د.خالد أحمد الحاج يكتب التوازن مطلوب
لا شك أن تعقيدات المشهد السياسي في السودان قد ساهمت بقدر كبير في حالة اللاتوازن التي تمر بها البلاد،
من واقع عدم وضوح الرؤية سياسيا بالرغم من الاجتهادات المبذولة من قبل الكتل السياسية بالداخل،
وعبر الميسرين، من واقع التناقض بين هذه الكتل، وهذا هو مكمن الأزمة، مع الوضع في الاعتبار لضرورة توحيد
رؤية القوى السياسية التي أقر الاتفاق الإطاري مشاركتها فيما تبقى من عمر الفترة الانتقالية. وقد تلاحظ أن
الاهتمام منصب أكثر في المشاركة في السلطة أكثر من الاهتمام بتسوية الأزمة ذات الأبعاد المختلفة لبعض القوى،
عليه لابد من إعادة النظر في المواقف السياسية لمصلحة الوطن واستقراره. التوازن مطلوب للوصول إلى الحد
الأدنى من التوافق، وفي هذا مصلحة للجميع، وفرصة لتقويم الاعوجاج. لا يفوت على فطنتكم أن الوضع
الاقتصادي المتذبذب قد ألقى بظلاله على معاش المواطن، ودونكم التراجع الكبير في الإنتاج، علاوة على تناقص
الصادرات مقابل الزيادة في حجم الاستيراد الذي يؤدي لتآكل الكتلة النقدية في العملات الحرة، والعملة الوطنية
متدحرجة للخلف بصورة تدعو للقلق، ومع ذلك فقد حكم الغلاء على السلع والخدمات الضرورية، لدرجة أن كثير من
التجار شكوا من ضعف القوة الشرائية، وقالوا بأن الكساد قد أحكم سيطرته على الأسواق. ونتيجة لهذه الإفرازات
السالبة باتت الأوضاع مع كل صباح تزداد صعوبة على المواطن المغلوب على أمره. تسوية الخلافات هي التي
تمهد لبناء دولة مدنية تعددية، وحال وصلت القوى السياسية إلى صيغة مثلى فسيضطر المجمتع الدولي لدعم
ومساندة هذه الخطوة فعليا. من عدة أبعاد تتكشف ملامح الأزمة.. إضراب العديد من المؤسسات التعليمية نتيجة
لعدم وفاء الأجور بمتطلبات المعيشة من ناحية، أوجب على الدولة النظر بعين الاهتمام والتقدير لمطالب المعلمين
المشروعة، وأن تسعى بالسرعة المطلوبة لتحسين أجورهم، باعتبار أنهم يمثلون حركة الوعي ومشعل النور في
المجتمع، ومن الناحية الأخرى نأمل ألا يكون الإضراب سببا في ضياع عام من أعمار أبنائنا وبناتنا التلاميذ نتيجة
لخلافات سياسية لا دخل للتلاميذ بها. وبالنظر إلى القطاع الصحي يتلاحظ حجم التحديات والظرف الذي يمر به هذا
القطاع، عليه لابد من وضع حد لأسباب ضعف الخدمات الصحية، إن كان ذلك عبر تفعيل دور القطاعين العام
والخاص في تهيئة الأجواء لضمان الاستقرار، مع العلم بأن الظروف التي يعمل فيها الأطباء وبقية الكوادر الصحية
ظروف قاسية جدا، تقابلها أجور دون الطموح، كل هذا يتطلب التحرك من جهات الاختصاص لتقوية العملية
الصحية، بتوفير الاحتياجات المطلوبة، ومعالجة ما يمكن معالجته، والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.