د.عبدالسلام محمد خير يكتب حكاوي ناس تحب الشغل..(الفحل)مثالا!
فجائع وسائل التواصل تشغل الناس..فكأنما المذيع أحس بفاجعة أخري فسارع يسأل ضيفه متعجبا
(كيف)؟!..كررها بلهجة شفوقة، يا أخي من أين لك إنجاز كل هذا العمل فى مثل هذه الظروف؟!..رد بكل
بساطة(شلاقة..كدا)!..إحتارالبرنامج فترك الأمر غامضا..أي(شلاقة)هذه والمقام حافل بعمل وإنتاج فى
صميم حاجة البلد لتتجاوز الأزمات وتنهض!..ربما هو ضيف كبير في نظر نفسه يتواضع ليتجاوز حالة(غبن)فلا
أحد يعيره نظرة!..ويا للمصادفة!..نفس السؤال(كيف؟!)وذات الإجابة!..مسؤول معرض للمنتجات
بأرض المعارض أطلقها متبسما عقب جولة(النيل الأزرق)وسط خريجين طال إنتظارهم لوظيفة فثاروا علي الوضع بالإنتاج!.
أيا كان،فإن أنموذج(خريجون منتجون)و(عمل بلا حدود رغم الظروف)هو من صميم حاجة البلاد الآن..
(روح)ملهمة تحتاجها شرايين الدولة،بدء بإتخاذ القرار السليم والتعليم المواكب والصحة المخدومة وضبط
الأسعار وإمتلاك ناصية التفاوض ومشاريع من قبيل(صنع فى السودان)و(تمزيق فاتورة القمح)و(الحفاظ على صورة
السودان بالخارج)وغيرها..هناك حاجة لوجود أهل الهمة والإلهام فى كل موقع،من يحبون عملهم لدرجة التفاني
والتميز فيه أيا كانت الظروف فالبلد أكبر من كل الدسائس..والأفضل أن يلازم ذلك تقدير من أهل الشأن
يجعل(روح الإقدام) في مختلف الظروف(توجه عام)يغني من إعتبار العمل بكفاءة مجرد(شلاقة)- مضيعة وقت!..أعوذ بالله.
المواطن المتميز فى أدائه إكرامه واجب،من ذلك إشعاره بأن جهده مقدر،والأكرم له إحتساب الإمر لله
تعالى،الكفيل بالعون و(خير الجزاء)..همني الأمر فسألت عن معني(شلاقة)..جاءني أنها وردت في(قاموس العامية
السودانية)بمعني(التصدي والنزوع نحو الأشياء)..تفسير يشهيك فى الإستزادة،فنزعت(شلاقة كدا)أتحسس سر
الكلمة بين أناس(مغلوبين علي أمرهم)منهم من جعلها في حوار فضائي (فش غبينة)!.
تذكرت(صور شعبية)للأستاذ الطيب محمد الطيب،ودراسات لمشاهير فى مجال العامية..إستوقفني
كتاب نادر عنوانه(معجم الأسماء السودانية)للدكتور عبدالمطلب الفحل،2014-المجلد الاول،422صفحة..قدم
له مختصون وصفوا(الفحل)بأنه جازف واقتحم مجالا كالبحر،عمقا وكنوزا ومخاطر..بدأ بمن سبقوه فى هذا
المجال، إبن خلدون و(طبقات ود ضيف الله)ثم(موسوعة الأنساب)و(قاموس اللهجة العامية في
السودان)لبروفسورعون الشريف قاسم-عليهم جميعا رحمة الله..قال(الفحل)إن من أغراض معجمه(تعريق الاجيال
الحاضرة بلهجتهم العامية التى كادت تنسي)..كتر خيرك،كما كنت تقول لغيرك.
(شلاقة)العمل المضني داهمتني لأجازف فاقتحم مجاهل(معجم) هو(أكبر من أن يقوم به شخص واحد)كما
قال بروفسير يوسف الخليفة أبوبكر فى تقديمه(بل هو عمل يحتاج إلى مؤسسة ومال)..بروفسير علي أحمد
محمد بابكر ينوه لقدرات دكتور الفحل(الإقدام على ما ينوي فعله،وهو مكان ثقة فيما يقدم للأجيال يربطهم
بوطنهم ويجول فى عالمهم الفسيح)..بروفسير علي محمد شمو يرى في الأمر إلهاما ربانيا( الله سبحانه وتعالى قيض
لنا فى هذا البلد دكتور الفحل خليفة لبروف عون الذى أصدر بجهد مفرد خارق موسوعة أنساب أهل
السودان)..وينبهنا بروفسير عبدالله حمدنا الله لما يشبه كلمة السر(مع هذا المجهود الخارق فإن الكاتب يقدمه
بتواضع العلماء،ولو كان غيره لتاه به،ولمشى فى الأرض مرحا)..دكتور الصديق عمر الصديق ينوه:(يفيض حتى
ينوءهامشه،ويطاول المتن،وقد أحسن العرض أيما إحسان).. معجمان لا واحد.
والأمر كذلك بادرت جامعة المشرق فتبنته وقدمته هدية..رئيس الجامعة ومديرها الدكتور عمر حاج علي
حاج الحسن قدم للكتاب ممتدحا الفحل(هو من جيل جمع بين الريادة الإبداعية والمواكبة المستمرة والتجويد
المتفوق والإطلاع الغزير)..لعل د.عمر هذا أدري بخلفية ما قاله يوما وأصبح(وصية)..أن يكمل أجزاء الكتاب قبل أن يدنو الأجل..جامعته(المشرق)خلدت ذكراه
مبكرا،فأسست(مركز دكتورعبدالمطلب الفحل الثقافي)-أحد روافد الجامعة..هي الآن تتأهب للإنتقال لمقرها
الجديد الفخم،فلعلها تكمل الجميل فتلبي حلمه الأخير(طباعة الجزء الثاني)– نيته غالبة باذن الله.
نية المؤلف(عبادة)تتجلى فيما يتصدر الكتاب..إن ذكر الأسماء عبادة لخالقها(وعلم آم الأسماء كلها ثم عرضهم
على الملائكة)-سورة البقرة،موصولا بالحديث النبوي الشريف(من ولد له ولد فليحسن إسمه وأدبه)..هنا أدركت
فضل النية والإحتساب وراء جهد البشر،ففيم الغبن؟..فوجئت بنسخة من هذا الكتاب النادر مندسة
بمكتبتي عليها إهداء بروحه تلك البشوشة،يشيعها حوله أينما إتجه:(إلى صديقي صاحب أحلى وأشهى بليلة،الإبن
الدكتور عبدالسلام محمد خير،مع التحية..عبدالمطلب الفحل،6 /1 /2016)..رحمة الله عليك أيها الاعلامي
العالم (ود البلد)،(التربال) المقدام..كلمة بليلة هنا لها قصة،فإني(عزمته)يوم كان يقدم برنامج(بليلة
مباشر)ففاجاته بها منفردة!..إلتهمها على مضض، إنتصارا لفكرة برنامجه!..وضح أنه(مسكها لي)!.
ذات يوم زرته بالجامعة(شلاقة كدا)فاخذنى بشغف لمكتب المدير لأهنأ بمعرفته..تنقلنا داخل الجامعة،لأفاجأ:
(قاعة الدكتور عبد المطلب الفحل)..(قصة)!. يرافقني صامتا كأنه لم يفعل شيئا!..إن تكريم العاملين وهم
متوهجون فيه(فش غبينة)..ولربما أرادت(المشرق)أن تكون إشراقا لزمن يكرم فيه أهل العطاء وهم
فى(أحياء)..هذا أدعى لتنهل البلاد من عطائهم أكثر،وهاهو(الفحل)قد جاءهم بملحمة(المعجم) ليضرب
المثل لعطاء بلا حدود،وعن تواضع..بارك الله لبلادنا فيمن يخلصون لها،(الفحل) وأمثاله.
شكرا لجامعة المشرق،لقد تبنت تكريم من ظل يعمل فوق طاقته..كسبت رضاه،فزادها،وبقيت ذكراه
مضيئة..في ذلك عزاء لغيره،بمن فيهم صاحبنا الهمام المذكور في أول المقال،ولعل وزيره يكون ممن يطالعون
الصحف مازالوا فيعثر على هذا العدد ويسارع(يطيب خاطر)مغبون بوزارته..عسي ولعل..إني كلما وردت فى
الأخبار كلمة(مكلف)مقترنة بوزير حسبت أن المقصود هو إنه(مكلف) بإزالة غبن من تفاني عطاء للمهنة وللدولة
وأخلص لوطنه.. الدنيا بخير، والحمد لله.
د.عبدالسلام محمد خير