أهدتنا الذكرى خطابا يتجلى إخلاصا وخلاصا..(وإنك لعلى خلق عظيم)
بقلم : د.عبدالسلام محمد خير
بلغ بنا ربيع الآخر خواتيمه،كل ربيع وأنتم مستبشرين..كم من تجليات مفعمة بأشواق لربيع دائم(تبسما وثناء) بينما الأحداث تتعاقب ينسي بعضها بعضا ليظل الأمل هو(الخروج من المولد)بما يسدد الخطى والأمور عصية..لقد تأججت الأشواق مع الختام، فالخبر العاجل أن أبواب الحرمين الشريفين تتفتح!..لله الحمد..الرجاء يتعاظم وإن ضاق الحال مثلما(عصف) بأطفال ينتظرون أمهم وأعينهم على الحلوى(حسبوها لو أرادوا النجم جاءت بالدراري)!..قالها المجذوب،رحمه الله،وخلدها على شفاه الذاكرين الكابلي،شفاه الله..تتجدد الأشواق،والكل ينتظر(حلواه)فى ذكرى تؤجج الإستبشار بالقادم،تخلقا بأخلاق(المبعوث رحمة للعامين)صلى الله عليه وسلم..مدحه ربه(وإنك لعلى خلق عظيم)لنمدحه بذكر الله..هاهنا الحلوى(ألا بذكر الله تطمئن القلوب)..الكل يتبارون،من خيمة إلى إذاعة وفضائية وبيت،ومن خرج متوكلا على الله يريده تسبيحا بحمد الله يلاحق الأنفاس يقرب الرزق يستبين الطريق بضوء(اليقين).
دعوة مفعمة للإستعصام بقيم اليقين صدحت بها الأجواء..التنادي لشىء من خلقه صلى الله عليه وسلم الموصوف فى القرآن الكريم(وإنك لعلى خلق عظيم)..فسرها المفسرون(أي مستعليا بخلقه الذى من الله به عليه)..فى تفسير(السعدي) وردت إشارات دالة على إتصافه صلى الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق..عن أم المؤمنين،عائشة،رضي الله عنها أنه(كان خلقه القرآن)-سهلا، قريبا من الناس،مجيبا لدعوة من دعاه،قاضيا لحاجة من استقصاه، جابرا لقلب من سأله،إذا أراد أصحابه منه أمرا وافقهم عليه إذا لم يكن فيه محذور، يشاور،يعفو عن المسىء، لا يمسك عليه فلتات لسانه..ثم إنه صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك، وأكثر.
(الأسرار الربانية)تصدح بها الخيام(وأما أخلاقه صلى الله عليه وسلم فليس يحصرها ضبط الأقلام البشرية)..السيد محمد عثمان الميرغني يصطفى الشمائل المحمدية، التواضع، العفو، الجود، حسن المعاشرة،الورع،وإنه كان(عظيم الصفح عمن أساءه)..فما أحوج زمان الناس هذا لهذا،و(لشكر وحمد عبد معترف بتقصيره فى طاعتك يا ذي الإحسان والنعم)- كما أوصى الإمام المهدي،وعينه على وحدة أهل القبلة(اعرف شيخك وحب الكل)..سبحان الله!..(روشتة) مجربة لآلام الخلافات..الحكمة تتراءى أمامك و(عيون الشيخ اغمضن على حلم به كون كبير) فتزدهي الدنيا ويتسامى القوم وقد(تساقوا نشوة طابت مذاقا).
صادفت عالما بشوشا يحتشد حوله الناس بانتشاء(بروفسور عمر يوسف حمزة)..إنه يحفزهم للإقتداء بمن مدحه ربه(وإنك لعلى خلق عظيم)فيستنهض الهمم للتحلي بأخلاقه صلى الله عليه وسلم،والعمل بمنهجه،ويوصيهم بالرفق بالنساء(ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم)..(خيركم خيركم لأهله،وأنا خيركم لأهله)..إستطرد البروف مبينا كيف كان النبي صلى الله عليه يتعامل مع زوجاته،يكرمهن،يلاطفهن،يحتفي بصويحباتهن(كانوا يأتوننا أيام خديجة).
يتجلى(المولد)إقتداء..الجموع تتبسم علامة الرضا(رب أنت هيأت القدر)..فيتراءى ألف مخرج فى كل ساحة..إن البرنامج هنا مثلا يفيض بالتنوع وبالبشريات..المولد(يومي)محاضرة فأذكار وإنشاد،وفى الأمر ضيافة وهدايا ومنح لأهل الحاجة..مسجد بالثورة وقف على إعماره مبنى ومعنى الشيخ المحسن حسن أحمد العوض،بشره الله بالجنة،وبارك فى خلفه..إنه(مسجد الخيف)منارة الحارات،ملتقى أهل العلم من مختلف الطوائف ومن خارج البلاد،نزهة للقاصدين،وملاذا للصلاح والإصلاح..قوام خطابه الحكمة،فمنهج الشيخ البرعى حاضر(بوريك طبك..أحسن في من عاداك..أو من يحبك..واذكر إلاهك يوت).هكذا الأجواء حافلة بالمحفزات.
الغاية هي(الإقتداء) بمنهج صاحب الذكرى، صلى الله عليه وسلم، سلوكا يمشي بين الناس ومعاملات تشيع الرضا..تداعت حوارات ومراجعات..تابعت حوارا عن(رؤية للمسكوت عنه فى السيرة النبوية)يظهرالحاجة لفتاوي مواكبة للمستجدات..أما المرجعيات فالخيام بها حافلة..حظيت بكتاب(جامع الأوراد)السمانية،نسخة 2008م التى تولى طبعها الدكتور الشيخ الطيب الشيخ الفاتح الشيخ قريب الله،رحمه الله وبارك فيه ونفعنا بعلمه وفيضه..تعمق الكتاب فى طلب(العلم بالله)وحذر من(علم بلا عمل)..ونبهنا لنبدأ بأنفسنا(من بدأ بنفسه عرف ربه)ويذكرنا بأن(معرفة الرب فرض عين) فيعيدنا للقرآن الكريم (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)..أوضح إبن عباس معناها(يعرفونني ليوحدوني..معرفة النفس فرض عين،من جهل نفسه فهو أجهل بمعرفة ربه)..شيخ الطريقة يناصحنا بصحبة العارفين وأن نتواضع..وأن نلزم طريق الفقراء ونتعهد اليتامى..تذكرنا أن شاعرا علمه(شيخ الطريقة)صور(الزهد غنى)وحب اليتيم إقتداء(رب أرسلت يتيما قام بالحق رحيما..قد ذكرناه فهل نذكر من أمسي عديما)؟!..إنما تنقشع الغمة بدعاء هؤلاء(ويكون الضعف كالقوة حقا)- يا للبشرى.
تتعدد تجليات(المولد)إخلاصا لغيرنا وخلاصا مما نعاني،تخلقا(بأخلاقه)صلى الله عليه وسلم، والعمل(بهديه)و(الإقتداء)بنهجه،وبطلب(العلم)بدء بمعرفة الخالق،جل وعلا..هنالك مداخل تقرب الناس من هذا،ومنها التودد(إن رأس العقل بعد الإيمان التودد إلى الناس)قالها العارفون،وقالوا(من نظر إلى أخيه نظرة ود غفر له)..اللهم أغفر وسامح(ما اعتمدنا ربنا إلا عليكا،وذكرنا الهادي المختار ذكرى،ملأت أرواحنا طهرا وصبرا)..اللهم صل وسلم على من طهر أرواحنا،وعلى آله وصحبه،واجعلنا(كل العام) فى سيرته،نحسن إتباعه،حمدا لله وشكرا.