مقالات

د. محمد تبيدي يكتب: .. مسارب الضي ..بين الهدم والتعمير.. الكلمة مسؤولية يا أستاذ العيكورة

د. محمد تبيدي يكتب: .. مسارب الضي ..بين الهدم والتعمير.. الكلمة مسؤولية يا أستاذ العيكورة

 

 

 

إذا كانت الكلمة أمانة، فإن نشرها في أوقات الأزمات مسؤولية مضاعفة، لا سيما حين تأتي من قلم تفترض فيه الحكمة والإنصاف. والأستاذ صبري محمد علي (العيكورة) حين كتب مقاله الأخير من المملكة العربية السعودية، بدا وكأنه يكتب من مسافة آلاف الأميال عن الواقع، ولكن أيضاً من مسافة فكرية عن عدالة التخطيط العمراني، ومصلحة المواطن الذي يجب أن تُحفظ له حقوقه كاملة دون العيش في دوامة العشوائيات والتعدي على الحق العام.

نعم، نُقدّر أن هناك تجاراً عادوا إلى دكاكينهم بعد النزوح، وأنهم حاولوا النهوض من رماد الحرب، ولكن هل يُصبح هذا سبباً لتجاهل أن بعض هذه الدكاكين قامت على أرض مخصصة للمنفعة العامة؟
وهل يصبح مجرد البقاء طويلاً مبرراً لشرعنة المخالفات؟!
الهدم ليس هواية، ولا قراراً ارتجالياً. إنه ثمرة لجان وتخطيط وتقديرات قانونية، تُراعي مصلحة المجتمع ككل. فهل تريد يا أستاذ العيكورة أن تُعلّق حركة التنمية في ولاية الجزيرة لأن هناك اثني عشر دكاناً تمّ بناؤها أو تأجيرها بشكل مخالف؟!

ثم لماذا لا تذكر في مقالك كل ما فعله والي الجزيرة الطاهر إبراهيم الخير وأركان حكومة ولاية الجزيرة من جهود جبارة؟!
لماذا تُجرد المشهد من سياقه، وتُصور الأمور وكأن الدولة تهدم وتُخرّب، بينما الحقيقة أن الدولة تبني وتُعيد ترتيب ما شتّته التمرد والنهب؟!
وحكومة ولاية الجزيرة تبني في ما دمرته مليشيا آل دقلو المُتمردة.
ألم تكن قريتك شاهدة على تمدّد الخدمات في عهد هذا الوالي؟

ألم تُنر الشوارع وتُحفر المجاري وتُرمم المدارس وتُؤهل المرافق؟

ألم تكن الجزيرة على شفا الانهيار، فاستعادتها أيادي الدولة لا مليشيا تتقاضى ثمن الخيانة من حليف أجنبي؟!

يا أستاذ العيكورة، إنّ احترامك لدى الناس كبير، وقلمك مقدّر، ولكن دعنا لا نُصبح أبواقاً لظلمٍ مغلف بالعاطفة. إن كنت تؤمن بأن الناس أصحاب حق، فليُعرض ملفهم أمام اللجنة المعنية، وليُنظر في المستندات بإنصاف، ولكن دون ليّ ذراع الدولة، كما استنكرتها انت ولا تنه عن فعل وتاتي بمثله ودون إيقاف عجلة التنظيم والتخطيط التي تُعيد لمدني وجهها الحضاري.

قال الشاعر:
إذا ما الجرح رُمّ على فسادٍ… تبين في العواقب ما يَضُرُّ

الحكمة كل الحكمة أن تُرفع المظالم، ولكن العدل كل العدل أن تُقام الدولة على النظام لا على الاستثناءات. فإن كانت هذه الدكاكين مخالفة، فلن يُقيم التجارة على أنقاض القانون أحد، وإن كانت مظلومة، فالدولة أولى الناس برفع الظلم عنها.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى