في حياتهم وحياة غيرهم: من الجيد أن تتعرف على يوم طفلك، كيف كان، وكيف كانت
تفاصيله، ولكن مع التركيز أكثر على الأحداث الإيجابية دون إهمال الأحداث السلبية. أظهر لهم أن الأحداث الإيجابية لها القدرة على تخطي الأحداث السلبية بالفهم واليقظة والوعي الذهني. إن تشجيعهم على التركيز على
الأحداث الإيجابية والتأكيد على أهميتها سيساعدهم على إدراك أن الموقف الإيجابي تجاه الحوادث اليومية ضروري. وهذا لا يعني الهروب من الأحداث السلبية، لا .. بل تناقشهوا معهم ولكن من باب عقلية الحلول لا عقلية
الإقفال لا عقلية التأزم والأزمة وإنسداد الأُفق. أسألوهم ما رأيهم فيها وكيف يقترحون الحلول لها. عليكم بتشجيعهم لممارسة مهارة الإيجابية من خلال سردد القصص والألعاب التي تساعد في ذلك. يمكنكم أن
تغرسوا الإيجابية في الطفــل من خلال سرد القصص الإيجابية لهم والتي قام الآباء والأمهات بقرأتها مسبقاً وتأكدوا أنها تحتوي على كل ما يعزز داخل الطفل الإيجابية. وبهذه الطريقة سيتعلم طفلك دروساً قيمة
وبطريقة ممتعة ومحببة لهم. إن وجود موقف إيجابي تجاه الحياة يمكن أن يساعد الطفــل على التغلب على أي مشكلة تواجهه في المستقبل.
الوقفة السابعة – منظومة الأخلاق الحميدة: إن الطفل الذي يعرف ما هو الصواب وما هو الخطأ، يتبين أنه أكثر إيجابية في الحياة من الأطفال الذين لا يعرفون ذلك.
ويمكن أن يحدث هذا عندما تقوموا بتعليمهم منظومة الأخلاق الحميدة والقيم الاجتماعية منذ البداية وفي سن مبكرة. فعندما يعي ويعرف أطفالك قيمهم الاجتماعية وأخلاقهم ويطبقونها في واقع الحياة المعاش، فإنهم
يعرفون أنهم على صواب. قال أحد الحكماء: “تمسّكوا بالأخلاق، فالعلم بلا أخلاق جهل، والمال بدون الأخلاق فقر، والنجاح بلا أخلاق فشل”. وإذا تعلموا الأخلاق
سيفعلوا الشيء الصحيح، فلن يكون لديهم أي تداعيات أو ذنب أو شكوك أو ندم على أفعال خاطئة. وفي غياب الخوف والشعور بالذنب والشك سيجد الطفــل أنه من
السهل تطوير موقف إيجابي وأنه بإمكانه التغيير طالما كان متمسكاً بالأخلاق الحميدة والقيم الاجتماعية لتعزيز السلوك الجيد واحترام الكبير واحترام الآخر، وهكذا.