د. خالد أحمد الحاج يكتب : من الشرق إلى الغرب
تحبير
د. خالد أحمد الحاج
من الشرق إلى الغرب
* مهما تكن المبررات والدوافع ليس من حق أريتريا كدولة جارة استضافة أي من مكونات شرق السودان بأراضيها، إلا بعد التنسيق مع حكومة السودان، لأنها صاحبة القرار، وهي المسئولة من البلد، فهناك العديد من الأبعاد والنتائج التي قد تترتب على مثل هذه الدعوات، وسدا لباب الذرائع لابد من اتخاذ اللازم قبل الشروع في مثل هذه الخطوات.
* مرد تحفظنا نتيجة لحساسية ملف شرق السودان، والتعقيدات التي تحيط به، هذا الملف من وجهة نظري يحتاج إلى حكمة، وبمقدور السودانيين تسوية قضاياهم دون تدخل خارجي، إن تهيأت الظروف لذلك، واقتنع أصحاب المصلحة بأهمية التفاوض، علاوة على أن ما يربط بعض مكونات الشرق بالنظام هناك لا يجعل أريتريا وسيطا مناسبا.
* قد يبرر البعض الخطوة التي اتخذها النظام الأريتري بما قامت به دولة جنوب السودان من وساطة بين الفرقاء السودانيين تمخض عنها اتفاق جوبا للسلام، وعودة العديد من فصائل دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان إلى الداخل، فما الذي يمنع أريتريا من أن تتوسط بين مكونات شرق السودان المختلفة مع بعضها البعض؟ أقول إن حيثيات سلام جوبا معلومة، وقد وجدت خطوة النظام بدولة جنوب السودان وقتها المباركة، وحشد لها التأييد من قبل الاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ودول الترويكا، مثلما حدث تماماً في نيفاشا، وفي أبوجا، وفي الدوحة.
* بيد أن الخلافات التي عليها مكونات شرق السودان بالمقدور طيها، ويمكن لأي منطقة بالسودان استضافة كيانات الشرق، وبحث الأزمة، بعد أن تحدد أجندة الحوار، والسقف الزمني للتفاوض.
* نقدر للنظام الأريتري حرصه على استقرار شرق السودان، والمساهمة في وضع حد لحالة الجفوة بين العموديات والتنسيقية والمكونات الأخرى، ولكن من واقع الظرف الدقيق الذي يمر به السودان بصورة عامة، والشرق بوجه خاص، يتطلب الأمر التداول في القضايا الخلافية بالداخل في هذا الوقت بالذات.
* أرجو ألا يفهم حديثي على أن فيه تشكيك في النوايا، بقدر ما هو الحرص على تهيئة الأجواء بالداخل للحوار والتفاوض، بالاستفادة من تراكم التجارب، والخبرات الثرة للسودانيين بهذا الخصوص.
* من ناحية أخرى فإن تعدي بعض المتفلتين التابعين لدولة تشاد على مناطق حدودية بولاية غرب دارفور وقتلهم ل(١٨) مواطنا من تلك الولاية، وجرح وإصابة آخرين، بجانب عمليات النهب والسلب التي رافقت تلك الأحداث الدامية، فإن ذلك أمر غير مقبول البتة، ولا يمكن السكوت عليه، علما بأن هناك قوات مشتركة من الطرفين(السودان وتشاد)، مهمتها حماية حدود البلدين من التعديات، وحماية المواطنين وممتلكاتهم كذلك، فأين كانت هذه القوات عند وقوع هذه الأحداث ؟
* مراجعة عمل هذه القوات لابد منه، لتتمكن من تأدية دورها على الوجه الأكمل، إن كان بتمشيط الحدود، أو بمراقبة أي تحركات مريبة هنا أو هناك، بجانب دفع جهود البلدين الرامية للتبادل التجاري وغيره، الرحمة والمغفرة لمن لقوا الله تعالى جراء هذه الحادثة المؤلمة، على أن تتم ملاحقة هذه الجماعات المتفلتة، واستعادة ما نهبوه، وإحالة القتلة إلى القضاء ليقول كلمته فيهم، شكرا للنظام التشادي الذي باشر التحقيق، وأكد بأن هذا حادث عارض، ولن يؤثر في علاقات شعبي البلدين، الذين تربط بينهم عرى عميقة، ووشائج توطدت عبر الحقبة والأزمنة.
* على حكومة السودان التحوط لمثل هذه الأحداث بما يلزم، كي لا تتكرر مستقبلا، وتقود إلى مواجهات في الحدود، وبدلا من أن تكون المناطق الحدودية للتبادل التجاري، والمنافع المشتركة، تصبح ساحة للمواجهات، لذا على الطرفين الاعتبار بهذه الحادثة المفجعة، باتخاذ التدابير اللازمة.
* عموما حدود السودان مع جواره تحتاج من الحكومة إلى إعادة ترتيبها من جديد، وتفعيل جوانب النفع الدبلوماسي مع دول الجوار، وحل الخلافات عبر التفاوض والحوار، مع التأكيد على أن للسلم الأفريقي الاعتبار في الأول والأخير.