مقالات

د.عبدالسلام محمد خير يكتب : مشروع الجزيرة يتعافى بالإبر الصينية وكرامات بروف بوني!

مشروع الجزيرة يتعافى بالإبر الصينية وكرامات بروف بوني!
زمان يا مقال!..الكاتب مشهور،ينتظره مصطفون أمام كشك الجرائد، يتوقعونه يتوعد مسؤولا ما، يدرك مسبقا أنه مساءل فيتورع،يحاسب نفسه قبل أن يحاسب..للمقال ضجة،له معجبون ومعقبون..يحرك الرأي العام وتوجهات المجتمع والدولة تجاه الإصلاح..وما إلى ذلك مما هو من قبيل الذكرى والتاريخ الآن فى عصر الصحافة الإلكترونية، الملامة!..عفوا فهي معذورة، اللوم لمن إتخذها بديلا يتيما..ثم إنها لا تتعمد النكوص عن ميراث أمها الورقية من رصانة وتبني للقضايا المصيرية بدليل هذه المبادرة الساخنة من موقع إلكتروني أطلق نداء ذكرني بما فعلت(الصحافة) يوم كرمها الناس بأن أطلقوا إسمها على(إمتداد الصحافة)!.

قضايا البلد تعددت لتلح على الحسم فى هذه الآونة،فهل تفلح الصحافة ورقية أوإلكترونية فى التصدى لقضية مشروع الجزيرة مثلا،من باب أن الزراعة(الذهب الأخضر)هي الإنفكاك من غبينة الدولار وسائر المعضلات؟!..حرك هذا السؤال صحفي ورقي الكتروني إقتصادي فأطلق مبادرة أسماها(نداء البوني)..قلم بروفسور البوني معروف،مؤثر كطلته، بشهادة الصحف والفضائيات..سكب عصارة جهده فكريا وإعلاميا وإقتصاديا من خلال برنامج أسبوعي لثلاث ساعات بقناة النيل الأزرق عنوانه(سبت أخضر)أهدافه على شعاره،وهو يصلح ديباجة لإستراتيجية الدولة(أن تكون حركة المجتمع أقوى من حركة الدولة،بالرصد والتحليل والمتابعة والتنبؤ بالمآلات..الآن الإقتصاد كله فى إتجاه عقار دولارات سيارات،نريده أن يذهب فى إتجاه مزرعة حظيرة صناعة)..تصور!..مشروع دستور أم شعار برنامج؟!.

البرنامج تواصل لنحو خمسة أعوام،ويتوسد الآن(اليوتيوب)..كان قد حشد له العلماء، وخبراء وخبيرات من كل بستان،وزراء بأيدولوجياتهم،وكلاء بمهنيتهم اللدود، وعمالقة إتحاد مزارعي الجزيرة بكامل هيبتهم وأبهتهم، حتى ظننا أن نهاية المشكلة وشيكة..ولكن!..قالها أحمد المصطفى على باب الإستقلال(أمني النفس بالآمال لكن..ولكن هذه لم لا تدعني)؟!..هنالك مناعة ضد(لكن)هذه،فالنداء جاء مقترنا بخبر مفاجأة(السودان والصين،العودة للشراكة والإستثمار)..تذكرت زيارتنا لبكين،كلامهم(عملي) وعينهم على(زراعتنا)!.

(أنقذوا الزراعة والمزارعين)..تحت هذا العنوان أورد موقع العهد أونلاين أن الدكتور عبداللطيف البوني الخبير الاقتصادي والمزارع بمشروع الجزيرة أطلق نداءا يحذر من نتيجة تكدس الإنتاج الزراعي دون تسويق..إنتاج وفير هذا الموسم، والحكومة لم تتدخل لشراء القطن والقمح من المزارعين،ضعف الأسعار المعلنة،تكلفة الإنتاج مرتفعة،والنتيجة ضعف العائد للمزارعين فماذا غير إحجامهم عن الزراعة في الموسم الزراعي المقبل؟!..هذه هي المعضلة.

يتكرر النداء كإستغاثة(أدركوا الزراعة والمزارعين، حتي لا يضيع الموسم المقبل)..أثار النداء ردود فعل وتصعيدات..الصحفي والمحلل الإقتصادي الأستاذ سنهوري عيسى تساءل:هل من مستجيب؟..وقرر أن يتبنى النداء الذي نشرته صحيفة(العهد اونلاين)الالكترونية التى يعمل بها، وحشد حوله دعم أهل الشان…الأستاذ محمد الأمين رشوان(الرأي العام)يصعد النداء على طريقة(لمن تدق الاجراس)؟!..تزايد المؤيدون لنداء إنقاذ الزراعة والمزارعين،ليتوجه مباشرة وعلى طريقة(اللهم فاشهد)إلي رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان،وأعضاء مجلس السيادة،ومجلس الوزراء المكلف، ووزراء الزراعة والمالية والتجارة ومحافظ البنك المركزي والبنوك التجارية والبنك الزراعي علي وجه الخصوص والمصدرين ورجال الأعمال وأبناء المزارعين،أن استجيبوا للنداء قبل فوات الأوان..فهل من مستجيب؟.

إنى كواحد ممن عاشوا فى كنف المشروع وجدت مبررا للإستجابة مساندة لموقع إلكتروني فى تصعيده للقضية حتى أوصلها ساحة المجلس السيادي، لكنى معول على دور البروف الذى ذكرنا بتجربة(حي الصحافة)..قلت له يوما إن الوصفة الإستراتيجية الناجعة هي(تحسيس المسؤولين)عمليا!..ومن إجتهد وأحسن صنعا فالله يهديه لأفضل السبل(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)-العنكبوت..إذهب أنت بنية من إجتهد وتوكل على الله فقاتل فى الموقع..تحرى أثر(آذانك)ومعالجاتك(عمليا) وتأكد أنها لم تذهب مع هوج الرياح أو تحفظ فى الأضابير كتوصيات المؤتمرات والورش..لا تيأس،مثل هذه الجهود الإستثنائية تحيط بها البركات، لا(تقع واطة)..يقول الشيخ الشعراوي إن البركة هي يد الله فى الأشياء، لنفاجأ بضوء فى نهاية النفق..حكاية البركات(متحمدة)جهود البوني بإذن الله..إنها تذكرني بما قيل عن بركات حلت ببروفسور عون الشريف حينما ألف موسوعة من عشرة أجزاء عن الأنساب فى السودان(بيت بيت)..فلقد ورد من وحي سيرة السلف أن البركات تهل بالجهود العظيمة..إن إعتكاف بروفسور بوني لإنقاذ المشروع الكنز ليست إستثناء..وللمصادفة تتتزامن هذه المحاولة للإستبشار وللتفكير(خارج الصندوق) مع خبر مبشر فى ذات الموقع!.

ورد فى موقع(العهد أونلاين)أن الصين أكدت رغبتها في إعادة العلاقات مع السودان في مجالات الإستثمار والتعاون بقطاعات النفط والتعدين والزراعة إلي وضعها الطبيعي، وأفضل ..وأكد السفير الصيني بالخرطوم خلال لقائه وزير المالية الدكتور جبريل إبراهيم، أن بلاده تولي أهمية بالغة للسودان لدوره الإيجابي في إستقرار المنطقة..رحب خبراء إقتصاديون، ووصفوا الخطوة بأنها إيجابية وستسهم في إنعاش الاقتصاد السوداني، خاصة وأن الظروف مواتية الآن بعد الحرب الروسية الأوكرانية لتأمين الغذاء ولإيجاد بدائل تمتص تداعيات الحرب علي إقتصاد البلدين..تصور!..العالم يتهيأ لإستقبال جديد مشروع الجزيرة العملاق.

خلال زيارتنا للصين تكشف شغفهم بخفايا الزراعة فى السوان،وإنبهارنا بسر زراعتهم..الزراعة عندهم محكومة بدستور خاص بها(القانون ذي الثماني نقاط فى الزراعة)..فماذا نتوقع أن تفعل الصين إذاما ألقت نظرة على مشروع الجزيرة اليوم وأخرى على تاريخه؟!.إن تجربتها فى الزراعة وفى العلاج بالإبر وكبرى حنتوب ليست محصورة فى المجال،إنها(مفاهيم) وليدة الثورة الثقافية التى خرجت الصين بعدها للعالم وتمددت إقتصاديا لتزعج دولا كبرى بحلولها السحرية،وبمصداقيتها..الإبر الصينية توحي بعلاج(خارج الصندوق)لأمراض إدارة الزراعة والوقت..لكن تبقى(الدولة) هي الأولي بحك جلدها بظفرها..شفى الله مشروع الجزيرة ليعود لعهده الأول- دولة داخل الدولة..وشكرا للعهد أون لاين، ولبروف بوني ومجاهداته(المباركة)لإشاعة ثقافة(التفكير خارج الصندوق)على طريقة عسى ولعل..وعسى ولعل أن نفاجأ يوما بلافتة جديدة بالمشروع تقرأ(24 البوني)على سياق(24 القرشى)-وهو تفتيش شهير قصته شبيهة بإمتداد الصحافة..في الأمر تذكار عزيز لتحولات أحدثها رجل الدولة الأول يوما(عبود)..والتاريخ قد يعيد نفسه.
د.عبدالسلام محمد خير

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى