مقالات

د.خالد أحمد الحاج يكتب : الأشد فتكا بالمجتمع

تحبير
د.خالد أحمد الحاج
الأشد فتكا بالمجتمع

إذا كان السلاح النووي قادرا على إزالة دول بكاملها عن الوجود وفي لحظات، وإن كانت الأمراض قد أودت بحياة آلاف البشر على مستوى الكرة الأرضية منذ الخليقة الأولى، فهناك ما هو أشد منها خطورة على حياة سكان اليابسة، فقد أثبتت الدراسات والبحوث أن انتشار المخدرات، وتفشي ظاهرة الإدمان هو المهدد الحقيقي لسكان اليابسة، على اعتبار الإدمان إما أن يساهم في تعطيل وظائف الجسم، أو أن يؤثر بالسلب على القدرات العقلية، لذلك مئات الآلاف من المتعاطين فقدوا صوابهم نتيجة لتعاطي جرعة زائدة، أو أن قدراتهم كانت دون تلك الجرعة، وأكثر منهم فقدوا أرواحهم، وهم في ريعان الشباب نتيجة لاختيار سكة تعاطي المخدرات.
معلوم أن الفئة الأكثر استهدافا بالمخدرات هي فئة الشباب، تلك الفئة التي يعتمد عليها في الإعمار والتنمية والبناء.
تعتبر المخدرات من أكثر الآفات التي قضت على كثير من أخضر الأمم والشعوب،
ما يؤسف له فعلا أن دول العالم الثالث هي الأكثر تضررا من انتشار المخدرات التي شكلت تحديا كبيرا للحكومات، ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال التوعية بخطورة المخدرات، وقد تسببت هذه الآفة في أضرار كبيرة على كافة المستويات الاجتماعية.
وفي بعض المناطق باتت المخدرات الأشد وبالا على وجود أعداد ليست بالقليلة من السكان.
مع ظهور الحبوب المخدرة مؤخرا والتي تلت مرحلة التعاطي بواسطة الحقن، أضحى المروجون على درجة عالية من الحرص والحذر، بالرغم من أن أجهزة الشرطة على مستوى العالم قد ضبطت الآلاف منهم، وزجت بهم في غياهب السجون لعشرات السنين، إن لم يكن الحكم مؤبدا في بعض الحالات التي تستحق ذلك.
بلادنا وللأسف لم تسلم من انتشار المخدرات، ما حتم أن تقوم الجهات المختصة باتخاذ أقصى التحوطات اللازمة لمنع دخولها عبر المنافذ المختلفة، بجانب مراقبة وضبط الشبكات التي تقوم بعمليات الترويج، بالرغم من سقوط رؤوس عديدة من تجار المخدرات في يد الشرطة، إلا أن الخطر ما زال محدقا.
تجفيف بؤر المخدرات يبدأ بتأمين حدود البلاد المفتوحة مع دول الجوار، لأنها الحلقة الأضعف، ما يتوجب أن تحتاط الحكومة لذلك بكافة سبل المنع الممكنة، علاوة على المطارات والموانئ الجوية والبحرية، وكافة الطرق البرية، وذلك بتمكين السلطات المختصة بالأجهزة الحديثة التي تساعد على التقصي والكشف، لكي لا يفلت أي مروج من قبضة الشرطة.
وما تعدد حيل إدخال المخدرات إلا إمعان في تدمير الاقتصاد القومي، والدفع بمشروع إضعاف قوانا الحية (الشباب)، ليحكموا بذلك على جيل كامل بالفناء.
إذا كان (البنقو) من أقدم أنواع المخدرات التي انتشرت بالعديد من قارات العالم بجانب (الأفيون) و(الكوكايين) و(الهيروين)، فإن حبوب(الكبتاجون) و(الخرشة) و(الترامادول) و(الآيس كريستال) لا تقل عن تلك الأنواع سالفة الذكر خطورة.
ولكن للأسف الخلل في ضعف الوازع الديني، وفي تراجع القيم الاجتماعية التي كفلت تحصين المجتمع من التردي والضياع، بجانب ضعف الرقابة، والتراجع بصورة عامة في الخدمات، بجانب عدم تهيئة الظروف للشباب ليملأوا أوقات الفراغ بما يفيد، علاوة على غياب المصلح الاجتماعي، والخبير في شئون الأسرة والشباب.
على كافة مكونات المجتمع المساهمة بفاعلية في وضع حد لهذا الخطر الداهم، دور العبادة، دور العلم، المنابر الرسمية والشعبية، وسائل الإعلام، وسائل التواصل الاجتماعي.
لابد من حملة شاملة تنطلق من الجامعات، ومرافق الدولة المختلفة، ليشارك فيها قادة المجتمع، والمشاهير، والوسط الرياضي، ودور السينما، وعلى خشبات المسارح، وفي المنتديات الثقافية، وفي برامج العمل المختلفة، وفي أماكن النشاط المختلفة من منتزهات ومجالس أنس وغيرها، وفي الأسواق كذلك.

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى