د. محمد خير حسن محمد خير يكتب : أسطورةُ العنقاء
رهاب…………… رهاب
هكذا تولد الأفكار العظيمة
2 أكتوبر 2022 ==================
بقلم / د. محمد خير حسن محمد خير
أسطورةُ العنقاء
صادقت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي على مقترح الزيادة في رسوم العبور والذي أعدته الهيئة العامة للطرق والجسور وقد اشتمل على زيادة تقدر ب 600٪ لكافة نقاط العبور في السودان ويشمل ذلك المركبات العامة والخاصة.
عللت هيئة الطرق والجسور مقترحها بارتفاع معدلات التضخم ( وأظنها لا تتابع تقارير الجهاز المركزي للإحصاء) وحاجة الطرق والجسور في السودان الي صيانة مستمرة باعتبار أن معظم الطرق قد فقدت قدر كبير من صلاحيتها .. وفي ظل إنغلاق العون الخارجي والذي كان يوجه لمثل هذه المساحات فلا مناص وفق قولهم من زيادة رسوم العبور لتسهم في تأهيل الطرق ومد المزيد منها .. وقد انفذت هذه الزيادات من فاتحة أكتوبر 2022.. ولعل مثار الدهشة والعجب هنا أن وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وعلى الدوام تسلك المسالك السهلة وذات العائد السريع لتمويل بعض جوانب إنفاقها العام ويكون الضحية على الدوام المواطن المغلوب على أمره المكتوي في الأصل بلظي تزايد المستوى العام للأسعار والرسوم الدراسية على مستوى التعليم العام والعالي فضلا” عن تزايد تكاليف الاعاشة والعلاج…. ولذلك زيادة رسوم العبور ستؤدي إلى مزيد من الضغوط على ميزانيات الأسر باعتبار أن أصحاب المركبات العامة سيقومون ببساطة بتحميل عبء هذه الزيادات للمواطن بل وسيتعدي الأثر بالنسبة للشاحنات التي تنقل سلعا” استراتيجية إذ ستضاف الزيادة في الرسوم إلى تكلفة الشحن والتي ستضمن لاحقا” في قيمة السلعة ويحول العبء في خاتمة المطاف إلى المستهلك والذي أصبح ( فأر ) للتجارب المعملية لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي … لعل أسوأ ما افرزته الثورة ذهاب خوف مؤسسات النظام من الإضراب والاضطرابات لأن الشعب في الأصل في الشوارع فماذا في يده أن يفعل أكثر من ذلك.. فقط مزيد من الاحتجاجات ومزيد من اللافتات التي سترفع هنا وهناك وسيمضي ماهو ماضي ولعل هذا ما تراهن عليه وزارة المالية ومؤسساتها الاقتصادية.. فقد إبتلع هذا الشعب المغلوب على أمره رفع الدعومات السلعية أكثر من مرة .. وابتلع زيادات الكهرباء وابتلع زيادات الوقود وابتلع زيادات تعرفة المواصلات وابتلع وسيبتلع زيادة رسوم العبور كما ابتلع ما قبلها…… هي ( حبة ) تعطي للمواطن عند اللزوم كل ما طرأ على وزارة المالية أو أحد مؤسساتها طارئ خاص بانفاقها غير الرشيد …. يبدو أن وزارة المالية قد استمرأت هذا السلوك وباتت تعتمد دوما” على أسهل الخيارات وجديرٌ بها بذل الجهد في توسعة الوعاء الضريبي وإكمال مشروع التحول الرقمي لحشد موارد حقيقية لموازناتها واستقطاب العون الخارجي وترشيد إنفاقها العام …
يكفي هذا المواطن اكتواءا” جراء قرارات وزارة المالية والتي يبدو أنها أثبتت على الدوام انها قرارات بلا جدوى ولا طائل فالأزمةُ الاقتصادية ضاربةٌ باطنابها والخدمات في ترديها والطرق في وعورتها ومعاش الناس في تدهوره ورفاهية العيش باتت كاسطورة العنقاء نسمع بها ولم نلتقها يوما” ولربما المؤسسات الاقتصادية الحالية غير جديرة وغير مؤهلة لتحقيق ذلك…