د. خالد أحمد الحاج يكتب : من يتحمل الخطأ ؟
تحبير
د. خالد أحمد الحاج
من يتحمل الخطأ ؟
من باب الحرص على الاستقرار الاقتصادي، وانطلاقا من قناعاتي الشخصية بأن فتح أي آفاق جديدة للصادر السوداني على مستوى المنطقة يعد بمثابة كسب للبلاد هي في حاجة إليه، غير الجانب المهم المتمثل في زيادة حصائل الصادر، علاوة على تمكين القطاع الاقتصادي من مجابهة الأزمة الاقتصادية.
ولكن عندما تغرق سفينة محملة ب (١٦) ألف رأس من الماشية في طريقها للملكة العربية السعودية، وتقع حادثة الغرق هذه قبالة ميناء عثمان دقنة فإن هذا لا يخرج عن كونه تقصير ؟ كيف ستبرره هيئة الموانئ وشعبة الصادر لا أدري، من يتحمل مسئولية هذه الخسارة الفادحة ؟ مع العلم بأنها قد قدرت بحوالي (١٥) مليون ريال سعودي؟
ما يؤسف له أن حادثة الغرق هذه وقعت في وقت تفاءل فيه الشعب السوداني بعودة الثروة الحيوانية واللحوم لتصدر المشهد الاقتصادي، بعد هزات شهدها هذا القطاع الحيوي.
إذا كانت وزارة الثروة الحيوانية قد أكملت كافة الجوانب الفنية دون أن تقصر في واجبها، والتزمت باللوائح والإجراءات المنصوص عليها، حسب إفادة السيد وزير الثروة الحيوانية حافظ إبراهيم عبد النبي، فما الذي يجعل سلطات الموانئ والصادر تختار سفينة بهذه المواصفات، وهي تعلم تمام العلم بسعتها التي لا يمكن أن تقارن بهذه العدد من المواشي؟ بالإشارة إلى الصيانة التي أجريت على سفينة بدر التي رغما عن ذلك أفرغت حمولتها في وسط البحر.
من كل ما سبق ذكره، لا مبرر لمثل هذه الأخطاء، لأنها في الأخير ستكلف البلاد خسائر فادحة.
لذا لابد من محاسبة المقصرين، وقبل ذلك لابد من تجديد ضوابط الصادر حتى لا يتكرر الخطأ مرة أخرى، مع ضرورة إبعاد الوسطاء من هذا القطاع الاستراتيجي، لأن همهم في الأول والأخير أن يكسبوا، دون النظر إلى مثل هذه الخسائر.
ما استغرب له أن معظم السفن التي تقوم بعمليات صادر الثروة الحيوانية بها إشكالات فنية، كم من المواشي نفقت قبل أن تصل إلى محطتها الأخيرة !! وكم من المواشي أعيدت إلى البلاد بعد وصولها إلى الجهة التي طلبتها نتيجة لنقص المناعة.
تنويع الصادر مهم لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي يمر بها السودان، مع التأكيد على أن الاعتماد على صادر الذهب وحده لا يكفي، ولا المحاصيل الزراعية، بقدر ما العملية تكاملية.
بمزيد من الاهتمام بقطاع الثروة الحيوانية، فإن ميزان المدفوعات التجاري سيقفز لصالح الصادرات، بدلا عن العجز الناتج عن الزيادة الكبيرة في الواردات، وسيعالج في ذات الوقت الإخفاق الذي ظل ملازما للاقتصاد السوداني، لدرجة أنه وصف بالعجز، ووصل إلى مرحلة خشي الخبراء أن تقود إلى الانهيار .
غرق سفينة، بدر وما خلفته من خسائر، من المؤكد أن ذلك سيؤثر على الاقتصاد
السوداني، بيد أننا ما نزال نعول على قطاع الموانئ في ردم الهوة، وتجسير المسافة، بمزيد من التجويد يمكن للوضع بالموانئ أن يتحسن، المطلوب فقط أن تتعاقد هيئة المواني البحرية مع بواخر ذات جودة عالية، وبمواصفات تتماشى وطبيعة قطاع الثروة الحيوانية، إن ساهمت الدولة في رفع قدرات العاملين في قطاع الموانئ فإن نسبة الأخطاء وقتها ستقل كثيراً، ويمكن أن تجني الدولة ثمار ذلك عائدات هي في أشد الحاجة إليها.