د.على الله عبدالرازق على الله:التوافق السياسي و المصالحة الوطنية ، و ابراء الجراح — ضرورة ملحة لسودان المستقبل دونها خرت القتات
التوافق السياسي و المصالحة الوطنية ، و ابراء الجراح — ضرورة ملحة لسودان المستقبل دونها خرت القتات .
بقلم :
د.على الله عبدالرازق على الله .
باحث و اكاديمى …
alalla@gmail.com
-١-
ليس من المستغرب ، فى ظل اوضاع السودان الماثلة فى الراهن ، الحالة التى تتصف بالهشاشة و السيولة بكافة جوانبها أمنيا و سياسيا و اقتصاديا ، يندى الوجدان حسرة ، ان تدوام القوى السياسية والتنظيمات الأخرى على تغير مواقفها من موقع الى آخر ، بطريقة غير متناسبة مع الظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية السائدة ، بالتالى فإن أدوار الفاعلين السياسيين و غيرهم من التنظيمات المجتمعية الأخرى ، فى تحقيق مصالحة وطنية و توافقا برضا لسودان ما بعد ثورة ديسمبر ، التى شكلتها بالضرورة طبيعة الانتقال و العمل السياسى ، التى جرى التفاوض على و حول مستقبل السودان قبل ثلاث سنوات عجاف ، و هى بالضرورة ، ظروف تحكمت فيها مجموعة عوامل غير متوازنة و غير عادلة و غير شفافة و غير عقلانية راشدة ، حيث تجلى ذلك فى الاعلان السياسى فى يوليو ٢٠١٩ ، الناقص من جهه ، و الوثيقة الدستورية التى لم يلتزم بها بين الأطراف الموقعة عليها من جهة اخرى ، و الدور الكبير للفاعلين الخارجانيين (الدوليين ) من جهة ثالثة فى العملية السياسية الداخلية للسودان…هنا إذ لابد من تغير هذه الصورة المختلة ، لكى ترسم تصورات و مداخل و فرصا جديدة لادوار اكثر رشدا و حكمة للفاعلين السياسيين ، لإحداث حالة من التوافق ، و إجراء مصالحة مجتمعية ، لملأ الفراغ الماثل و حاله اللا دولة اللائحة بينونة كبرى ، هذا فضلا عن الهشاشة بكل صنوفها فى سودان ما بعد ثورة ديسمبر..
-٢-
الدولة السودانية ، ما بعد الثورة ، تمر بمنعطف و مرحلة تاريخية فى غاية التعقيد و الخطورة ، و هى مرحلة ان يكون او لا يكون دولة اسمها السودان ، يواجه فيها البلد بكلياتة ، مجموعة من التحديات تتمثل فى ثلاث أبعاد: حفظ و استدامة السلام ، تحقيق التنمية الشاملة ، الحفاظ على كيان دولة تسمى( السودان ) ، و ما تبقى منه ، و هى تحديات فى غاية التعقيد و التركيب و التشابك فى خلية عصيه ، يتوجب على اهل و حكماء السودان كسر هذه الخلية و الخازوق ، لكى تتحقق دولة السودان المتماسكة اهلا و ارضا ، التى ينشدها السودانيين ، حتى يتسنى ان ينظر المجتمع الدولي له من على البعد ، دولة مستقرة و جديرة بالاحترام و التقدير…
-٣-
هناك مجموعة من الادلة الماثلة ، تؤكد ان سودان اليوم ، لا يملك قدرة
للتصدى لهذه التحديات المشار اليها بعالية نتيجة لفقر الفكر الذى أنتج فكر الفقر ، اذ ان التحدى الحقيقى ، يتمثل فى التصدى بالجملة و بالتزامن معا و برضا و توافقا عقلاني ، يعلى من المصالح العليا للوطن ، فى تقديرنا لا يتحقق ذلك ، الا فى ظل أوضاع و مناخ ، يعقبه تطبيعا لمجمل الحياة السياسية بالتوافق السياسي و المجتمعى ، وصولا لاستقرار البلد الذي أصبح بكلياتة فى مهب الريح..
-٤-
متوقع خلال القريب المنظور ، ان تبرز للسطح ميلاد قوى سياسية واجتماعية و ثقافية جديدة و تتسنم المشهد السياسي ، تتجاذب نحو أهداف و اتجاهات مختلفة ، تبذل كل واحدة من هذه القوى ما فى وسعها لتعظيم مكاسبها ، بوسائل ليست عنيفة بالضرورة….
-٥-
بالنظر إلى حالة الاستقطاب و التشرزم و الهيمنة الماثلة التى تحيط بالسودان اليوم ، من سيولة و هشاشة هيكلية فى كافة الجوانب الحياتية ، التى يندى لها القلب الما ، فإن هذه التحديات الشائكة و المعقدة ، تشكل فى الواقع حركة خطية لا تقاطعية من قوى الى اخرى ، اى من السلام الى الحرب ، من العدالة و الحرية الى الظلم و الاستبداد و من الفقر إلى الرفاه ، عليه فإن تحدى الفاعلين السياسيين الوطنيين الحادبين على أمن و استقرار السودان ، يكمن فى تحقيق توافقا وطنيا شاملا ، لا يقصى احدا و ان أخطأ الآخرين ، يحفظ و يحافظ على التوازن المطلوب من ناحية ، و ترجح كفة القوى السياسية الأخرى من ناحية أخرى ، فى حالة تعرض سلامة الأمن القومى للسودان للتهديد و الخطر ..
-٦-
على الفاعلين السياسيين و غيرهم من التنظيمات المجتمعية الأخرى من طرق صوفية و إدارات أهلية و منظمات مجتمع مدنى و غيرها ، فى ماثل اليوم ادوارا متعاظمة فى دعم عملية الانتقال و السلآم المنحزة جزئيا دون تضحية بالمصالح المباشرة لمتضررى حالة الاستقطاب ، و الحرب و غيرهم ، و ان تبذل جهدا فى تحقيق أشواق العدالة الاجتماعية و التنمية المنشودتين ، فى شكل سياسات و رؤى قابلة للتطبيق و التحقق ، واعمال منطق الاعمال الوطنية الواجبة ضميرا ، لاجل تحقيق تنمية متوازنة و تعايش سلمى بين أفراد المجتمع ، و تغيير قواعد لعبة الحوار من الوحدة الى الاستمتاع بمبدأ الوحدة فى التنوع الراقى الأنيق لاهل السودان….
-٧-
عملية المصالحة الوطنية بالتوافق ، لاشك فيها تناقضات و تحديات كثيرة و جمه ، تؤثر على عملية ابراء الجراحات للمجموعات المباشرة ، اذ لا يمكن ان ينتظر ضحايا أخطاء سياسي الأنظمة السياسية السابقة و متضررى النزاعات ، و النازحين و غيرهم من المتضررين لسجالات الحوارات لمدة طويلة من الامد ، لذا هناك ضرورة ملحة ومهمة فى تصميم برامج و خطط ذات اثر سريع ، يصممها الرسمين و المجتمع المدني و الدولى ، لتصبير و ابراء جراحات الضحايا ، و ينطبق ذات المعضل على التوتر بين العدالة الظلم الإجتماعيين ، و بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و التخلف..
-٨-
هناك ضرورة ملحة ، لنزع فتيل التوتر بين العدالة و العفو ، على ان تفتح صفحة جديدة ، تواجه الدعوة للعدالة لمحاسبة المجرمين و المفسدين فى حق اهل السودان ، و تغيير حالة الندم و البكاء و النياحه ، و محاسبة الماضى ، كى يخلق مناخا يستطيع فيه كل سوداني ، ان يجد و يتبصر الامور بوضوح ، هنا تظهر جدلية التوافق و السلام المجتمعى كعملية و نتيجة فى آن واحد ، السلام كعملية لا تتحقق بضربة لازب هكذا ، و لا تحدث بين ليلة و ضحاها ، إذ يتطلب الامر وقتا لكى يترسخ ، و يثمر نصجه ، مع الاخذ فى الحسبان ، ان معاناة المتأثرين من الضحايا و غيرهم ، لا تستطيع الإنتظار لوقت طويل من الزمن لتحقيق ذلك…
-٩-
المطلوب الان ، و فى سياق سودان المستقبل المنشود ، ضرورة إصلاح مناهج تفكيرنا القديمة و المجربة ، و ان نفكر بطريقة وطنية جديدة ، خارج الصندوق ، لمواجهة مآسى ماضينا و ان نكاشف بعضنا البعض بشفافية مسؤوله و نزيهة ، لاجل تخفيض مرارات و اعباء التاريخ القديم – هنا ، حان الوقت الان ، ان تفتح صفحة جديدة لبناء امه سودانية ، مرتكزة على مبدأ الوحدة فى الانسجام ، و الاعتراف بالاختلافات الاثنية و العرقية و الأيديولوجية ، لصالح البناء ، لا الهدم ، فلا جدوى و قيمة للتصورات الغير حقيقية فى المخيلة ، ينبغى الترحيب بالاختلاف و التنوع ، و بذلك نسهم بطريقة او اخرى فى رسم الوان جديدة لسودان المستقبل ، يسهم فيها كل لون فى تشكيل المجموع الكلى الوطنى و الوحدة الوطنية الباذخة ، على ان يستتبع ذلك النظر فى العوامل التفريقية المساهمة فى حالة التشرزم و الاستقطاب الحادة فى الراهن المعاصر لسودان اليوم الكالح البائس الفقير ، لتصبح عوامل داعمة للوحدة و التماسك ، تساعد فى انخراط مجموعات ثقافية و مجتمعية اخرى فى عملية تفاعلية متجددة و منتجة ، لخلق إجماع كلى وطنى ، لإفساح المجال أمام تفاوض و حوار ناشد منتج و راشد أى كان مصدره ، لاجل ارساء اسس جديدة للعيش المشترك بين السودانيين ، و تأسيس نظام حكم سياسي وطنى و عقلاني ، عادل و منصف ، نظاما يفتح فرصا للبناء الشامق الشاهق ، يتيح مجالا للديناميكية المجتمعية ، تحديدا للمجموعات الاثنية و الثقافية المحرومة و الضعيفة ، نظاما يتضمن تدابيرا لمساءلة الحكام ، و غيرهم ، تسهم فيه هذه المجموعات الثقافية الزاهية فى بناء هوية سودانية منشودة ماجدة ….
-١٠-
ينبغى ان يدرك ، ان امه السودان ، ذات تاريخ و حضارات مشرفة و ملهمة بالحيوية من لدن تهراقا ، و بغانغى و نوباتيا و المقره الى جيل الاستقلال ، امه تستمد قوتها و كيونتها من تنوعها الثقافى و العرقي ، امه يوصف رجالها بالشجاعة و البسالة و الاقدام ، هذا الفخر ينبغي أن يوجه لمواجهة تحديات الوحدة الوطنية و التنمية و الاتفاق و الإجماع لسودان مشرق و متألق ، مفاخرا به بين الأمم ، و لا سبيل لذلك الا باعلاء المصالح العليا للوطن ، و المصالحة و التواقق الوطني ، و نسيان مرارات و مؤمرات الماضى ، هذا فى ظنى ضرورة ملحة لراهن سودان اليوم . .. و سواها خرت القتات…
* القيادة الملهمة ، أى أن كانت مصدرها ، عليها إنجاز التوافق بين أبناء هذا الوطن الذى ظل و يظل يضرب به المثل فى التعايش السلمي…
* الأخذ بيد المبادرات أى كان مصدرها ، و العضد عليها بالنواجز ، شأنا وطنيا حقا و واجب يستحق التقدير والاحترام و الثناء ، فى وقت عجز الساسة و غيرهم عن القيام بدورهم الطليعى..
د.على الله عبدالرازق على الله..