د.عبدالسلام محمد خير يكتب (حديث الناس)..إعلام إنتقالي لا تنقصه المهنية والأبوية
الخرطوم | العهد أونلاين
د.عبدالسلام محمد خير يكتب (حديث الناس)..إعلام إنتقالي لا تنقصه المهنية والأبوية
(أبو الصحف)الأستاذ أحمد يوسف هاشم،رحمه الله، بإيحاءاته جامعا للكلمة والصفوف، بقيت صورته مسيطرة
على خواطري طوال الحلقة..ما أحوج المهن إلى(أبوة)..بروفسور التجاني الماحي، رحمة الله،عرف
بأنه(أبو الطب النفسي)وعالميا(فريدرك تايلور)شهرته(الأب الروحي للإدارة)..المهنية والأبوية تستدعي(عراب
المهنة)مصدر الحكمة..قالها عراب:(الصحفي مسؤول عن ما كتب،وعن ما لم يكتب)!..مسؤولية ما نشر
مفهومة،فكيف تكون مسؤولا عن ما لم تجهر به؟!..أظنها مرافعة ضد الصمت فى مقام إحقاق الحق..حاولت أن
أستدعي أسانيد السابقين وأنا أشاهد حوارا يستنجد بالثلاثة معا(المهنية،الأبوية،المرجعية)لتأسيس نظام
إعلامي داعم لإستقرار البلاد..لا عذر لصمت العارفين وإن تجاسرت الأعذار،وما أكثرها هذه الأيام.
الأمر يستدعي تلاقي أهل الشأن وتلاقح الآراء،الكل في مجاله،خروجا عن صمت القادرين..بين أيدينا صدى لمبادرة
إنطلقت من منصة إعلامية ديدنها(الرأي والرأي الآخر)..طرح جدير بالمساندة ليبلغ غايته لصالح إعلام
مهني متجرد متفاعل مسنود بمرجعية المجتمع لدى تقلب الأجواء، ودائما..إعلام يبقى على العهد(سلطة رابعة)
والبعض عينه على تدفق المعلومات فيزددا طموحا(سلطة فوق السلطات)..المعالجات المرجوة متكاملة ثلاثية
الأبعاد(الإعلام الأصل،تواصل إجتماعي،إعلام إنتقالي)- ففيم الصمت؟.
ورد أن فى الأمر ضحايا..(الإعلام الإنتقالي)يبدو ضحية للصمت، فلقد ظل يراود منذ ثورة أكتوبر إلى أن
أفلح برنامج(حديث الناس) فى جمع أطراف متصلة بالتجربة فأفاضوا كل برؤياه..بقيت على منصة البرنامج
وأطرافه يغادرون ظلال لنقاش مفتوح يحفز للإستمرار، فالقضية متعلقه بالمهنة وبالوطن وبرشد الحكم وصلاح
الدولة ومآثر المجتمع ومطلوبات واقع سياسي جديد..قضية الإعلام الإنتقالي ليست وحدها على
الطاولة..هناك قضايا(الإعلام الأصل)وحداته يتصدرون المحافل منذ عصر(أبوالصحف)إلى زمن الناس هذا الذي
يتصدر إعلامه بروفسير على شمو، وصحافته الأستاذ محجوب محمد صالح،كلاهما مثال لأبوة حميمة
فاعلة..وهناك(سوشيال ميديا)تنطلق مغردة بلا عراب،بلا مرجعية،بلا مهنية..الثلاثة معا فى حاجة لمعالجة،علميا
ومهنيا ورقميا ومرجعيا..ما طرح يحفز لتحريك مشاركات متكاملة للمنابر وقد إبتدرها حوار ساخن تنادى
له(أكاديميون،مهنيون،وأهل تجربة)-كما يتراءى المشهد،الدكتور وجدي الكردي،الدكتور خالد
التجاني،الأستاذ لقمان أحمد،الأستاذ عارف الصاوي،تتوسطهم صحفية إعلامية مثقفة متجردة-إستاذة
نسرين النمر،تتقدم طاقما مبدعا تدل علي بصمته حيوية الحلقة ونزعة الإشفاق عليهم مما هو(مباشر).
تداعت الرؤى لتحفز لنقاش يتمدد خارج الشاشة..رسخت فى خلدي كمشاهد خلاصات(الإرتكاز على
مفاهيم الإعلام،الأخذ بالتجارب والأمثلة الناجحة،المهنية، لا جهة تقدم تصورا لإعلام إنتقالي،هناك إعلاميون قاوموا
الضغوظ،لا معاييرتحريرية)..والأخيرة جاءت كإقرار من ممارس- الأستاذ لقمان أحمد الذى ركز على التمويل بدءا
وختاما..إستوقفتني طرح دكتور وجدي(السودان يمتلك إعلاميين باذخين ومتطورين لكنهم مطحونين من قبل
المخدمين والدولة)..الأستاذ الصاوي توصيفه لحالة الإنتقال لافت(ما كان في زول عارف الحاجات بتتعمل
كيف؟)..وهو الذى عول على الأمثلة الناجحة،ربما على طريقة(أن توقد شمعة)منوها لتجربة الإعلام بعد إتفاقية
السلام 2005..ثم إنه يرشح(المهنية)كحل لدى تصنيف العاملين فى ظروف الإنتقال ليصمد تلقائيا من بإمكانهم
المواكبة..وكإتجاه تداعت مناداة بأن(يقوم الإعلاميون بتغيير عقلية السياسيين حتى لا يظلوا جزء من أدوات الصراع السياسي).
هناك صدى متعدد لما قيل..فكرة الأخذ بالتجارب الناجحة تذكر بتجربة(الصحافة الكردفانية)ومثالها مشارك فى الحلقة-الدكتور خالد
التجاني،وتجربة(الأهرام)المصرية- تتوالي التغييرات السياسية وهي باقية كالأهرام!..وخلال ورش التوثيق
لتاريخ الصحافة السودانية بمجلس الصحافة كان الهاجس تأسيس صحافة سودانية صامدة فى كل الظروف،تضرب
مثلا للمهنية والتجرد..معالجة أوضاع الإنتقال بمهنية تغني عن الإقصاء تعيد للأذهان تجربة الإنتقال الإعلامي عقب
الجلاء،فلقد أصبحت الإذاعة فى أيد(مهنيين)لم يمنعهم بطش المستعمر من الإنتماء للوطن..مثال آخر جدير بالذكر
فى هذا السياق،فوزير الإعلام ذات يوم إستدعى القيادات الإعلامية للتحاور حول نظام إعلامي إنتقالي منتظر وقال
لهم(أعلم أن منكم من كان يتلمس وطنيته بقدر ما كان النظام السابق وطنيا)!..الرسالة مفهومة(إبقوا وطنيين فى كل الظروف).
(الوطنية)أيدولوجية تلح على كل حوارات الإنتقال..تتعدد القضايا وتنداح الأيدولوجيا بلا حرج،لكل
رأيه والوطن للجميع..طرح هذا البرنامج على إمتداد سنواته يؤهل القناة للمضي فى مبادرة لتأسيس إعلام
ترتضيه أطراف الفعل السياسي ويفضى لما تشتهيه البلاد من توافق أساسه ثوابت المجتمع..هذا يعيدنا
لفكرة(المثال)،ألا تتراءى برامج وقنوات وإذاعات تصلح للقياس عليها كمثال؟..فلنشجع من يضربون(مثلا)والأمور عصية،بدلا من أن نلعن الظلام.
(حديث الناس)وأثر(أبوالصحف)يلهمان الحلول..روشتة(المثال)و(المهنية)تتراءى كتوارد الخواطر
في ورشة نظمتها الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون مؤخرا بحضور أبوي مهني باذخ تمثل في بروفسير على
شمو..قدم لها مدير عام الهيئة الأستاذ إبراهيم البزعي:(نتعامل مع الواقع برغم غياب السياسات،وضعف
المعينات..الهيئة تؤدي رسالتها مستندة على خبرات كوادرها المتمتعة بالمهنية والإحترافية)..وزير الإعلام
الدكتور جراهام عبدالقادر إفتتح الورشة وافتى:(السياسة الإعلامية التى أراها هي تساوي أصوات أهل
السودان،نريدها هيئة غير مقيدة تحترم نفسها بالإنحياز لقيم الشعب،ملهمة له،قريبة منه،تنافس بالخبرة
والمهنية..الغاية بناء وجدان جمعي لأهل السودان)..فلعله بهذه الروح يسال عن مخرجات ورشة الهيئة وحوار(النيل
الأزرق)بلسان حال أهله،حداة تراث العزة:(زحوا لي منها).
بروفسور علي شمو،الشاهد على تاريخ العلاقة بين
الإعلام والحكومة،عول على مساندة الدولة،بدء بالتمويل وشروط خدمة جاذبة وتحديث الأجهزة حتى لا تظل
معضلة الإعلام كما هي مع تعاقب الحكومات..قيادات الهيئة وإعلاميون وصحفيون وخبراء شاركوا بسخاء..
خلصت الورشة إلى(كتاب)تتصدره مطالبة بإقرار قانون للهيئة يحقق إستقلاليتها ويصون هيبتها،التمويل،تحسين
أوضاع العاملين،تطوير الآليات،إعتماد سياسات تحريرية تقوم على المهنية وإحترام الرأي والرأي الآخر..إنتهت
ورشة الهيئة وحلقة(حديث الناس)وبقي ملف (الإعلام المواكب)مفتوحا محفزا للدراسة والتفاهم والتوافق..ليته
يبلغ الوزارة المختصة فتتبناه،برغم الأعذار التي تتمترس،كشيطان(الصلاة قدام)!. والإعاذة بالله من كل تسويف.
د.عبدالسلام محمد خير