د. خالد صالح يكتب: نقوش على حائط العودة

د. خالد صالح يكتب: نقوش على حائط العودة
أخيرا عاد الإعيسر مجددا لتولي حقيبة الإعلام ، التي غادرها ضمن المغادرين بإقالة كل الوزراء المكلفين ، في أعقاب تعيين د. كامل إدريس كرئيس للوزراء، وقد حبس الإعلاميون الحادبون على مصلحة الوطن أنفاسهم ، بعد أن رَشَحَ في الوسائط الإعلامية ووسائل التواصل الإجتماعي ، أن هناك مرشحًا آخر خلاف الإعيسر ينتظر تعيينه خلف الكواليس .
ومهما يكن من أمر فقد عاد الإعيسر مرة أخرى إلى سدة وزارة الثقافة والإعلام يتكيء على جناحي نجاحاته السابقة في الفترة القصيرة التي تولى فيها حقيبة الثقافة والإعلام .
وقد لا يكون الإعيسر أكثر السودانيين تأهيلا في هذا المجال وأنسبهم لتولي المنصب بحكم المهنية والكفاءة ، لكنه اثبت نجاحات عدة خلال فترته السابقة ، لا ينكرها إلا مكابر.
الإعيسر نفض الغبار عن الوزارة ، وأعاد لها مكانتها وإعتبارها في سلم الوزارات السيادية، وقاد حملات إعلامية ناجحة ضد الحملات المناوئة للسودان والمناصرة للمليشيا المتمردة ، وفعل بشكل كبير منصب الناطق الرسمي بأسم الحكومة، والذي يشغله ( وزير الثقافة والإعلام ) بحكم منصبه ، فكان مُعبّرا بوضوح عن سياسات الحكومة ووجهة نظرها تجاه المليشيا المتمردة وحواضنها وداعميها بالخارج والداخل ، وظف الإعيسر
لهذا الغرض كل الوسائل الإعلامية المتاحة والمعروفة.
ومن حسنات الإعيسر مواكبته للإحداث ، والتعبير الفوري والرسمي عنها، فهو الذي يصدر البيانات العاجلة بشأن تطورات المواقف على جبهات القتال وتحرير المدن ، مما يعطي ثقة كبيرة للأخبار، كون مصدرها وزير الثقافة والإعلام نفسه. والمهم أن الإعيسر أحدث حراكا إعلاميا مشهودا، وقدم السردية الرسمية للأحداث في زمن الحرب بشكل واضح ، ويمكن القول ببساطة إنه نجح في جانب الإعلام .
وها قد عاد مجددا للوزارة ، نريد أن نذكره في هذا السياق ، أن الوزارة ليست معنية بالإعلام لوحده ، وأن الثقافة والسياحة والآثار لم تجد منه في الفترة السابقة الإهتمام ذاته الذي وجده الإعلام .
يحتاج الإعيسر جهودا لتطبيع الحياة الثقافية في البلاد، وإعادة الروح للدور والمراكز والجمعيات الثقافية والمكتبات في طول البلاد وعرضها، يحتاج إلى إحياء المسرح القومي ومسارح الولايات والفنون الشعبية والإكروبات.
ينتظر الإعيسر جهد كبير في توثيق العلاقة بين الوزارة وبين روافدها الأهلية كإتحادات الأدباء والكتاب والروائيين والشعراء والتشكليين والفنانين والمادحين وغيرهم من صناع الثقافة والمبدعين .
أكبر تحدٍ ينتظر الإعيسر في هذا الإتجاه هو توظيف كل هذا الطيف الواسع من المبدعين لنصرة البلاد في محنتها الحالية ودعم وجودية الدولة السودانية وإطارها القومي ونصرة قواتها المسلحة بالإبداع والشعر والموسيقى .
وتحقيق التكامل في هذا الإطار بين المبدعين وصناع الثقافة وبين الإعلاميين والمواعين الإعلامية.
أما السياحة والآثار ، فهذه تحتاج لملحمة وإهتمام متعاظم ، فقد كان هذا القطاع أكثر قطاعات الوزارة تضررا من الحرب ، بسرقة الآثار النادرة من المتحف القومي والمتاحف المتخصصة وتهريبها إلى خارج البلاد ، ترميم المتاحف وإستعادة الآثار المسروقة يعتبر تحدي كبير في هذا الوقت ويحتاج لتضافر جهود السودان مع
الهيئات والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية كاليونسكو والايسسكو والألسكو. كما ينتظر الوزارة عمل كبير لحفظ التراث ومخلفات الحرب الحالية بإنشاء متحف متخصص في هذا الشأن، يكون عبرة للمعتبرين ووجهة يزورها ضيوف البلاد، ومعلما تاريخيا لأجيال البلاد اللاحقة.
في السياق ذاته ينتظر الوزارة عمل كبير لتقييم الأضرار التي لحقت بحظيرة الدندر القومية ، إتبان إحتلال المليشيا لولاية سنار وتذليل الصعاب والمعوقات التي
تعترض الإستفادة القصوى من حظيرة والوجهات السياحية الأخرى في نهر النيل والشمالية وكسلا والبحر الأحمر والنيل الأزرق وجبال النوبة وجبل مرة.
السياحة في السودان تحتاج إلى دراسات علمية ومستثمرين يمتلكون المقدرة والجدية لتعظيم فوائدها في الدخل القومي ، وهو ما يحتاجه السودان في ظروفه الإقتصادية المعقدة.
بالمجمل.
وكما ألقى الاعيسر حجرا، حرك به راكد الإعلام ، يحتاج هذه المرة ، لجهودا وحجارة تحرك الساكن في المشهدين الثقافي والسياحي ، غير ذلك ، فإن الإعيسر سيجتر الماضي ليس إلا ، ويكرر تجربته الماضية .