تحبير
د.خالد أحمد الحاج يكتب : الخارطة الصحية بالبلاد
* من واقع الظروف الاقتصادية العسيرة التي تمر بها البلاد كان متوقعا أن يعاني القطاع الصحي من جراء ذلك على مستوى الخدمات الصحية، والتأهيل الكافي للكوادر،
وكذلك بالنسبة للأدوية وتوفيرها بأسعار في المتناول.
* وقد تلاحظ أن الأزمة قد تجلت بصورة واضحة منذ ظهور جائحة كورونا وانتشارها بصورة لم يسبق لها مثيل في الوقت القريب لجائحة من هذه الشاكلة.
* الندرة في الأدوية والعقاقير الطبية، علاوة على الارتفاع الجنوني في أسعار العقاقير الطبية أكبر مهددات الاستقرار الدوائي بالبلاد، لذلك لابد من توطين العلاج بالداخل، باعتبار أنه يجنب الدولة والمواطن الكثير من
الرهق والمعاناة حال فكروا في التداوي بالخارج، من واقع أن تكلفة العلاج بالخارج لم يعد بمقدور الكثيرين الوفاء بتكاليفها.
* نثمن الجهود الرامية لتوطين العلاج بالداخل، ونعتبر أن أي خطوة في هذا الاتجاه سليمة، ستقود إلى انفراجة، من الخطأ بمكان أن يتم تشخيص الحالة المرضية بصورة خاطئة، لأن ذلك يتبعه تناول أدوية معينة بدلا من أن
تخفف على المريض الألم، تجلب له مزيد من الأمراض التي لا قبل له بمجابهتها.
* مناعة الشخص هي التي تحدد مدى قدرته على مقاومة المرض، نتيجة لعدة محددات من ضمنها: صحة البدن
وهي الأساس الذي تبنى عليه الصحة العامة، أو(العافية) كما نقول في العامية، بجانب الثقافة الغذائية المعتادة والسائدة، والمعرفة التامة بكافة أنواع الأطعمة والفوائد
يجنيها الشخص حال تناولها، علاوة على الأمراض الوراثية التي تمثل أكبر تحدي للأجهزة الطبية.
* قدرة القطاع الصحي على مجابهة الأوبئة، وتمليك المواطن الحقائق كاملة عنها، وتعريفه بطرق التداوي منها، تجعل الوباء محاصرا في حدود ضيقة.
* الحقيقة التي يجب أن تقال أن “حمى الضنك” التي انتشرت ببعض مناطق السودان في الآونة الأخيرة، غابت عن الكثيرين الحقائق حولها، لذا كان معظم التناول
الإعلامي اجتهاد أما من الإعلاميين، أو من المؤسسات التي ينتمون لها، لكنه لم يبدد المخاوف التي ساورت الكثيرين إلا بعد أن انتشرت هذه الحميات بصورة مخيفة،
وهذا في اعتقادي قصور ما كان له أن يحدث لو أن هناك فرق طبية متخصصة قادرة على سبر الأغوار.
* غياب المعلومة وقت الحاجة إليها مسألة لابد أن يعاد النظر فيها، وعليه لابد من تغيير طريقة التفكير والتعاطي
مع الجوائح، تداركا لمثل هذه الأخطاء مستقبلا، ولابد من دراسة الظروف والملابسات التي أدت لظهور الجوائح حسب نوعها والفترة التي ظهرت فيها، وإعادة قراءة
الواقع والبيئة التي وقعت بها الجائحة، مع ضرورة مسح المجتمع لمعرفة مدى عمق الثقافة الصحية السائدة فيه والعكس، إن كان بحاجة إلى مزيد التثقيف الصحي أم لا.
* اعتادت مناطق البلاد المختلفة على انتشار الملاريا أثناء فصل الخريف ومع تزامن فصل الشتاء، أرقام خيالية في الإصابة تنتج عنها جملة من الوفيات.
* توزيع الناموسيات المشبعة فكرة طيبة، نتج عنها
انخفاض نسبة الإصابة، مواصلة توزيع هذه الناموسيات على مدن وأرياف السودان المختلفة ضروري ولابد منه، السيول والفيضانات التي ضربت البلاد في خريف هذا
العام زادت طين المعاناة بله، كان الأولى تجفيف البرك ومياه المناطق المنخفضة التي استحوذت على مساحات واسعة لفترة طويلة من الزمن وتسببت في توالد البعوض.
* بدعم وزارات الصحة، وبالاستفادة من طاقات الشباب، ومنظمات المجتمع المدني العاملة في المجال الإنساني يمكن أن نحاصر العديد من الأوبئة، بجانب المنظمات الدولية التي اعتادت أن تقدم خدماتها للقطاع الصحي،
بالتركيز على المناطق المتضررة، كل الذي تم التطرق له الغرض منه خدمة الصالح العام، وتصويب نظر الجهات المختصة لمواطن الخلل لتداركها مستقبلا، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.