د. الشاذلي عبداللطيف يكتب:.. ترانيم الظلم..إلى صاحب «وهج الكلم»…

د. الشاذلي عبداللطيف يكتب:.. ترانيم الظلم..إلى صاحب «وهج الكلم»…
إلى قلمٍ إذا كتب أنار، وإذا أنار رفع، وإذا رفع أعاد للمعاني هيبتها، الدكتور حسن التجاني،
سلامٌ عليك بقدر ما تمنحه كلماتك من احترام، وبقدر ما تُعيده مقالاتك من ترتيبٍ نبيل للوعي العام.
فزاويتك—«وهج الكلام»—لم تعد مجرد مساحة للنشر، بل أصبحت منصة يعرفها القارئ من لغتها قبل عنوانها… منصة تتقاطع عندها الرؤى، ويستقيم بها الحوار، ويُعاد عبرها ضبط المزاج العام دون صخب ولا ادعاء.
قرأتُ إشارتك الأخيرة—الرقيقة والحكيمة—إلى رؤيتي ورؤية اللواء معاش د. عمر عبد الماجد، فلم أرَ فيها مقارنةً بين أشخاص، بل رأيتُ فنًّا إعلاميًّا نادرًا:
فنّ جمع الضوء من مصدرين مختلفين ليصنع صورة أوضح وأعمق وأكثر اتزانًا.
رؤية اللواء م. عمر
كانت كما وصفتها أنت:
رؤية رجلٍ عاش قلب المؤسسة، وواكب وعرف، وكتب بعينٍ لا يُمكن أن تخطئ التفاصيل.
عين ضابطٍ يظل صوته مسموعًا حتى بعد أن يخلع بزته، لأنه يعرف من داخل الممرات كيف يجب أن تكون حياة الضابط بعد التقاعد؛ كريمة، وافية، تحفظ ما تبقى من العمر كما حفظ في شبابه أمن الوطن.
أما الضوء الذي أراه من مكاني الحالي
فهو ضوءٌ يأتي من خارج الأسوار، لكنه لا يزال وفيًا لما بداخلها.
ضوء ابنٍ غادر الخدمة مبكرًا، لكنه لم يغادر معناها، ولا دفعتها، ولا قيمها.
ضوء المسافة التي لا تُبعد الإنسان، بل تمنحه قدرة أكبر على رؤية الصورة كاملة…
ضوء التجربة حين تصبح أصدق من القرب، وأصفى من الضجيج.
وقد جمعتم بين هذين المصدرين للضوء بطريقة لا يُتقنها إلا كاتب يعرف أن الرؤية لا تكتمل إلا حين تُقرأ من الداخل والخارج معًا…
من عين تجربةٍ ومن قلب ذاكرة…
من ظلّ المؤسسة ومن ضوء الحياة بعدها.
ولولا ذائقتكم العالية يا دكتور حسن، لما كان يمكن لرأيين قادمين من موقعين مختلفين أن يلتقيا بهذا الجمال…
على صفحة عمودكم، تساوت الزاويتان، وارتقى النقاش، واتسعت الفكرة من “رأي” إلى “مفهوم”… ومن “مقال” إلى “موقف”.
شكري لك—يا صاحب وهج الكلم—ليس على الإطراء، بل على تلك الرفق في القراءة، والعدل في الإشارة، والأناقة في المقاربة.
وليس على رفع المقام، بل على حفظ مقام كل من يكتب بصدقٍ عن هذه المؤسسة، من بقي فيها ومن غادرها.
دمتَ وهجًا…
ودام عمودك ميزانًا يعيد للكتابة معناها وللرأي هيبته.





