مقالات

د.على الله عبدالرازق على الله :إصلاح ما تبقى من عمر الفترة الانتقالية – ضرورة ملحة للحمة الوطنية

*إصلاح ما تبقى من عمر الفترة الانتقالية – ضرورة ملحة للحمة الوطنية* ….

د.على الله عبدالرازق على الله
*باحث و اكاديمى*
alalla@gmail.com

-١-
لعل من اهم الدروس والعبر المهمة المستفادة من تاريخنا السياسى المرير ، و التى ينبغى على السياسيون و المثقفين و ذوى الفكر الثاقب ، الانتباه اليها جيدا و استذكارها بموضوعية و تبصر عقلانى رشيد ، و ذلك لأهميته فى تحديد و رسم مستقبل السودان المنشود ، الذى اهدرت فيه الفرصة التاريخية التى تحققت بعد نجاح ثورة ديسمبر ، لتحقيق هدف وطنى استراتيجي لمستقبل اهل السودان المرهقين من فشل نخبويه فى تحقيق استقرار شامل بعد ثورة ديسمبر ، و ان اهدار هذه الفرصة الذهبية و المنجزة ، قطعا ، سوف يترتب عليه ارتفاع كلفة الانجازات فى المراحل اللاحقة ، و فى احيانا اخرى قد يترتب عليه صعوبة و استحالة تحقيق هذا الهدف – و ابلغ مثال على ذلك سوء إدارة الفترة الانتقالية الأخيرة الماثلة ، فشل المكونيين العسكرى و المدنى فى تحقيق هذا الهدف العظيم( نموذج الشراكة) ، بل أدى إلى تغيير إتجاه هدف الثورة ( مشروع التحول الديمقراطي المنشود ) الى هدف غير متوقع الوصول اليه بسهولة ، و فى احيانا اخرى قد يكون مستحيلا و نحن قطعنا اكثر من نصف الفترة الانتقالية ، فى نهاية عام ٢٠٢١ …
-٢-
حتى لا يمضى سودان ما بعد ثورة ديسمبر فى طريق السودان القديم القاسى ، ينبغى اعمال الجدية و بمسؤولية أخلاقية لتحقيق ما ينبغى ان يكون الهدف الرئيس و الاستراتيجى لهذه المرحلة التاريخية و المفصلية و الحرجة التى يمر بها السودان الحديث فى الراهن الماثل من أزمات ، اى ضرورة بلورة مشروع وطنى متفق عليه فى حده الادنى ، قادر على تجاوز حالة الاصطراع و التشاكس و الكنكشة و الأنانية السياسية الذاتية ، الجهويه و القبلية المقتيه ، و ذلك عبر تحقيق (المصالحة التاريخية )، و ابراء الجراح ، لاجل التحول الديمقراطي المنشود و تأسيس الدولة المدنية المطلوبة ، و إعادة هيكلة الدولة السودانية بانصاف و عدالة لصالح كافة مكونات المجتمع السودانى ، و من ثم حشد الإمكانيات و الطاقات المهدرة فى الراهن الماثل فى الصراعات الوهمية المتفاقمة ، وهذا التشاكس و الصراع الماثل بين المكونيين العسكرى و المدنى ، فى الحقيقة الصراع لا قيمة له فى الوقت و اللحظة الحاضرة ، و لا يخدم قضايا تحديات الانتقال و تغيير واقع التخلف الذى يطوق السودان الان — هذا المشروع الوطنى الاستراتيجي بدايته الحقيقية تتمثل فى إنهاء حالة الاصطراع و الفوضى الضاربة باطنابها ، التى كرست لها الأنظمة الشمولية ، فضلا الأنظمة الديمقراطية نفسها …
-٣-
هناك تساؤلات ملحه تحاصر الفاعلين السياسيين لسودان اليوم ، سودان ما بعد ثورة ديسمبر ، سواء كانوا أحزابا سياسية مدنية او مسلحة او كيانات معارضة ، و على رأس هذه التساؤلات ، هل من اتفاق و اجماع على هدف رئيس و استراتيجي مجتمع عليه لادارة الفترة الانتقالية وصولا لمرحلة الانتخابات بسلام ؟ هل من التزام استراتيجي وطنى متفق عليه غير قابل للمساومة و إمكانية التحاور حول قضايا و هواجس و مقلقات ما تبقى من سودان اليوم ؟ ، ماذا اعددت هذه الأحزاب المدنية و المسلحة من برامج و خطط عمل عملية لإنهاء حالة الدكتاتورية ، و ما هى البرامج المعدة لإدارة الفترة الانتقالية فى كافه جوانبها الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية ، و هذه المرحلة ، و التى تعتبر من اصعب و اعقد مرحلة فى تاريخ السودان الحديث ، فترة انتقالية مواجهة بتحديات الاقتصاد المنهار ، و تحديات الخدمة المدنية فاقدة القومية و النزاهة و الشفافية ، و معضلة انتشار النزاعات القبلية و الجهوية ، هذا فضلا عن معضلة انتشار المليشيات المسلحة المتخذة من انتهاكات حقوق الإنسان راية ، هذا بجانب معضلة تدنى مستويات التعليم العام و العالى و أخلاقيات الحياة العامة ، و شيوع خطاب الكراهية و شيطنة الراى الاخر ، و غيرها من التحديات ؟ و ماهو برنامج كل حزب مدنى او مسلح او غيره لمواجهة معضلات الانقسام الباين و العميق بين مكونات المجتمع السودانى فى الماثل ، حيث علو نبرة العرقيه و الاثنية و الجهوية التى اعاقت عملية الاصطفاف الوطني ، التى خلقت أهدافا غير وطنية تتعارض مع نموذج الديمقراطية …
هذه التساؤلات ينبغى ان تكون محور تفكير كل القوى التغيير المدنية فى سودان اليوم بدلا من رفع شعار العصيان المدنى و التمترس حول انا وانت ، اللهث على كراسى السلطة وإغلاق البلاد و تعطيل مصالح الشعب ….
-٤-
الاستعداد بالرؤى الواضحة و الأفكار الخلاقة و برامج العمل المنهجية و التفصلية ، شرط لازم و ضرورى لنجاح الأحزاب السياسية لعبور ما تبقى من عمر الفترة الانتقالية ، و أهم معيار لهذا النجاح هو تحسين نوعية الصورة الديمقراطية التوافقية للمحكومين ، و هذا يقتضي ان يكون العمل السياسى الايجابي المطلوب هو مخاطبة القضايا الجوهرية و الملحه المرتبطة بتقدم الوطن و نهضتة …
-٥-
و قد رأينا كيف ساهمت الأحزاب السياسية التى حكمت السودان باسماء و لافتات أيديولوجية مختلفة منذ الاستقلال و انتهاء بثورة ديسمبر الأخيرة ، الى انهيار التجربة الديمقراطية ، فهل من عقلاء سياسيين حكماء بقامة و رشد و حكمة نيلسون مانديلا و غاندى و غيرهم ، يقودوا الوطن الجريح المرهق من سلوك ساسويه الغير رشيد ، الى ثورة حقيقية و مستحقة تتقدم و لا تتمرس تراجعا الى الخلف ….
*كسرة* :
علة السودان الكبرى فى طريقة تفكير سياسويه ، و منهجية التعاطى مع التحديات .. ادمان سياسة الحفر والكيد دون اكثراث هى طامتنا الكبرى..
* دراسة فنون و مهارات الفعل السياسى ، رافعة مهمة لتجاوز الأزمات و المحن ، دونها خرت القتات….و على السودان السلام ، و السلام بايدى ابناءه الصالحين….
جدودنا زمان وصونا على الوطن على التراب الغالى ، الما ليه ثمن. .

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى