د. على الله عبدالرازق على الله يكتب : ارتفاع أسعار الصرف فى السودان .. رحلة الصعود من جديد
رتفاع أسعار الصرف فى السودان .. رحلة الصعود من جديد
*د.على الله عبدالرازق على الله***
*خبير و محلل مالى و اقتصادى*
– *١* –
بدأ الصعود فى اسعار الصرف للعملات الأجنبية فى سوق النقد الأجنبى مجددا خلال الايام الماضية ، و بلاشك هذا الصعود سيكون باهظ و مكلف على حياة المواطنين ، تعتبر
قرارات و منشور بنك السودان المركزى فى ٢٠/ فبراير ٢٠٢١ ، المتصل ببيع و شراء العملات الاجنبية ، الذى نص على توحيد سعر الصرف ، و على ضوء ذلك اعلنت المصارف سعر ٣٧٥ جنية مقابل الدولار الأمريكي فى حينها ، ظل بنك السودان المركزى دوما ينفى ان الذى صدر ليس تعويما ، و لكن تحريرا جزئيا ، و ان بنك السودان المركزى يتبع سياسة سعر الصرف المرن المدار.. بصرف النظر هذه الخطوة المكلفة ، هل هى تحرير ام تعويما او توحيدا او غيره ، فهى بلا شك قفزة فوق الظلام ، و غير محسوبة المخاطر….
– *٢* –
ان السوق الموازى ظل يتفاعل بذكاء و دهاء شديدين مع سعره المرتقب و تعاملاته فى السوق الموازى، و ظل طوال الفترة الماضية ، مراقبا و متابعا بدقة لتعاملات سوق النقد الأجنبى ، و ظل يرسل إشارات هدنة احيانا ، و انه سيرفع السعر فى سوقه فى حدود مبالغ محدودة جدا ، و سيظل في حالة ترقب و حذر شديدين اتجاه سعره فى السوق الموازى ، و يقرأ المشهد من على البعد، ما اذا كان بنك السودان المركزي له القدرة على ضخ مبالغ من النقد الاجنبى كافية لمقابلة الطلب المتزايد فى هذه الفترة ام لا ، و حالما تأكد للسوق الموازى عدم مقدرة بنك السودان المركزى ، و عدم صدقية تصريحات الحكومة ، سيبدأ بزيادة سعر الصرف فى السوق الموازى بكثافة كاستحابة ملحة ، و تبدأ رحلة الانهيار المتواصل و المستمرة لسعر صرف العملة الوطنية ، و ها هى الان ترتفع مجدا بوصول السعر قرابة الخمسائة جنية مقابل الدولار فى السوق الموازى ، فى حين ظل السعر المعلن بواسطة المصارف بعيدا عنه..
– *٣* –
من جانب آخر ، و اجهت المصارف السودانية تحديات حقيقية بعد تطبيق قرار التوحيد و لازالت ، تمثلت فى بروز مشكلة عدم توفر سيولة كافية لعدد كبير من المصارف لإتمام عمليات البيع و الشراء ، لاسيما و ان نسبة كبيرة من السيولة الان خارج الجهاز المصرفى ، بأيدى تجار السوق الموازى ، و قطاعات كبيرة من المواطنين ، كما برزت بجانب مشكلة عدم توفر سيولة كافية لفئات كبيرة من النقد المحلى كمقابل للنقد الأجنبى ، و هذا مما دفع بالاحجام عن التعامل مع المصارف من قبل كثير من الجمهور فى إتمام عمليات التحويل الداخلي للنقد الأجنبى ، هذا فضلا عن تأخير كثير من المصارف فى صرف المقابل المحلى من العملة الوطنية ، بسبب التعقيدات و الإجراءات الإدارية المتبعة للمصارف السودانية ، ينضاف لذلك تحدى آخر واجه المصارف ، هو محدودية ساعات عمل المصارف أثناء اليوم ، هذا بجانب عدم كفاءة وسائل الدفع الإلكترونى ، و سوء و تدنى خدمات الصيرفة الاليكترونية ، و ضعف خدمة شبكة شركة السودان للخدمات المصرفية …
– *٤-*
بناء على ذلك ، يتضح أن سعر الصرف التوازنى الحالى للمصارف ، يختلف عن سعر الصرف فى السوق الموازى ، و ذلك نتيجة لجملة من الاختلالات الهيكلية التى ظلت ملازمة للاقتصاد السودانى و التى ظهرت مؤخرا بكثافة ، المتمثلة فى تزايد نشاط المضاربات فى الأسواق ، و اصبحت السمة البارزة فى الاقتصاد السودانى فى الراهن ، و الظاهرة المؤثرة في السنوات الأخيرة ، ظلت هذه الظاهرة مصدر عدم إستقرار مهم فى سوق العملات الاجنبية الشحيحة اصلا ، كما برزت بجانب ذلك ظاهرة شراء الحكومة و مؤسساتها المختلفة للعملات الاجنبية من السوق الموازى بكثافة ، لتسوية و إتمام عمليات شراء السلع الاستراتيجية ، و غيرها من التعاملات التى تعنيها…..
– *٥* –
عليه ، فإن سعر الابتداء و هو ٣٧٥ جنية مقابل الدولار ، مع هامش زيادة في حدود ٥% ، فإن هذا السعر فى الحقيقة لا يعكس السعر التوازنى الحقيقى ، بناء على معطيات متغيرات الاقتصاد الكلى المشوه….
– *٦* –
بناء على اعلاه ، كان من الاجدر ، على بنك السودان المركزى ، و قبل الشروع فى توحيد سعر الصرف ، او الاتجاه نحو التحرير الكامل مستقبلا ، اجراء المزيد من الدراسات و الابحاث العلمية و الاقتصادية ، بدلا من الركون لبرنامج الصندوق المراقب ، و البرامج الاقتصادية الأخرى ، والتأكد من دقة فاعلية مثل هذه القرارات المؤثرة على حياة و معاش المواطنين ، و رصد التأثيرات المحتملة ، خاصة المتصلة بمعدلات التضخم العالية الماثلة فى الراهن اليومى المشاهد ، التى بلغت اكثر ٤٠٠% ، ما يتطلب الامر من حكومة الفترة الانتقالية الحالية، ايجاد حلولا لذلك المسبب ، و علاج الاختلالات فى الموازنة العامة للدولة التى تعتبر هى المصدر الرئيس لذلك ، و النظر فى المخارج والحلول لمشاكل القطاع الخارجى ، و تحديدا الميزان التجارى ، بهدف تحديد السعر التوازنى الحقيقى ، و من ثم اختيار السياسة المثلىظ ظظ لسعر الصرف الذى يتناسب و معطيات الاقتصاد السودانى فى الفترة المعنية ……
د.على الله عبدالرازق على الله.