د.خالد أحمد الحاج الوطن أولا
دون الخوض في التفاصيل الخاصة بنشاط وحركة تنقل القوات النظامية سواء كانت هذه التحركات ذات صلة
بقوات الدعم السريع أو القوات المسلحة أو أي قوات نظامية أخرى، لأن طبيعة عمل هذه القوات، والأدوار التي
تقوم بها تتطلب عدم الخوض فيها لأن لذلك ارتباط بأمن وسلامة الدولة، فضلا عن حساسية الأدوار التي تؤديها
هذه القوات، حتم علينا ذلك عند تعرضنا لأي موضوع ذو صلة بهذه القوات بوسائل الاتصال أن يكون في حدود
المعقول، لتطمين المواطن في المقام الأول، ومن ثم نزع فتيل الفتننة. لذا فإن أحداث مروي الأخيرة وفقا
للمعلومات التي تناقلتها وسائل الاتصال، والرأي العام الذي نتج عن هذه الأحداث بمواقع التواصل الاجتماعي جعل
كافة قطاعات الشعب السوداني تضع أياديها على قلوبها خوفا من انجرار البلاد إلى مواجهات مسلحة، لتصبح
ساحة لصراع يقضي على أخضر ويابس الدولة، ودونكم الأوضاع الأمنية المأساوية في العديد من دول المنطقة
التي مرت بظروف مشابهة لظروفنا، ولكن للأسف انفرط فيها عقد الأمن، وما ترتب على ذلك من فوضى، واختلاط
حابل بنابل يلزمنا أن نقلب الأمر من كافة جوانبه لتأمن بلادنا شر العواقب. من المؤكد أن عدم التوصل لاتفاق
بخصوص عمليات دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة وفقا للاتفاق الآطاري وحسب ما رشح في الأخبار
في الفترة الأخيرة قد ساهم في وقوع هذه الأحداث. على العموم عمليات الدمج التي تنتج عن أي اتفاق سلام يوقع
بين أطراف في أي بقعة من البقاع يتطلب أن تتحقق هذه الفرضية لعدة اعتبارات: لضمان وجود جيش واحد موحد
يضطلع بمهامه المدرجة بقانون القوات المسلحة، إن كانت عملية الدمج الخاصة بقوات الدعم السريع قد وصلت إلى
هذا الطريق المسدود فكيف سيكون الحال عندما يجري التداول حول دمج حركات الكفاح في الجيش؟ المرحلة
الحرجة التي تمر بها البلاد تتطلب من القائمين على الأمر من متخذي القرار والنافذين الحكمة عند اتخاذ أي خطوة
لها ما بعدها على المستوى الأمني بصورة عامة وعلى مستوى تداول السلطة. العمل على إرساء مشروع حكم
ديمقراطي مدني مستدام يتطلب منا أن نستلهم من الماضي ما يجعل حاضرنا واعدا ومستقبلنا أكثر استشرافا
للتنمية والإعمار. الناظر لواقعنا لا يخفى عليه الوضع القاسي الذي تمر به البلاد، تصوروا أن عجلة الاقتصاد شبه
معطلة نتيجة لخلل بنيوي في السياسات الاقتصادية الكلية، والتداول السلمي للسلطة لا زلنا راسبين في
امتحانه بالرغم من أن هنالك اجتهادات من بعض القوى السياسية للإصلاح، وعلى مستوى إشاعة مبدأ الحوار فإن
التجربة بحاجة لأن نسقط عليها بعضا من التجارب الناجحة على مستوى المنطقة، للأسف نحن لا نركز على
أخطائنا، وهذا ما يجعل المشهد مربكا وضبابيا. لابد أن نحول دون أن تتعمق الأزمة، وعليه لابد من تقليب صوت
العقل والحكمة، وتأكدوا أن هناك جهات خارجية معادية لن يهدأ لها بال إلا والسودان قد أصبح ليبيا أو سوريا أو يمن
أخرى، لذا لابد من اتخاذ القرارات التي تحفظ للدولة هيبتها، القرارات التي تعمل على سد أبواب الفرقة والشتات.