د. خالد أحمد الحاج يكتب: الموسم الزراعي.. تطلعات ومخاوف
تحبير
د. خالد أحمد الحاج
الموسم الزراعي.. تطلعات ومخاوف
* في الزراعة حل لأزمة السودان الاقتصادية، إن أحسنت الدولة التعامل مع هذا الملف الحيوي، الأزمة الخانقة التي تمر بها بلادنا مردها لسوء التقديرات الاقتصادية، وبالرغم من أن الزراعة يجب أن تكون في سلم الترتيب، من واقع أن السودان بلد زراعي، ويمكن له أن يكون سلة غذاء العالم، لو أن أهل الاختصاص اهتموا بهذا القطاع بالصورة المطلوبة، إلا أن الإهمال طال هذا القطاع، فنتج عن ذلك تراجع كبير في الإنتاج، وعدم قدرة على المنافسة.
* الضائقة التي يمر بها الشعب أحد أسبابها التي يجب أن نتطرق لها أن عددا مقدرا من أفراد الشعب أصبحوا مستهلكين، أكثر من كونهم منتجين، لو أن قطاعا واسعا من الشعب امتهن الزراعة، ووجه طاقاته لزراعة الأراضي غير المستغلة لما كنا في هذا الدرك من التردي.
* مع التكلفة العالية للزراعة لم يعد بمقدور الكثيرين القيام بالزراعة، وهذه واحدة من النقاط الجوهرية التي ينبغي أن تجد حظها من التداول والنقاش في الملتقيات الزراعية، بحضور شركات الإنتاج التي تعمل على تنمية رؤوس الأموال الزراعية وتساند قطاع الإنتاج الذي تمثل فيه الزراعة رأس الرمح، والبنوك التي تمول الزراعة.
* بات المقتدر هو الوحيد القادر على مجابهة التكلفة الباهظة على الزراعة منذ فلاحة الأرض، وحتى مرحلة الحصاد.
* الخريف فصل ذو خصوصية لدى أهل السودان، ولا غرو أن اعتادت بعض المجموعات السكانية أن تحتفل بطريقة خاصة بمقدمه، وعند الحصاد.
* السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: بالرغم من أن هناك توسع في الرقعة الزراعية، وتنويع في المحاصيل عبر الدورات الزراعية التي يراعى فيها خصوبة الأرض، وقدرتها على الإنتاج، إلا أن خسائر هذا القطاع لا تحصى ولا تعد، الخسائر التي تلحق بالمزارعين مع ختام كل موسم زراعي تؤكد أن هناك إشكالية، إما أن تكون غائبة عن نظر أهل الاختصاص، أو أنهم أشاحوا بوجوههم عنها.
* أسباب عديدة قادت إلى تراجع الإنتاج، وأدت لدخول المزارعين في مشاكل لا أول لها ولا آخر، إما لعدم قدرتهم على سداد التمويل الذي تحصلوا عليه من البنوك في الوقت المحدد، أو نتيجة لعدم قدرتهم على تغطية نفقات الإنتاج( الأيدي العاملة- الخيش- مترتبات الحصاد- تحديات التسويق)، ناهيك عن هامش الربح.
* فأصبح الإعسار أكبر مهدد لمستقبل الزراعة في بلاد خصها المولى عز وجل بفيض من نعم، أولاها الأرض الخصبة، وثانيها تعدد مصادر الري، وثالثها قدرة الأرض على الإنتاج الجيد دون أن تقابل ذلك تكلفة تذكر.
* العديد من المنابر التي تطرقت إلى ضرورة ترسيخ ثقافة استخدام التقانات في الزراعة، والتي احتشد لها أغلب المزارعين أكدت وفي عدة دراسات مسحية اعتنت بها وزارة الزراعة نفسها، أن لدى المزارع السوداني رغبة في إدخال الآلة في فلاحة الأرض، وأنه راغب بالفعل في زيادة الإنتاج والإنتاجية، وأنه على يقين تام بأن الإرشاد الزراعي هو أولى خطواته في طريق تطوير زراعته، لكن (ما باليد حيلة).
* ارتفاع تكلفة إدخال التقانات على الزراعة هو الذي هزم الفكرة، وعدم قدرة المزارع على توفير البذور المحسنة ضاعف من التحديات، وفي ظل منافسة حامية حازت العديد من الدول المنافسة زراعيا على رضا الدول المستهلكة للإنتاج الزراعي، ليس لفرق في السعر، بل لأنها اتخذت الخطوات السليمة، بداية بتغيير النمط الزراعي، وطريقة إعداد الأرض، مرورا باستخدام البذور المحسنة، واعتماد التقانات بدلا عن الطرق التقليدية التي قادت لتحجيم الإنتاج، مع إتاحة الفرصة كاملة للمرشد الزراعي من أول مراحل الزراعة، وحتى لحظة الحصاد.
* توفير التمويل الكافي لتغطية المساحات المستهدفة لابد منه، مع ضرورة التحوط بالوقود الكافي لكي لا تتوقف عملية الإنتاج نتيجة لعدم كفاية الوقود، بجانب تواجد المختصين بالشأن الزراعي مع المزارعين وتعرفهم على الصعوبات أولا بأول مهم للغاية، بجانب التحسب لأي مهددات مثل: الآفات، والتعدي على المحصول من من غير أصحابه، كل هذه الهموم إن نظرت لها الجهات ذات الصلة بعين التقدير، فإن الزراعة ستعيد السودان مرة أخرى للواجهة، ووقتها يمكننا أن نقول إن السودان أصبح بالفعل سلة غذاء العالم.