مقالات

د. علي الله عبدالرازق علي الله يكتب : التداعيات الاقتصادية لحرب السودان : بمناسبة مرور العام عليها، هل الانهيار وشيك ام حدث ؟

د. علي الله عبدالرازق علي الله يكتب : التداعيات الاقتصادية لحرب السودان : بمناسبة مرور العام عليها، هل الانهيار وشيك ام حدث ؟

 

انقضي عام هجريا و ميلاديا، على حرب السودان، التي اندلعت فى الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣. .. جاءت هذه الحرب على السودان فى ظل ظروف اقتصادية و معيشية فى غاية الهشاشة و التدهور قبلا ، لتزيد من

وتيرة الصدمات الاقتصادية والاجتماعية بأكثر عنفا و فظاظة ،، إطالة امد الحرب لفترة العام، قد أثر تأثيرا بالغا على مجمل الجوانب الاقتصادية و المعيشية و الإنسانية لكافة أفراد المجتمع السوداني… من افدح التداعيات

الكارثية ، تراجع حجم النشاط الاقتصادي بنحو ٥٠٪_ ٦٠٪، و حدوث انكماش اقتصادي بنسبة أكثر من ١٨٪، و هي أكبر نسبة تراجع يشهدها الاقتصاد السوداني طوال تاريخة…

هذه الحرب و هي تكمل شهرها الثاني عشر، و الدمار و الانهيار الشامل ، التدمير الممنهج لقطاعات كبيرة من البنية التحتية قد تم ، حيث تقدر تقارير صادرة من منظمات دولية، ان تكاليف هذه الحرب فاقت أكثر من ١٠٠ مليار دولار، توقف أكثر من ٧٥٪ حجم النشاط الاقتصادي،

انخفاضا فى الناتج المحلي الإجمالي الي اقل من ١٨٪، و فقدان أكثر من ١٢٠٪ من قيمة العملة الوطنية، مما أدى إلى تدهور مريع فى سعر الصرف للجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية ، الأمر الذي ادي بدورة الي ارتفاع معدلات التضخم، الجامح اصلا و المشتعل نارا من قبل بداية الحرب….

ينضاف الي ذلك، انه خلال فترة الحرب الطويلة، فقد تراجعت الصادرات الي مبلغ لا يتجاوز ١٠ _ ١٢ مليون دولار في الشهر،. هذا فضلا عن فقدان 6.4 مليار دولار من المساعدات الانمائية المقدمة للسودان من المؤسسات التمويل الدولية و لإقليمية، كانت مخصصة لتطوير

مشاريع حيوية في قطاعات الزراعة و الري و الصحة، هذا بجانب اعلان مجموعة نادي باريس تعليق إعفاء ديون و متأخرات السودان المالية …

اما في جانب موازنة العام ٢٠٢٤، فقد أعلنت وزارة المالية، انها موازنة حرب، سيخصص نسبة كبيرة منها لتمويل الجهود العسكرية و العمليات الأمنية، فى ظل فقدان الموازنة العامه ل٨٠٪ من إيراداتها ،. مما يعني أن موازنة

بهذه الطريقة، ستخصص جل مواردها للحرب و العمليات العسكرية ، و ان لا مكان للإنتاج و الخدمات الاجتماعية من صحة و تعليم و تحسين معيشة المواطنين و غيرها ، مما سيفاقم من الأحوال المعيشية المتردية اصلا

للمواطنيين، مما يعني مزيد من المعاناة للمواطنين العزل ، بالإضافة ان كل يوم إطالة فى امد الحرب، سيعقد الظروف المعيشية للمواطنين أكثر فأكثر، وذلك بتعطيل الحرب لعمليات الإنتاج في مناطق الإنتاج المختلفة ،

بذلك يكون هذا بمثابة اعلانا من الحكومة بالتخلي عن مسؤوليتها اتجاه المواطنين، الذين أصبحوا غير قادرين على مواجهة الازمات التي خلفتها و مازالت تخلفها الحرب، من فقدان الملايين من العاملين في القطاعين

العام و الخاص لوطائفهم، و عدم صرف استحقاقاتهم لعدد من الشهور، مما فاقم من الجوانب المعيشية لهم ، و تسبب في توسع ظاهرة الفقر لنطاق واسع بين المواطنين، انعكس ذلك على سوء الأوضاع المعيشية و الإنسانية، و بذلك يكون غالبية السودانيين قد دخلوا المرحلة الخامسة الخطيرة للمجاعة لأكثر من ٢٠ مليون سوداني بحسب تقرير برنامج الغذاء العالمي…

ما ينبغي الإشارة اليه، ان تفاقم الاحوال المعيشية َ الإنسانية المتدهورة داخل السودان، ادي الي هجرة نسبة كبيرة من الكفاءات العاملة فى تشغيل خدمات البنية التحتية و غيرها الي خارج السودان، مما أثر سلبا علي استمرار تقديم هذه الخدمات بكفاءة و جودة عالية ….

ان هذه الحرب و إطالة امدها لفترة العام كاملا، ادي الي تدهور كبيرا فى قطاعات الإنتاج الحقيقية، حيث بلغت خسائر القطاع الصناعي مبالغ ضخمة ، و تعطلت اكثر من ٧٠٪ من الصناعات المتمركزة فى ولايتي الخرطوم و الجزيرة، و هكذا القطاع الزراعي الذي توفقت أكثر مشروعاتة المنتجة فى ولايات الوسط و تحديدا ولاية الجزيرة….

مما سبق ذكره، نشير الي أن استمرار هذه الحرب بهذا العنف المصاحب لها، معناه دخول الاقتصاد السوداني مرحلة الانهيار الشامل، مما قد يؤدي إلى تفكيك الدولة السودانية قريبا، فالاقتصاد يرزخ تحت الضغوط الواسعة، و إطالة امد هذه الحرب ذادتها بله، مما دفع بالمواطنيين

الي دفع فاتورة باهظة الثمن، تتمثلت في تدهور الظروف المعيشية بسبب ارتفاع معدلات التضخم. الذي أثر سلبا على القوة الشرائية، و ادي الي ارتفاع َمعدلات البطالة و بروز ظواهر مجتمعية غريبة….

استمرار إطالة أمد الحرب تعني للحكومة، تدهور مالية الحكومة، و من ثم الانخفاض المتواصل في الدخل القومي…. اذا ما امتدت هذه الحرب إلى مناطق أخرى، ذلك يعني انخفاض القاعدة الإنتاجية للاقتصاد ، و قطعا ان هذا سيؤثر على جودة المؤشرات الاقتصادية و الاجتماعية ..

علي كل، فإن تداعيات استمرار الحرب قد تقود الي شبه انهيار شامل للاقتصاد السوداني قريبا ….
ختاما : لتفادي المزيد من الفقدان و الخسائر، على السياسيين و العسكريين و المجتمع الدولي، ان يلعبوا دورا متعاظما فى ضرورة وقف نزيف و استنزاف هذه

الحرب المدمرة باي كلفة، ما فقد ليس بأفضل من ما هو موجود و ماثل، مما لا شك فيه أن استمرار العمليات العسكرية سيؤدي بالمزيد من التدهَور، ليس في الجوانب الاقتصادية، بل قد تعداها الي وجود و كينونة الدولة السودانية….

 

د. علي الله عبدالرازق على الله
خبير مالي و اقتصادي

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى