د.خالد أحمد الحاج يكتب : الحلول الممكنة للأزمة السودانية
تحبير
د.خالد أحمد الحاج يكتب : الحلول الممكنة للأزمة السودانية
* في ظل انسداد الأفق السوداني من واقع الوصول إلى طريق شبه مسدود بين الفرقاء السودانيين رغما عن المبادرات الكثيرة تم طرحها للم شعث الفرقاء منذ تفجر الأزمة الحالية، وما تلاها من ظروف بالغة التعقيد أفرزت هذه المآلات الكارثية.
* من الواضح أن الأزمة أزمة ثقة بين الفرقاء، قبل أن تكون أزمة أيديولوجية، إذا كانت أطراف العملية السياسية مدركة لطبيعة الأزمة، ومنطلقة من هذا البعد فلن يعيها الحل، وإن كانت مسالكه متشعبة.
* المبادرة التي نادت بها جمهورية مصر العربية الشقيقة، والتي تبدو واحدة من رهانات الحل، إلا أن مواقف بعض القوى السياسية منفردة أو متحالفة من الجانب المصري تجعلنا نقول بأن قناعة السودانيين بحل أزمتهم فيما بينهم هي المفتاح، إن
فطنوا إلى ذلك بالفعل، كم من المبادرات ساندتها الولايات المتحدة الأمريكية منذ تفجر الأزمة الأخيرة، ولم تحقق شيئا من التطلعات ؟ ألم يسأل الجانب الأمريكي نفسه لماذا لم يتحقق التوافق بين قوى التحول المدني الديمقراطي بالرغم من دخوله وسيطا وميسرا ؟
* إن اتفقنا على أن أطراف الأزمة على شقي رحى، وأن رهان كل طرف على رؤية محددة هي السبيل لحل الأزمة بقناعات يرى أن التراجع أو النكوص عنها يعني أن تبق الازمة (محلك سر) إن اتفقنا على أن ذلك هو السبب في إطالة أمد الخلاف، وما
قاد إلى تعميق الأزمة، وساهم بقدر كبير في جعل الأوضاع مأزومة.. اقتصاديا لدرجة أن العديد من شرائح المجتمع شكت لطوب الأرض من الفقر والجوع وقلة الحيلة، وأن الأزمة أثرت بالسلب على التعليم، لدرجة أن المدارس أغلقت أبوابها في وجه التلاميذ لأكثر من مرة، في وقت كنا نتوقع فيه ألا تتأثر المدارس بتعقيدات المشهد.
* يبدوا أن البلايا تجر بعضها، بالنظر إلى حالة السيولة الأمنية، وتكرار مشهد الترويع والقتل إما عن طريق العصابات المتفلتة، أو جراء مفعول المخدرات المصنعة التي هددت حياة الأفراد والمجتمع، ناهيك عن انتشارها بصورة لم يسبق لها مثيل في أوساط الطلاب والشباب.
* السودان حاليا بحاجة ماسة لوضع حد للخلافات بين مكوناته السياسية، قبل التفكير بتشكيل حكومة لمتبقي عمر الفترة الانتقالية، كلما تأخرت مسألة التوصل لحل للأزمة السياسية، كلما زادت التعقيدات وتعمقت الأزمة.
* متى ما كانت هناك مبادرة ناتجة عن جماع المبادرات المطروحة فإنها بالأخير ستقود السودانيين إلى إجماع، لأول مرة تتعقد الأمور في بلادنا بهذه الطريقة، (الململة) من حالة الانفلات الأمني ببعض أطراف البلاد قد يكون لها ما بعدها، فأرجو أن
يتنبه المسؤولون إلى ذلك، وأن يحتاطوا له بما يلزم من التدابير، وأن يلتفتوا إلى هذه المسألة قبل أن تتسع دائرة الإنفلات الأمني للدرجة التي يصعب معها التعامل مع الموقف.
* التحذير من مغبة انتشار المخدرات وسط المجتمع يحتم أن يتحسن الوضع السياسي لتتفرق الحكومة لمجابهة هذه الحرب الضروس المستهدف بها شعبنا، صحيح أن الأجهزة النظامية وفي إطارها عملها المشترك قد باشرت عملها بصورة طيبة،
لدرجة أنها داهمت العديد من أوكار المخدرات، وضبطت العديد من المروجين، وزتج عن ذلك انحسار الترويج، إلا أن تمام التعافي يحتاج إلى عمل جماعي تقوده القوى السياسية مجتمعة، قبل أن تقوده قوى المجتمع المدني الأخرى، لتبرهن أنها بالفعل منحازة إلى صف الجماهير.
* أخيرا وليس آخرا كيف ستأتلف القوى السياسية ومصالحها متقاطعة ؟ كيف للاقتصاد أن يتعافى وثقة المجتمع الدولي ببلادنا تشوبها ضبابية كثيفة ؟ متى سندرك أن عمق خلافاتنا المتجزرة هو الذي جعل المجتمع الدولي يتحكم بنا، ويصدر لنا الحلول، وكان الأولى بنا حل أزماتنا بأنفسنا بدلا من أن ننتظرها من الآخرين، من واقع تاريخنا السياسي التليد، ووعينا التام بالأزمة، ومعرفتنا بكافة تفاصيلها وأبعادها.