مقالات

د. ايمن لطيف يكتب: ..بالقلم الأسمر…إصحاح البيئة:المفاهيم.. الأهمية.. الأدوات والفوائد

د. ايمن لطيف يكتب: ..بالقلم الأسمر…إصحاح البيئة:المفاهيم.. الأهمية.. الأدوات والفوائد

 

 

■نفَّاج:
-في أي مجال من مجالات الحياة عندما يُبنى العمل على العلم “تعريفاً وتوصيفاً”، ثم يُتبع ذلك بالتخطيط المُمنهج وفق خطوات ترتكز على الأولويات و الإمكانات؛ مسبوقاً ذلك و “مصبوغاً” بضمير حي وإنسان مُثابر .. فإن النجاح سيكون هو الحليف والصديق بعد أن يكتب الله السداد والتوفيق..

●ولنتحدث عن “الصحة العامة” لامناص من الحديث عن “البيئة و إصحاحها” ولتتَّضِح الرؤية يتوجب علينا أن نبتدر وندلف إلى هذا الأمر المهم من باب التعريف المُبسَّط للبيئة.. و ماهية مكوناتها ، وأرتباطها الوثيق بحياة الإنسان في مختلف المناحي (صحة ، تنمية، إقتصاد…… إلخ)،

حيث يمكن تعريف البيئة بأنها:
كل ما يحيط بالإنسان من ماء وهواء ويابسة وفضاء خارجي، وكل ما تحتويه هذه الأوساط من جماد ونبات وحيوان وأشكال مختلفة من طاقة ونُظُم وعمليات طبيعية وأنشطة بشرية..

ومن التعريف أعلاه يمكن حصر عناصر البيئة في:
-عناصر فيزيائية
Physicsl elements
-و عناصر بيولوجية
Biological elements

●و لأن الحديث “العلمي” في جانب “البيئة” وتفصيلاتها ممتد ويحتاج لصحف وسجلات- لابد لنا أن نقفز مباشرة لنوجز و ننجز خطواتنا العملية- بعد أن “عرَّفنا البيئة” لننتقل بالحديث مباشرةً إلى (إصحاحها)..

●فإصحاح البيئة يمكن تعريفه بأنه عملية تحسين الظروف البيئية المحيطة بالإنسان لتعزيز الصحة العامة وصولاً “لرفاهيته”، وذلك من خلال المحافظة على نظافة البيئة والتخلص السليم من النفايات ومعالجة المياه والحد من عوامل التلوث التي تؤثر على صحة الأفراد والمجتمعات،

وبجانب آخر.. يمكن القول بأن الإصحاح البيئي يهدف إلى القضاء على مسبِّبات الأمراض مثل الحشرات والنواقل المختلفة، بغرض تحسين حياة الإنسان والمحافظة على صحته،

●وهنا لابد من القول بأن إقتصار إصحاح البيئة وأهمية هذا الأمر على جانب المحافظة على “الصحة العامة” فقط هو نوع من القصور في الفهم، لأن البيئة الصحيحة هي البوابة الرئيسة لتقدُّم أي مجتمع – أو “دولة” ونموَّها وتطور إقتصادها وصولاً إلى الهدف الأسمى وهو (التنمية المستدامة)..

●وإسقاطاً لما مضى من تعريف ومفاهيم حول البيئة وإصحاحها على واقعنا المُعاش في سودان مابعد الحرب، وتحديداً على العاصمة المثلثة “بمدنها الثلاث الكبرى” – و لأن من رأى ليس كمن سمع فإنني أعود لما سطرته بالقلم الاسمر قبل زُهاء الأربعة أشهُر من الآن إذبان زيارتي للخرطوم حيث ذكرت -حينها- أن العاصمة تحتاح لفترة تتراوح مابين ستة أشهر إلى عام كامل- كأقل تقدير ل”تنظف” وتكون جاهزة في الحد الأدنى لعودة حياة “صحيحة وصحيَّة” بالمفهوم الطبي البسيط، وذلك لما رأيته من أنقاض مُتراصَّة ونفايات مُتراكمة على الطرقات وفي مجاري المياه والمصارف، و غيرها من عوامل التلوُّث البيئي على مد البصر من خلال جولتي في مدن العاصمة الثلاث، و ربط كل ذلك بفصل الخريف “القادم وقتها”- مع النظر لعدم جاهزية المصارف والمجاري “المدفونة بالنفايات” والأنقاض، هذا بجانب التقارير والأخبار الرسمية الموثوقة التي كانت تتحدث عن إنتشار “الجُثث” والمدافن غير الرسمية في عدد من مناطق وأحياء الخرطوم..

●واليوم بعد مُضي تلك الأشهُر المعدودات من ذلك المقال نرى بأن إنتباه “الوزارة والولاية” -المتباطيء- لأمر النظافة وإصحاح البيئة ومكافحة نواقل الأمراض، بجانب النشاط الميداني الذي نفذته مجموعات من الشباب المتطوعين إلى جانب إستنفار مجموعة مقدرة من القوات النظامية وأنضمامها للحملة- كل ذلك – سيقود بلا شك إلى نتائج إيجابية عظيمة يكون لها بالغ الأثر في تقليل إنتشار الأمراض بصفة عامة، والمرتبطة بالنظافة العامة والبيئة السليمة بصفة خاصة،

●ولكن-
دون أن “نكسِّر المجاديف” أو نبخِّس تلك المجهودات الجبارة- الرسمية والشعبية- فإننا نرى بأن كل هذا النشاط الحكومي “القائم في فكرته الأساسية على التعبئة والإستنفار والتطوُّع” – لايكفي لوحده لخلق بيئة صحيحة مطمئنة بنسبة مائة بالمائة، ولا حتى ربما 70%، لأن الأمر يحتاج لعمل أكبر وأعظم – يقوم على الإستمرارية والديمومة- على الأقل في الفترة المقبلة، وهذا الأمر لن يتحقق الا بالتعاقد مع شركات (خارجية) متخصصة في النظافة ، بجانب شركات تعمل في مجالات البنى التحتية “الطرق والجسور والمصارف”، ويمكن الإستعانة ببعض الشركات التركية أو المغاربية أو المصرية -مثلاً- المتخصِّصة في مجال النظافة- عبر تفعيل برتكولات التعاون المشترك لإعادة إعمار الخرطوم مثلما حدث في أمر إستجلاب مهندسين من مصر للإشراف على إعادة بناء وصيانة الكباري والجسور الرابطة بين مُدن العاصمة الثلاث،، وقد رأيت بنفسي حين زيارتي لمصر مستوى النظام والإنضباط والنشاط لشركات و عُمَّال النظافة المصريين في جميع شوارع القاهرة على أمتدادها وضخامتها “مقارنة بشوارعنا وأزقتنا”، حيث يمكن الإستعانة بتلك الشركات وإمكاناتها مع توفير عمالة “سودانية” بأجور معقولة..

● ولابد من العلم بأن إصحاح البيئة لايقتصر فقط على “النظافة العامة” ونقل النفايات -على أهميتها- وإنما يمتد إلى محاربة كل ظواهر التلوث الضوضائي ، وصولاً إلى إعادة التفكير في كيفية تصميم المدن وإدارتها- كالأسواق ، ومواقف المواصلات الكبرى (جاكسون، المحطة الوسطى، الميناء البري، المؤسسة، الإستاد، ….. إلخ) ومراجعة مصارفها و مخارجها وأماكن جمع النفايات والتخلُّص منها- من أجل تقليل التلوث الناتج عن سوء إنتشار وتصميم تلك المواقع وأثره السالب على البيئة والصحة بصفة عامة..

●ونختم بالقول إن الصحة هي أساس بناء المجتمعات، وأن تكلفة الوقاية أقل بكثير من تكلفة العلاج، وأن التخطيط السليم في المجال الصحي يَفرِض علينا وضع “النظافة العامة و إصحاح البيئة والبنى التحتية” كأولويات عبر خطوات مدروسة تقوم على الإحترافية لضمان الإستمرارية، مع عدم إهمال الجانب التعبوي الشعبي بإشراك كافة شرائح المجتمع- كلٌ في مكانه وموقعه (المنزل ، الشارع، الحي ، مكان العمل ، المنطقة، المحلية .. ثم الولاية) ؛ لأن المحافظة على الصحة عملية تشاركية لاتكتمل الا بتضافر وتكامل الجهود الحكومية الرسمية والشعبية التطوعية..

نهاية المداد:
-اللّهُم أرحم روحاً أغلى من روحي#
و…
نلتقي إن كان “بالقلم” بقية#
*Dr.Ayman.A.latif*
Oct.2025

Jamal Kinany

صحيفة العهد اونلاين الإلكترونية جامعة لكل السودانيين تجدون فيها الرأي والرأي الآخر عبر منصات الأخبار والاقتصاد والرياضة والثقافة والفنون وقضايا المجتمع السوداني المتنوع والمتعدد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى